شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فضيحة التجسس الأميركي على رؤساء فرنسا تعيد للأذهان قضية “إيشلون”

فضيحة التجسس الأميركي على رؤساء فرنسا تعيد للأذهان قضية “إيشلون”
نشر موقع ويكيليكس، وثائق تؤكد تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية على قصر الإليزيه، بين العامين 2006 و2012؛ فقد قامت الولايات المتحدة الأميركية بالتنصت على هواتف رؤساء فرنسا

نشر موقع ويكيليكس، وثائق تؤكد تجسس وكالة الأمن القومي الأميركية على قصر الإليزيه، بين العامين 2006 و2012؛ فقد قامت الولايات المتحدة الأميركية بالتنصت على هواتف رؤساء فرنسا السابقين جاك شيراك وساركوزي والرئيس الحالي فرانسوا هولاند.

رؤساء فرنسا

نشر موقع ويكيليكس، أحدث تقارير التجسس الأميركي على فرنسا بتاريخ 22 مايو 2012، أي بعد أيام قليلة من تولي الرئيس فرانسوا هولاند مهام منصبه، ويفيد هذا التقرير أن الرئيس الفرنسي “وافق على عقد اجتماعات سرية في باريس لمناقشة أزمة منطقة اليورو وعلى الأخص عواقب خروج محتمل لليونان من منطقة اليورو”.

ومن أهم النقاط الواردة في التقرير “أن الرئيس الفرنسي وجد أن المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل التي التقاها في برلين يوم تنصيبه في 15 مايو 2012 تخلت عن اليونان وهي غير مستعدة لتقديم أي تنازل”، مضيفة أن “هذا جعل هولاند قلقًا جدًا على اليونان وعلى الشعب اليوناني الذي قد يرد بالتصويت لصالح حزب متطرف”.

وكشفت الوثائق أيضًا، أن هولاند وبعدما التقى ميركل اتصل بزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني سيجمار جابريال ودعاه إلى باريس لإجراء مناقشات، ونصحه رئيس الوزراء آنذاك جان مارك آيرولت بإبقاء الموضوع سريًا لتفادي “مشكلات دبلوماسية” إذا ما علمت المستشارة بأن باريس تلتقي المعارضة الألمانية من غير علمها.

ساركوزي

أما الرئيس السابق ساركوزي، فقد أعدت وكالة الأمن القومي الأميركي عنه تقريرًا بعنوان “ساركوزي يرى نفسه الوحيد القادر على تسوية الأزمة المالية العالمية”، وكتبت فيه أن الرئيس الفرنسي السابق “يعزو الكثير من المشكلات الاقتصادية الحالية إلى أخطاء ارتكبتها الحكومة الأميركية، لكنه يعتقد أن واشنطن باتت تأخذ الآن ببعض نصائحه”.

وجاء في التقرير، أنه “برأيه إنها أول مرة لم تتصرف الولايات المتحدة كزعيمة في إدارة أزمة عالمية وأن فرنسا ستتولى زمام المبادرة”، معتبرًا أنه “الوحيد بفعل الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي القادر على خوض المعركة في الوقت الراهن”.

وفي 24 مارس 2010، نقلت وكالة الأمن القومي محضر حديث جرى بين السفير الفرنسي في واشنطن بيار فيمون والمستشار الدبلوماسي لساركوزي في الإليزيه جان دافيد ليفيت، تناول المواضيع التي يود الرئيس بحثها خلال لقائه المقرر مع باراك أوباما في 31 مارس من تلك السنة.

الفضيحة في الصحف العالمية

خصصت  صحيفة ليبراسيون الفرنسية، أمس الثلاثاء، إحدى عشرة صفحة لتسريبات ويكيليكس وكتبت أن هذه المعلومات التي صنفتها الوكالة الأميركية ضمن المعلومات السرية للغاية، كانت تتحصل عليها عبر التجسس الإلكتروني واعتراض المكالمات الهاتفية للرؤساء الفرنسيين والمقربين منهم، وكل هذه المعلومات كانت موجهة لمسؤولي الوكالة و للمصالح الاستخباراية الأمريكية.

ونددت الصحيفة -في افتتاحيتها- بلجوء الولايات المتحدة إلى التجسس على الأعداء و الأصدقاء، وتقول ليبراسيون إن الوثائق التي نشرها الموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية إدوارد سنودن، توضح أن عمليات المراقبة التي تجريها وكالة الأمن القومي الأميركية غير محدودة وأنها متجذرة في شبكات التواصل العالمية.

