تواصل وثائق ويكيليكس، فضح كيف كان يدار الإعلام المصري بعد ثورة الـ25 من يناير وحتى الآن، وحجم التمويل الخليجي الذي دخل مصر لدعم وتمويل الإعلام لتشويه صورة الثورة.
وينقسم التمويل الإعلامي في مصر إلى عنصريين رئيسيين، هما السعودية والإمارات التي تمول عددًا كبيرًا من وسائل الإعلام المصرية.
شردي والتمويل السعودي
وكشف عدد كبير من الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس، عن مراسلات بين السفارة السعودية في مصر والخارجية السعودية، حول كيفية دعم الإعلام لمحاربة الثورة، وظهر هذا في أكثر من وثيقة، كان آخرها الوثيقة التي كشفت عن تلقي الإعلامي محمد مصطفي شردي مبلغ 290 ألف دولار نظير استشارات إعلامية للمملكة.
وكشفت وثائق منسوبة لوزارة الخارجية السعودية، أن سفارة المملكة في القاهرة منحت 290 ألف دولار أميركي (مليون و87 ألف ريال سعودي) للإعلامي المصري المؤيد للانقلاب العسكري محمد مصطفى شردي، رئيس تحرير صحيفة الوفد، بدعوى قيامه باستشارات إعلامية غير معروفة.
ووفقًا لوثيقتين نشرهما ويكيليكس عبارة عن إذن صرف، تقاضي شردي 200 ألف دولار في المرة الأولي نظير ما سمي (التعاقد على تقديم استشارات إعلامية للسفارة في عام 2012)، ولاحقًا تقاضى مبلغ 90 ألف دولار أخرى نظير (عقد الاستشارات الإعلامية لفترة ستة أشهر) أخرى لم يحددها إذن الصرف، لكنها ربما الشهور الستة الأولى من عام 2013، ما قد يشير لوثائق أخرى غير معروفة عن أموال أخرى في السنوات اللاحقة دفعت له.
ولا يُعرف شكل الخدمات الإعلامية الاستشارية التي قدمها شردي للسفارة السعودية بالقاهرة، ولكن نشطاء غردوا على “تويتر” قائلين: “شردي الذي اتهم الإخوان دون دليل بأنهم يقبضون من قطر يتقاضى بالوثائق الرسمية أموالًا من السعودية”.
2 ونصف مليون جنيه هدايا
كذلك أدرجت السفارة في إذن الصرف بندًا اسمه (هدايا)، وأنفقت عليه أكثر من 325 ألف دولار (مليون و219 ألف ريال سعودي أو 2 ونصف مليون جنيه مصري تقريبًا)، لا يعرف لمن تم صرفها في مصر؛ لأنها بنود سرية يعلمها السفير وحده، كما تضمن إذن صرف السفارة بالقاهرة مبلغ 85 ألف دولار قيل إنها “عقود شركات استطلاع الراي العام في مصر”.
ومحمد مصطفى شردي هو رئيس مجلسي الإدارة والتحرير لصحيفة الوفد حاليًا، وكان برلمانيًا عن حزب “الوفد الجديد” بمصر، وهو نجل مصطفى شردي، أول رئيس تحرير لصحيفة الوفد، الصادرة عن الحزب.
وهو معروف بمعارضته للإخوان والرئيس محمد مرسي، وكان دائمًا يتهمهم بالحصول على تمويل من قطر.
ولم تكن هذه هي الوثيقة الأولى التي تكشف عن تلقي إعلاميين مصريين تمويلًا سعوديًا، فقد كشفت ويكيليكس عن تلقي عدد كبير من الإعلاميين ووسائل الإعلام المصرية دعمًا وتمويلًا سعوديًا لدعم المملكة ومحاربة الثورة.
فبعض هذه الوثائق كشفت طلب صحفيين مصريين آخرين من صحيفة الأسبوع والحياة المصرية لأموال من السفارة، وتخصيص أموال لاشتراكات في بعض وسائل الإعلام استنادًا لمدى دعمها لمواقف المملكة، بجانب حجب الإعلان عن الوسائل الإعلامية التي تنتقدها أو تستضيف معارضين، أو توجيه دعوات لإعلاميين مؤيدين للمملكة لحضور فعاليات ثقافية بالمملكة.
