بعد عامين على ثورة 30 يونيو 2013، ما زال ملايين المصريين الذين تظاهروا في ذلك اليوم المشهود، ينتظرون تحقق الآمال التي حشدتهم ضد حكم «الإخوان» والرئيس محمد مرسي.
استعراض الواقع المصري اليوم في تفاصيله الداخلية وحركته الخارجية، يعطي صورة ملتبسة في حاجة إلى الكثير من الصبر لتفكيك عناصرها. المشكلات الكبيرة الموروثة منذ عقود تزداد تعقيداً فيما العلاجات المطروحة متواضعة النتائج والأثر.
فالاقتصاد ما زال في وضع معلق، في انتظار أن تأتي المشاريع الكبرى أكلها الموعود على رغم إثارتها الكثير من انتقادات المتخصصين وتحفظاتهم، مثل العاصمة الجديدة وقناة السويس الجديدة. والسياحة التي تعكس، بين ما تعكس، صورة البلد في الخارج (وتؤشر بسبب هشاشتها إلى متانة الوضع في البلد الذي يقصده السياح)، فما زالت تترنح بين تدهور الخدمات السياحية واستهداف الجماعات الإرهابية لهذه الصناعة.
القطاعات الإنتاجية يعاني كل منها أزمات هيكلية تتعلق في الأساس في وظائفها وأدوارها على المستويين الداخلي والخارجي، من جهتي تأمين الضرورات الاستهلاكية لسوق كبيرة ضعيفة القدرة الشرائية، وتأمين التصدير إلى أسواق تشهد تنافساً حاداً، فيما يشتكي المستثمرون الأجانب من التعقيدات الإجرائية ومن نقص في الشفافية.
ثقافياً، المشهد غير مشجع، ففيما تغرق الإنتاجات الأدبية المتميزة حقاً التي تصدر بين حين وآخر عن شبان موهوبين، في اللامبالاة والإهمال العامين، تتصدر وسائل الإعلام ومؤسسات صناعة الرأي نقاشات يحق للمشاهد التساؤل عن جدواها ومعناها. عدد كبير من البرامج الحوارية أقرب ما تكون إلى المونولوجات التي يخصص المسؤول عنها وقتاً طويلاً في عرض رؤاه وأفكاره لأوضاع البلد، وفق جدول أعماله الشخصي. وذلك في الوقت الذي لا تبدو فيه واضحة عند وسائل الإعلام تلك، صورة العالم المحيط الذي تسود في تفسيره نظريات المؤامرة الإسرائيلية والأمريكية والتركية المتبدلة بحسب مزاج غامض ومتقلب، ما يحمل على السؤال عن علاقة هذه المؤامرات بالصعوبات الداخلية.
وليس سراً أن الآمال العربية التي عُلقت على السلطة المصرية بعد الرئيس السابق محمد مرسي لم تصل الى النتيجة المأمولة، فقد كان الرهان يتركز على استعادة مصر دوراً عربياً مؤثراً في المنطقة التي تنهار دولها واحدة بعد الأخرى، وتتعرض إلى تهديدات شتى تراوح بين التمدد الإيراني وتصلب التيارات الإرهابية من «داعش» وما يشبهها. أسئلة كثيرة إضافية طرحها الموقف المصري من تطورات اليمن.
إذا رغبنا في البقاء في حيز التفاؤل والأمل، لقلنا إن الحراك المصري لم يتوقف منذ 25 يناير 2011، لكنه دخل في طور أكثر صعوبة وتعقيداً، بحيث يطرح على المجتمع والدولة المزيد من المهمات في مجالات الاقتصاد والسياسة والاجتماع، وأسئلة دقيقة تتطلب مواجهتها شجاعة كبيرة.