وترى الصحيفة، أن تسريبات ويكيليكس المتعلقة بالرؤساء الفرنسيين تظهر إلى أي حد يحذر الأميركيون من حلفائهم الفرنسيين ويعتبرونهم حلفاء ومنافسين في الوقت نفسه، كما تعتبر الصحيفة أن لجوء الولايات المتحدة إلى جمع هذا الكم الهائل من المعلومات يوضح الحد الذي تكون معه الولايات المتحدة قادرة على استعمال كل الأساليب لتحقيق أهدافها على حساب الثقة والمصالح المتبادلة.

وقالت صحيفة دويتشة فيلة الألمانية، إن التجسس على فرنسا أمر غير مقبول بين الحلفاء كما تدعي أميركا في وصف علاقتها بفرنسا.

تداعيات الفضيحة

نددت فرنسا بالتجسس الأميركي الذي وصفته بـ”غير مقبول بين حلفاء” بعد تسريبات، واستدعت باريس السفيرة الأميركية لديها لتوضيح ما جاء في تلك التقارير.

وفي بيان صدر عن قصر الإليزيه في ختام اجتماع طارئ لمجلس الدفاع، اليوم الأربعاء، دعا إليه الرئيس فرنسوا هولاند، قال إن باريس “لن تسمح بأية أعمال تعرض أمنها للخطر”؛ وذلك إثر الكشف عن عمليات التنصت التي مارستها الولايات المتحدة على آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين”.

وتابع البيان: “السلطات الأميركية قطعت تعهدات”، ووعدت في نهاية 2013 بوقف برامج التنصت على حلفائها، ومن ثمة “يجب التذكير “بهذه التعهدات” والالتزام بها بشكل صارم”، منددًا بـ”وقائع غير مقبولة”.

البيت الأبيض ينفي

أكد البيت الأبيض، مساء أمس الثلاثاء، أنه لا يستهدف ولن يستهدف مكالمات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي نيد برايس: “نحن لا نستهدف ولن نستهدف اتصالات الرئيس هولاند”، من دون أن يأتي ذكر عمليات تنصت قد تكون حصلت في الماضي”.

وأضاف “نحن نعمل بشكل وثيق مع فرنسا على كل المواضيع ذات البعد الدولي والفرنسيون شركاء أساسيون”.

وأوضح المتحدث “بصورة عامة نحن لا ننفذ عمليات مراقبة في الخارج، إلا إذا كان هناك هدف محدد ومبرر يتعلق بالأمن القومي”، مضيفًا أن “هذا الأمر ينطبق على المواطنين العاديين كما على الزعماء العالميين”.

سياسة التجسس الأميركية

ليست هذه المرة الأولى التي تثار فيها قضية التجسس ما بين الولايات المتحدة وحلفائها من الدول الأوروبية، فدائمًا ما كانت هناك مخاوف لدى أوروبا من قيام الولايات المتحدة بالتجسس لأهداف سياسية واقتصادية، مستغلة في ذلك الجهود الاستخباراتية المشتركة فيما بينهما.

فعلى سبيل المثال، أصدر البرلمان الأوروبي سنة 2000 تقريرًا يتهم فيه الولايات المتحدة بمراقبة المكالمات، والفاكسات، والبريد الإلكتروني لشركات أوروبية من خلال برنامج تجسس يسمى “إيشلون”.

يعود هذا البرنامج إلى الحرب الباردة، وبمقتضاه تعاونت الأجهزة الاستخباراتية لكل من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا في مراقبة شبكات الاتصال حول العالم؛ بهدف التجسس على المعسكر الشرقي. وردًا على الاتهامات الأوروبية، أعلنت الولايات المتحدة إنهاء العمل بالبرنامج تمامًا في سبتمبر 2002.

وفي 2010 أيضًا، نشرت بعض المعلومات التي أثارت بدورها مخاوف الدول الأوروبية من استخدام الولايات المتحدة لبرنامج متابعة تمويل الإرهاب كغطاء للتجسس على الدول الأوروبية لأهداف اقتصادية، وأنها تقوم بنقل المعلومات الاقتصادية التي تحصل عليها من خلال التعاون في إطار هذا البرنامج لشركات أميركية.

وكذلك في مايو 2012، في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، اتهمت فرنسا الولايات المتحدة بشن هجوم إلكتروني على الفريق الانتخابي الخاص برئيس الجمهورية ساركوزي، تم من خلاله الاطلاع على الخطط الإستراتيجية الخاصة بالحملة، وهو ما نفته الولايات المتحدة.

يتضح من ذلك، أن الاتهامات للولايات المتحدة بالتجسس على حلفائها في أوروبا ليست بجديدة، ولكن ثمة مجموعة من العوامل أضفت على اتهامات التجسس هذه المرة قدرًا من الخصوصية أدت إلى تحولها لأزمة حقيقية تهدد العلاقات الأمريكية- الأوروبية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023