مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، ما زال عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، يعيش أزمة حقيقية وتخوفًا من البرلمان القادم، رغم الاجتماعات واللقاءات التي يجريها مع القوي السياسية ورجال الأعمال في مصر، ومبادرته بدعوة الأحزاب والقوى السياسية الداعمة لنظامه، للاتفاق على قائمة موحّدة لخوض انتخابات مجلس النواب المقبلة، من دون تحديد موعدها.
السيسي يجتمع مع القوى السياسية
وظهر السيسي في إفطار نظّمته مؤسسة الرئاسة المصرية لعددٍ من الشخصيات العامة وممثلي الأقاليم، في فندق تابع للقوات المسلّحة، وتمنى أن “يكون في مصر برلمان، بعد افتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس، وقبل نهاية العام الجاري”.
وبعدها اجتمع السيسي برجال الأعمال في محاولة لإزالة أي توتر، أو خلاف مع مؤسسة الرئاسة، وطالب السيسي رجال الأعمال بالتبرع.
فشل القائمة الموحدة
ويعاني السيسي من الفشل في إنشاء قائمة موحدة ومحاولة كل فصيل السيطرة علي البرلمان، في ظل تخوف السيسي من البرلمان القادم؛ حيث يتمتع بصلاحيات كبيرة قد تصل إلى عزل الرئيس.
وأسهم فشل رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري، والمرشح الرئاسي الأسبق عمرو موسى، في تأدية دور “الشخصية السياسية الثقيلة”، في تأخير السيسي خطوته، بعد ابتعادهما عن بورصة الترشيحات لمنصب رئاسة مجلس النواب المقبل.
وصرح سيد عبدالعال، رئيس حزب التجمع، أن المبادرات التي تطلقها بعض الأحزاب لتشكيل قائمة انتخابية موحدة أو المشاورات التي تتم بالفعل بين الأحزاب وبعضها، تشير إلى أنه في نهاية الأمر سيتم تشكيل أكثر من قائمة انتخابية لصعوبة توافق الأحزاب باختلاف أيدولوجياتها وتوجهاتها.
وأكد عبدالعال، أنه لا يوجد اتفاق بين حزبه وأي من التحالفات أو القوائم المتواجدة حاليًا بشكل نهائي، مشيرًا إلى أن التحالف الانتخابي الحقيقي سوف يكون واضحًا بعد صدور قوانين الانتخابات قائلًا: “من السهل أن تطلق مبادرة لتوحيد الصف ولكن من الصعب توفير شروط وعوامل نجاحها”.
شو إعلامي
وقال حسام الخولي، مساعد سكرتير عام حزب الوفد، إن الحزب في انتظار صدور قوانين الانتخابات بشكلها النهائي لتحديد مرشحيه، قائلا: “سيحدث بالتأكيد تعديلات على بعض الدوائر حال حدوث دمج أو فصل، الأمر الذي سينعكس على مرشحي الأحزاب”.
وعن مشاورات القائمة الموحدة التي انتهت بالفشل، قال “الخولي” إن ما حدث كان مجرد شو إعلامي، موضحًا أن الأحزاب اليسارية انضمت إلى قائمة صحوة مصر ومنها من قاطع، فيما توجه المصريين الأحرار والوفد والمحافظين والإصلاح والتنمية والغد والمؤتمر وأحزاب الجبهة المصرية إلى قائمة “في حب مصر”، وحصلت على مقاعد بالقائمة بالفعل، متسائلًا: “هل كان المطلوب تجميع 101 حزب في قائمة واحدة؟!.
وقال المهندس ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، إن المبادرة التي دعا لها حزب المحافظين فيما يخص القائمة الموحدة فشلت بسبب ارتباط الحزب بقائمة في حب مصر بالإضافة إلى الاختلاف الجذري في وجهات النظر بين الأحزاب المشاركة فيها.
تشكيل قائمة موحدة مستحيل
من جانبه، قال المهندس إيهاب الخراط، عضو الهيئة العليا لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن المناداة بتشكيل قائمة انتخابية موحدة لخوض انتخابات البرلمان تتنافى تمامًا مع التعددية الحزبية التي طالبت بها الأحزاب في الثورات، مؤكدًا أن تشكيل القائمة الموحدة مستحيل ويعد دربًا من الخيال.
وأكد الخراط، أن تنوع الرؤى والأفكار والبرامج والتحالفات ينعكس بالإيجاب على العملية الانتخابية ويضع أمام الناخب فرصة للتفكير واختيار البرامج التي تتناسق مع طموحاته وأحلامه، مشيرًا إلى أن القائمة الموحدة تشعر المواطن بالإحباط ولا تضع أمامه الكثير من الاختيارات.
وأوضح عضو الهيئة العليا، أنهم مستمرون في قائمة “صحوة مصر” بقيادة الدكتور عبدالجليل مصطفى، لافتًا إلى أنهم يسعون خلال الفترة الحالية لتوسيع التحالف بضم قوى سياسية تؤمن بمبادئ الثورة.
صدمة السيسي
ويأتي فشل الأحزاب في تكوين قائمة انتخابية موحدة صادمًا للسيسي، الذي يتخوف من البرلمان ولا بديل أمامه قبل زيارة بريطانيا قبل نهاية العام، إلا العمل بجدّية في تشكيل البرلمان، لأغراض خارجية أيضًا؛ فبلدان مثل الولايات المتحدة وألمانيا أبدت تفهّمها لتأجيل الانتخابات التشريعية بسبب صدور حكم “الدستورية” ببطلان تقسيم الدوائر، إلا أنه لم يعد ممكنًا التذرّع بهذا الحكم أمام انتخاب سلطة تشريعية.
القوى الكبرى
ويواجه السيسي، في البرلمان المقبل، أربع قوى رئيسية تسعى للسيطرة على البرلمان، ولا يأمن السيسي لأيٍ منها.
وأول المرشحين للفوز بأغلبية البرلمان، رجل الأعمال نجيب ساويرس، الذي يرفض الدخول في قائمة موحدة ويسعى للسيطرة على البرلمان من خلال دعم المرشحين أصحاب النفوذ في دوائرهم وضخ الكثير من الأموال للسيطرة على البرلمان.
وثاني تخوف للسيسي، هو الفريق أحمد شفيق، المعروف بخلافه مع السيسي واستعداد حزبه للسيطرة على البرلمان القادم.
أما أحمد عز، أحد رجال مبارك، والذي بدأ بالفعل في التواصل مع رجال الحزب الوطني ووعدهم بضخ الأموال لدعمهم في الانتخابات، فيُمثل في نظر السيسي، كما كان يراه قائده الروحي المشير حسين طنطاوي، أحد أسباب ثورة 25 يناير 2011، وأحد الذين خططوا لاختطاف الدولة العسكرية المصرية.
أما السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، فيعتبر من المرشحين للفوز بنسبة كبيرة في البرلمان المقبل، ولكن حتى الآن لم يحصل على ثقة السيسي في ظل انخفاض شعبية الحزب في الشارع.