أوقفت السلطات الألمانية أحمد منصور مقدم البرامج في قناة الجزيرة القطرية، أمس السبت، في مطار برلين بموجب مذكرة الشرطة الدولية “الإنتربول” بناءً على طلب من نظام عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب.
يمثل اليوم الأحد، أحمد منصور مقدم البرامج في قناة “الجزيرة” القطرية، أمام قاضي تحقيق ألماني، بعد يوم من توقيفه من قبل السلطات الألمانية في مطار برلين.
وجرى توقيف منصور بينما كان يستعد لمغادرة برلين، بموجب مذكرة الشرطة الدولية “الإنتربول”، بناءً على طلب السلطات المصرية، على خلفية تهم ذات “طبيعة جنائية”.
وقالت قناة “الجزيرة” في أنباء بثتها إن السلطات الألمانية نقلت منصور لـلاحتجاز المؤقت بعد جلسة استماع له من قبل الشرطة أمس السبت، حيث قضى ليلته بأحد المخافر.
وتم توقيف منصور في ألمانيا، أمس السبت، استناداً إلى مذكرة صادرة عن “الانتربول” في 2 أكتوبر 2014، في حين أنه حصل من الإنتربول نفسه على وثيقة بتاريخ 21 من الشهر نفسه تفيد بأنه ليس مطلوبا في أي قضية، بحسب تصريحات لمقدم برامج الجزيرة، الذي أكد أن التهم الموجهة له “ملفقة”.
وقال فازلي ألتين، محامي منصور، أن الأخير “ملاحق بسبب تغطياته الإخبارية التي من شأنها إلحاق الضرر بصورة مصر على الصعيد الدولي”، وذلك في تصريح أدلى به، اليوم الأحد، من أمام مديرية أمن برلين، حيث توقع ألتين، اعتقال موكّله الذي سيمثل أمام القاضي في وقت لاحق من اليوم الأحد، عقب قراءة حيثيات توقيفه في وجهه.
وفي وقت سابق من اليوم الأحد، قالت الداخلية المصرية، في بيان أصدرته، إنها تنسق مع مكتب التعاون الدولي بوزارة العدل المصرية لإرسال ملف الاسترداد الخاص بمنصور، إلى الإنتربول، كونه مطلوب لتنفيذ حكم عليه، بالسجن المشدد مدة 15 سنة، “لقيامه وآخرين بالقبض بدون وجه حق على أحد المواطنين واحتجازه لعدة أيام وتعذيبه وصعقه بالكهرباء”، دون أن تذكر تفاصيل أكثر عن الحادثة.
ودعت قناة “الجزيرة”، السلطات الألمانية في بيان وصلوكالة “الأناضول” نسخة منه، لإطلاق سراح مذيعها منصور، الذي وصفه “مصطفى سواق” المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية بالوكالة، في البيان بأنه “من أكثر الصحفيين احتراماً في العالم العربي”.
وتتهم السلطات المصرية قناة الجزيرة، بمساندة جماعة الإخوان المسلمين، المنتمي إليها “محمد مرسي” أول رئيس مدني منتخب في مصر، والتي أعلنتها الحكومة المصرية في ديسمبر 2013 “جماعة إرهابية”.
وأحمد منصور هو كاتب وإعلامي مصري دشن حياته المهنية عبر مراسلة الصحف والمجلات خلال المرحلة الثانوية، وبدأ يمارس العمل الصحفي متدربا حينما التحق بالجامعة.
اشتهر بتغطيته لعدد من الحروب بينها حربا أفغانستان 2001 والعراق 2003، إلى جانب تقديمه لبرنامجي “بلا حدود” و”شاهد على العصر” على قناة الجزيرة الفضائية.
وعرف منصور بمعارضته الشديدة نظام عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب، الذي دأب على مهاجمته في برامجه، واصفا إياه بـ”النظام الانقلابي”.
مولده ونشأته
ولد أحمد منصور 16 يوليو 1962 في مدينة كفر الدوار بمحافظة البحيرة شمالي مصر، ونشأ وترعرع في قرية منية سمنود في مركز أجا بمحافظة الدقهلية بدلتا النيل.
التحق بالكتّاب(حلقات علم للصغار) قبل دخوله المدرسة الابتدائية، وحفظ ثلث القرآن وهو في العاشرة من عمره حيث كان لهذا تأثير في ولعه باللغة العربية التي درسها وآدابها في كلية الآداب بجامعة المنصورة في مصر وتخرج منها عام 1984.
بدأ نشاطه الطلابي مبكراً في المرحلة الإعدادية، حيث تولى خلال سنوات دراسته في الإعدادية والثانوية والجامعة رئاسة اتحاد الطلاب، والمسؤولية عن الإذاعة المدرسية وإدارة الندوات في المرحلة الجامعية، وعرف بعلاقاته المميزة مع أساتذته وزملائه.
