استهدف “تنظيم الدولة”، في هجوم دامٍ، أمس الجمعة، فندقًا بولاية سوسة على الساحل التونسي، والذي خلف 39 قتيلًا بمن فيهم المهاجم.
وجاء في بيان التنظيم، على موقع “تويتر”، أن “منفذ العملية يدعى أبو يحيى القيرواني، وتمكن من الوصول إلى الهدف رغم الإجراءات الأمنية المشددة، وقتل قرابة الأربعين، معظمهم من رعايا دول التحالف الصليبي التي تحارب دولة الخلافة”، على حد قول البيان.
ضربة موجعة للبلاد
خيمت أجواء من الترقب والصدمة على التونسيين؛ حيث اعتبروا الهجوم الإرهابي على فندق مدينة سوسة ضربة موجعة للبلاد، وتشير إلى أن الجماعات الإرهابية ماضية في تقويض أسس الدولة والمجتمع وممعنة في الزج بتونس في دوامة من العنف والفوضى الأمنية والاجتماعية.
ووصف سياسيون وخبراء، الهجوم بـ”كارثة على تونس” تستهدف الشعب وإجهاض التجربة الديمقراطية الناشئة، مشددين على أن “الدولة التونسية لن تركع للإرهاب”.
قال كمال الفرشيشي، وهو سائق سيارة أجرة، إن هجوم سوسة يعد إشارة على أن تونس في طريق الخطأ ومهددة في كيانها كدولة، لافتًا إلي أن الإرهابيين يسعون إلى إسقاط الدولة وبث الفتنة مثلما يحدث في ليبيا”.
وأضاف قائلًا: “لقد أعلنوا علينا الحرب وليس لتونس من حل سوى إعلان الحرب عليهم”، وأرجع الهجوم إلى ما قال تسامح السلطات مع الإرهابيين الذين استولوا على العشرات من المساجد وجعلوا منها أوكارًا لتفريخ الإرهاب”.
تداعيات الحادث في الداخل التونسي
دفعت خطورة الهجوم الذي ضرب في العمق “هيبة الدولة” واقتصاد البلاد المنهك من خلال ضرب القطاع السياحي، بكل من الرئيس الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة الحبيب الصيد، إلى مغادرة تونس العاصمة باتجاه مدينة سوسة لمتابعة الأوضاع عن قرب.
وقال قائد السبسي -لوسائل الإعلام في سوسة-: “إن الإرهاب لا يستهدف فقط عناصر الأمن والجيش الذين دفعوا ضريبة دفاعهم عن تونس باهظًا، وإنما يستهدف تونس”، داعيًا التونسيين إلى “التوحد وعدم الانسياق وراء بعض السياسيين الذين يستهدفون الدولة لإسقاطها”.
وأكد أنه سيتم إغلاق المساجد الـ80 خلال أسبوع، متهمًا تلك المساجد بالتحريض على العنف.
وشدد “الصيد” على أن مواجهة الإرهاب مسؤولية وطنية، ودعا التونسيين إلى التنسيق مع الحكومة ومساعدتها.
وأضاف، سيتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد الأحزاب والجمعيات التي تخالف الدستور قد تصل إلى الحل، فكل حزب أو جمعية تكون غير محترمة للمبادئ الأساسية للدستور التونسي الجديد سيقع التنبيه عليها وإذا لزم الأمر حلها”.
وقال “الصيد” إنه ستتم “إعادة النظر في المرسوم المنظم للجمعيات، خاصة فيما يتعلق بالتمويل وإخضاعه للرقابة القانونية للدولة.. تمويل الإرهاب يأتي أحيانًا من جمعيات تساند الإرهاب”.
وأوضح أنه تمت “دعوة جيش الاحتياط لتعزيز التواجد العسكري والأمني في المناطق الحساسة، والمواقع التي فيها خطر إرهابي.. وتكثيف الحملات والمداهمات لتتبع العناصر المشبوهة والخلايا النائمة في إطار احترام القانون”.
وأعلن رئيس الحكومة التونسية، عن وضع مخطط استثنائي لمزيد من تأمين المواقع السياحية والأثرية بنشر وحدات مسلحة من الأمن السياحي على كامل السواحل وكذلك داخل الفنادق بداية من مطلع يوليو المقبل.
وأشار الصيد، إلى أنه تمت دعوة كل الأحزاب التونسية لقصر الحكومة لإيضاح الأمور لها وتعزيز الوحدة الوطنية.
التداعيات الخارجية للحادث
اتخذت بعض الدول الأجنبية إجراءات بعد الحادث؛ فقامت إسبانيا وتركيا واليونان بإلغاء رحلاتها المتجهة إلى تونس.
وأبلغت السلطات البلجيكية، شركات الطيران، خاصة “جيت إير”، بتغيير مسار طائراتها بالعودة إلى بروكسل، بعد وصولها إلى البحر المتوسط خلال توجهها لتونس، وفقًا لما جاء على لسان أحد المرشدين السياحيين بالشركة.
وقالت صحيفة “لو فيجارو” الفرنسية، إن الرحلة البلجيكية التي غيرت مسارها كانت تحمل 170 راكبًا على متنها.
ورفع عدد من الدول الأوروبية من مستوى التحذير بعد الهجمة الإرهابية التي استهدفت تونس؛ حيث أصدرت أجهزة الأمن الأميركية تحذيرًا من “تهديدات إرهابية محتملة” قد تستهدف “يوم الاستقلال” فى الرابع من يوليو المقبل، بحسب ما أكده مسؤولون أمنيون.
ويرى سياسيون، أن إعلان “تنظيم الدولة “الحرب على تونس لم يعد “فرضية” وإنما “واقع”، لافتين إلى ضرورة مواجهته من خلال “حرب مضادة” بأتم معنى الكلمة.