كما تبين من هذه الوثائق، أن السفارة السعودية بالقاهرة كانت تتلقى تقارير دورية عن الأوضاع في مصر خلال الفترة التي تلت ثورة 25 يناير 2011، من سياسيين مصريين، بجانب استشارات من إعلاميين مصريين مقابل أجور مبالغ فيها.
ومنذ يوم 19 يونيو الجاري، نشر موقع ويكيليكس أكثر من 60 ألف برقية دبلوماسية مسربة من الخارجية السعودية، وقال إنه سينشر نصف مليون برقية أخرى خلال الأسابيع المقبلة.
مصطفي بكري وتمويل صحيفة وقناة
ومن أشهر من تلقوا تمويلًا، وفقًا لويكيليكس، الإعلامي مصطفي بكري؛ حيث نشر موقع ويكيليكس رسالة مرسلة من السفير السعودي في القاهرة إلى وزير الخارجية، قال فيها: إن الإعلامي مصطفى بكري زاره في مكتبه، وطلب منه تمويلًا لتحويل جريدته إلى يومية، بالإضافة إلى إنشاء قناة فضائية لمواجهة المد الإيراني.
ووفق الوثيقة، طلب بكري، وهو من المقربين للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والمشير شخصيًا آنذاك إذ زار السفير في مكتبه، وأبلغه بأن الإيرانيين، قد بدءوا الاتصال به وبالكثير من الإعلاميين المصريين لاحتوائهم، وأنه يعرف أن أغلب المصريين لن يتفاعلوا معهم، ولكن الأمر يستدعي تحركًا عاجلاً بدعم من المملكة، وهو نفس ما قاله إعلاميون عرب ولبنانيون، ما اعتبره مراقبون شماعة لطلب الدعم من السعودية.
ومن أبرز التسريبات التي تداولها الناشطون، طلب رئيس تحرير صحيفة “الحياة” المصرية، التي تظهر إحدى البرقيات طلبها مبلغ 5000 ريال سعودي مقابل نشر مقال في اليوم الوطني السعودي الحادي والثمانين.
قناة ONTV
وفي مصر أيضًا، تكشف برقية أخرى استياء المملكة من استضافة قناة ontv للمعارض السعودي سعد الفقيه، فيما يبدو ابتزازًا للسعودية، وتقول البرقية: “أفاد سفير المقام السامي في القاهرة أنه قام بالاتصال بالسيد نجيب ساويرس، “مالك المحطة” في حينه، وعاتبه على ما حدث، ووعد السفير باتخاذ اللازم بعدم تكرار هذا الأمر.
كما قام السفير بالاتصال بألبير شفيق، المشرف العام على المحطة، عن طريق الدكتور مصطفى الفقي، وهو صديق حميم له، والذي أيضًا عاتبه بشدة على ما حدث، وقد قام معالي السفير بشرح حقيقة سعد الفقيه وماضيه، وأخبره بأن المملكة لا تنزعج من الانتقاد البناء، ولكن التجريح والسب أمر غير مقبول، وقد أعرب السفير له عن استيائه من انحياز مذيعة المحطة لموقف الفقيه، وقد قام السيد نجيب ساويرس بالاتصال بمشرف عام المحطة، وعاتبه لما حدث وطلب منه عدم استضافة سعد الفقيه مرة أخرى”.
تمويل الإمارات
وفي المقابل، تتحكم دولة الإمارات في تمويل عدد من الصحف ووسائل الإعلام المصرية، كان آخرها موقع “دوت مصر” الذي تعرض لحادث سرقة، وتوقفت رواتب العاملين، بعد سرقة مرتباتهم، والخلافات والتوتر بين الممول الإماراتي والإدارة في مصر بسبب سرقة الرواتب.
وتمول الإمارات عددًا كبيرًا من الصحف؛ أبرزها “البوابة نيوز” برئاسة تحرير الإعلامي عبدالرحيم علي، و”اليوم السابع” برئاسة تحرير خالد صلاح، وعددًا من الصحف الأخرى.
كما تمول الإمارات عددًا كبيرًا من القنوات التلفزيونية مثل الـCBC والتي تعاني من أزمة مالية بعد تقليص التمويل الإماراتي لها وقناة تين وعددًا كبيرًا من القنوات الأخرى.