التجربة الإعلامية
عمل مديراً لإدارة المطبوعات والنشر في إحدى دور النشر المصرية حتى نهاية عام 1986.
أشرف على إصدار أكثر من 150 كتاباً، ثم انتقل للعمل الصحفي حيث عمل مراسلا صحفيا لعدد من الصحف والمجلات العربية من باكستان لشؤون آسيا الوسطى وأفغانستان التي كانت تحت الاحتلال السوفياتي حتى عام 1990.
وقد أصدر خلال تلك الفترة أربعة كتب عن أفغانستان، ونشر أكثر من ألف تقرير ومقابلة صحفية وتحليل وخبر انفرادي عن الحرب الأفغانية في صحف ومجلات كانت تصدر في مصر والكويت والإمارات والسعودية.
أتاحت له بدايته كمراسل حربي تعلم فنون الصحافة وممارسة أشكال من العمل الصحفي من خلال تغطيته للحرب.
انتقل بعد ذلك للكويت حيث عمل مديرا لتحرير مجلة “المجتمع” الكويتية من عام 1990 وحتى بداية عام 1997، وقام خلال هذه الفترة بتغطية الحرب في البلقان بين عامي 1993 و1994 وأصدر كتابا عنها، كما قام بتطوير مجلة المجتمع خلال إدارته لها حيث أصبحت أهم المجلات السياسية الأسبوعية في منطقة الخليج وأكثرها توزيعا وانتشارا.
انتقل في بداية عام 1997 إلى قناة الجزيرة الفضائية للعمل كمنتج ومقدم برامج، وبعد دورة عمل مكثفة داخل غرفة الأخبار أصبح معدا ومقدما لبرنامج “الشريعة والحياة” حيث أعد خلال فترة تقديمه له -التي امتدت عاما ونصف العام- لبرنامجيه “بلا حدود” و”شاهد على العصر” اللذين ظهرا معا في بداية فبراير عام 1999.
“صوت الحقيقة”
عرف منصور بجرأته الشديدة، وثقافته الواسعة، وبحواراته الجادة مع ضيوف برامجه، وأسئلته اللاذعة، الأمر الذي جعله هدفا لبعض ممن لم يتسع صدرهم لنقده.
وسبق أن قدم منصور بلاغا لوزير الداخلية المصري على الهواء مباشرة في أحد برامجه عقب الاعتداء عليه بالضرب، في بلاغ كان الأول من نوعه إعلاميا آنذاك.
ففي 8 نوفمبر 2005، أثناء تواجد منصور أمام مكتب قناة الجزيرة بالقاهرة لاستقبال نعمان جمعة رئيس حزب الوفد الجديد لبدء حلقة برنامجه الأسبوعي “بلا حدود” الذي يذاع على قناة الجزيرة، فوجئ منصور بشخصين يتوجهان إليه خلال إجرائه مكالمة هاتفية.
وبعد انتهائه من إجراء المكالمة فاجأه أحد الشخصين بتوجيه لكمة مباشرة في وجهه، الأمر الذي أفقده توازنه وسقط على الأرض فقام كلا الشخصان بركله في وجهه ورأسه، الأمر الذي أدى إلى إصابته بكدمات وتورمات.
وقام منصور في مستهل حلقته بتقديم بلاغ على الهواء في واقعة الاعتداء عليه، حيث استهل حلقته قائلا “قبل أن أبدأ الحلقة أود أن أتقدم ببلاغ على الهواء مباشرة إلى السيد وزير الداخلية.. فقد تم الاعتداء عليَّ بالضرب المبرح.. أمام عمارة قناة الجزيرة هنا من قبل شخصين اقتربا مني في شكل اتضح إنه كمين واعتديا عليَّ بالضرب المبرح أمام الناس جميعا”.
وتابع وقتها “إذا كان الهدف هو إسكاتي عن قول الحقيقة فلن أتوقف عن قولها، وأرجو من السيد وزير الداخلية أن يهتم بهذا البلاغ فمصر الآمنة يجب أن تحمي أبناءها لاسيما الشرفاء منهم”.
كاتب ومؤلف
وإضافة إلى عمله في قناة “الجزيرة” يكتب منصور عمودا صحفيا يوميا ينشر في العديد من الصحف والمواقع الإخبارية ويتابعه على فيسبوك وتويتر أكثر من 3.4 ملايين متابع.
صدر لأحمد منصور 25 كتابا من أهمها “تحت وابل النيران في أفغانستان”، و”تحت وابل النيران في سراييفو”، و”قصة سقوط بغداد”، و”معركة الفلوجة”، و”أضواء على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط”.
كما كانت له تجربة مميزة في تحويل البرامج التليفزيونية إلى كتب مقروءة صدر منها حتى الآن خمسة كتب.