نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريرًا لمراسلها ديفيد كيركباتريك يرصد آراء الإسرائيليين والمصريين في مسلسل “حارة اليهود” الذي يُعرَض خلال شهر رمضان في مصر، واعتبرته الصحيفة “الأول من نوعه على شاشة التلفزيون المصري منذ ستة عقود”.
ورأت الصحيفة أن “المسلسل، الذي يعرض حاليًا على عدة قنوات، ويُعاد أكثر من مرة في اليوم، يمثل تحولًا صارخًا من معاداة السامية التي هيمنت على التلفزيون المصري لسنوات طويلة”.
ثناء إسرائيلي رسمي
واستهلت نيويورك تايمز تقريرها برصد ثناء السفارة الإسرائيلية في القاهرة على الحلقة الأولى، مستشهدة بما كتبته على صفحتها الفيسبوكية الرسمية، “للمرة الأولى “يُظهِر (المسلسل) اليهود في صورتهم الإنسانية الحقيقية، كبشر قبل أي شيء، ونحن نبارك ذلك”.
إشادة بالتعددية
وانتقلت الصحيفة لاستطلاع آراء المصريين على اختلاف أطيافهم؛ بدءًا من الإسلاميين مرورًا باليساريين ووصولا إلى الجالية اليهودية الصغير جدًا، قائلة، “شعر المصريون بالدهشة للتعاطف الذي يظهره المسلسل مع يهود مصر، وتصويره لهم بأنهم مناهضون بشدة للصهيونية، لكن البعض أشاد بروح التعددية التي كانت سائدة في ظل النظام الملكي المدعوم بريطانيًا، معتبرين يهود مصر في المسلسل تجسيد للثقافة الأكثر ليبرالية التي دمرها الانقلاب الناصري عام 1952”.
انتقادات “معادية للسامية”
وأضافت: “كثيرون آخرون انتقدوا المسلسل بمصطلحات صريحة- وصفتها نيويورك تايمز بأنها ” معادية للسامية”؛ لأنه “يظهر اليهود أفضل من المصريين” حسبما اعترض أحد المعلقين على صفحة صناع المسلسل في الفيس بوك، كما أعرب البعض عن فزعهم من إمكانية أن يتزوج الضابط المسلم من يهودية (مصير علاقتهما العاطفية جزء من التشويق).
تحالف مصري-إسرائيلي
وأردفت، “رأى الإسلاميون، إلى جانب آخرين، أن بث المسلسل يعكس تحالف السيسي الضمني مع إسرائيل ضد قوى الإسلام السياسي منذ إطاحته بالرئيس محمد مرسي قبل عامين”.
ونقلت استشهاد لقناة الجزيرة في تقريرٍ لها بوسائل الإعلام الإسرائيلية التي “اعتبرت المسلسل نتيجة لحقبة جديدة من العلاقات بين مصر وإسرائيل”، فيما “ربط البعض المسلسل بالتقارب المشترك بين السيسي وإسرائيل” ضد الحركات الإسلامية.
وقالت إحدى المسلمات في التقرير، “كيف يمكن بث مثل هذا المسلسل في بلدٍ مسلم، في حين أن هؤلاء يُعتبرون أعداء للإسلام والمسلمين”.
يهود مصر
وأشارت الصحيفة إلى “انتقاد زعيمة الطائفة اليهودية في مصر (عدد الباقين لا يتعدون أصابع اليدين) ماجدة هارون للحلقة الأولى من المسلسل؛ لحذفها التوراة من الكنيست، والمبالغة في الحديث عن ثروة الجالية اليهودية في الأربعينيات، وإظهار النساء اليهوديات في ملابس تكشف عادات غير واقعية”.
ونقلت عن صفحتها على الفيس بوك قولها، “ربما كانت الفساتين والتنانير أقصر في ذلك الحين، لكن هل كانت فتحة الملابس تصل إلى منتصف الفخذ؟ لا أعتقد”.
اليسار المصري
وأكملت الصحيفة رصد آراء المصريين في المسلسل قائلة، “اليساريون من ناحية أخرى، أخذوا على المسلسل أنه “أطلق زورًا على أسلافهم الشيوعيين أنهم صهاينة في السر- وهو الافتراء الذي لطالما ردده الإسلاميون والقوميون المنافسون”، على حد وصف الصحيفة.
واستشهدت نيويورك تايمز على ذلك، بشكوى السيدة ماجدة هارون، ابنة إحدى رواد اليسار المصري، من أن المسلسل يلصق بالشيوعيين اليهود تهمة “اللعب بعقول الناس؛ لتحويلهم إلى الصهيونية”.
الأشرار والأخيار
ولفتت الصحيفة إلى أن “الأشرار في المسلسل هم؛ الإسلاميون من جماعة الإخوان المسلمين، وليس اليهود، والشخص الذي تحبه ليلى هو ضابط جيش مسلم يُحتَفَى به كبطل في المجتمع اليهودي، وبينما يحظى الناصريون والجيش بنصيب الأسد من الثناء في المسلسل، يلقي اللوم على جماعة الإخوان المسلمين، حصريًا تقريبًا، في اضطهاد اليهود وصولا لإجبارهم على الخروج من مصر، مغفلًا دور القوميين في ذلك، في إشارة إلى أن الجماعة كانت أكثر اهتماما بمهاجمة جيرانهم اليهود من قتالهم ضد إسرائيل.
دور عبد الناصر
وسلطت الصحيفة الضوء على “تجاهل المسلسل التام للدور الحقيقي الذي لعبه الجيش في طرد اليهود المصريين خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر”، مشيرة إلى أن محمد عادل، مخرج المسلسل وابن شقيق كاتبه، أعرب عن عدم اقتناعه بأن ناصر طرد اليهود.
لكنه أشار- على أي حال- أن الحلقات تنتهي قبل موت عبدالناصر، قائلا: “إنها لا تخبرك بشيء لم تكن تعرفه مسبقًا”- في إشارة إلى دور عبد الناصر في طردهم- مضيفًا: “وإن كنتُ أشك في ذلك”.
بيدَ أنه أعرب أيضًا عن حيرته حيال ثناء السفارة الإسرائيلية قائلا: “المسلسل لا يدعم الإسرائيليين، بل ضدهم، فإسرائيل هي العدو الأول لمصر”. وأصر على أن المسلسل “تناول التاريخ بصدق”.