شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فورين بوليسي: الجيش المصري يخوض حربًا لم يستعد لها

فورين بوليسي: الجيش المصري يخوض حربًا لم يستعد لها
يقول الكاتب ستيف كوك، في تقريره بمجلة "فورين بوليسي"، معلقًا على التطورات الأخيرة، ومقتل النائب العام هشام بركات، بتفجير سيارته عن بعد في مدينة القاهرة، إن هذه الحوادث قد أحدثت نوعًا من نذر الخوف في مصر.

يقول الكاتب ستيف كوك، في تقريره بمجلة “فورين بوليسي”، معلقًا على التطورات الأخيرة، ومقتل النائب العام هشام بركات، بتفجير سيارته عن بعد في مدينة القاهرة: إن هذه الحوادث قد أحدثت نوعًا من نذر الخوف في مصر، وإن العنف دخل مرحلة غير مسبوقة، مشيرا إلى أن هذه المخاوف قد تعززت عندما قامت “ولاية سيناء” بقتل عشرات من الجنود المصريين في هجمات مذهلة على بلدة الشيخ زويد.

ويرى الكاتب، أن مصر تدخل بالتأكيد منطقة غير معروفة من العنف، وتخوض حربًا غير معلنة في شبه جزيرة سيناء، التي تنتشر نحو المناطق السكانية في وادي النيل، ومن الصعب تخيل الطريقة التي سيتجنب فيها المصريون مرحلة دموية من العنف الدموي، على حد قوله.

ويشير التقرير، إلى أن بركات يعد من أهم الشخصيات البارزة التي تقتلها المعارضة، لافتًا إلى أن الكل يعرف اغتيال أنور السادات في أكتوبر 1981، ولكن لا أحد يعرف أن اثنين من رؤساء الوزراء المصريين ووزيرًا للمالية وقاضيًا محترمًا ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، قد قتلوا في الأربعينيات من القرن الماضي.

وتستدرك المجلة، بأنه مع أن احتمالية الانقلاب ليست محتملة اليوم، إن لم تكن مستحيلة، فإن قرار الجيش مرة أخرى يقع في قلب اللحظة الحالية، فالجيش يعمل على هدف، وهو إعادة بناء وإصلاح وهندسة نظام يؤدي فيه دورًا مهمًا، كالذي أداه أثناء عهد مبارك، فخلال الـ38 عامًا، التي أعقبت حرب أكتوبر في عام 1973، حصل الجيش على مميزات، وكان له تأثير بكونه ضامنًا للنظام السياسي، دون أن يكون مسؤولًا عن أي شيء، أو محاسبًا من أحد، باستثناء مهمة الدفاع عن الوطن.

ويؤكد “كوك” أن العنف، الذي يغمر مصر اليوم، ويورط الجيش عميقًا في حرب أهلية، يظهر فشل الجهود جميعها.

ويقول الكاتب، إن التمرد يحرف ميزان العلاقات المدنية والعسكرية لصالح القيادة العليا. وفي الوقت الذي يتراجع فيه دور المدنيين والضباط المتمدنين، فسيتولى القادة العسكريون دورًا ومسؤولية كبيرة عن قضايا لا علاقة لها بالأمن القومي.

ويلفت التقرير إلى أن هناك موازاة مع جهود العسكر في تركيا، التي عززت هيئة الأركان المشتركة خارج النظام السياسي، بعد التمرد الكردي الذي اندلع عام 1984. وفي منتصف التسعينيات لم يكن قادة تركيا المدنيون قادرين على إدارة النزاع، وخافوا من الضباط، ولهذا تخلوا عن مسؤولية الجزء الجنوبي من البلاد لقيادة هيئة الأركان، ما أدى إلى استقلالية للمؤسسة العسكرية سياسيًا.

وتجد المجلة أنه رغم الرأي السائد حول المؤسسة العسكرية المصرية، إلا أن هذه هي النتيجة التي ترغب بتجنبها، مشيرة إلى أن الضباط يتمتعون بالمميزات، ويحرسون مكتسباتهم في السلطة. لكن وكما يظهر تاريخ القوات المسلحة، فإن السياسة والنزاع عادة ما يضعفان المركز المهم الذي حققه العسكر داخل النظام.

ويعتقد “كوك” أن الضباط لا يملكون أي خيار؛ لأن شبه صحراء سيناء المشبعة بالمتطرفين المتشددين أعلنوا حربًا على مصر، واعدين بإشغال الجيش في معارك وتعريته سياسيًا.

ويطرح الكاتب -في تقريره- السؤال الآتي: ماذا بعد؟ ويقول إن التاريخ ليس مرشدًا دائمًا، ففي نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، وردًا على العنف، قامت الحكومة بحل جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن العنف قد تزايد، وقد انتهت فترة عدم الاستقرار وغياب الأفق، التي شهدتها تلك الفترة، بانقلاب الضباط الأحرار بقيادة جمال عبدالناصر ضد الملك فاروق في يوليو 1952، ولم يستطع الضباط الأحرار تحقيق الاستقرار إلا بعد عامين.

ويذكر التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، أنه في التسعينيات من القرن الماضي، هاجمت جماعة الجهاد الإسلامي المصرية السياح وجنرالات الشرطة والمسؤولين البارزين، مثل وزير الداخلية في حينه عبدالحليم موسى، الذي تعرض لأربع محاولات اغتيال فاشلة.

وأدى الجيش دورًا ثانويًا في العنف حتى عام 1997، عندما قام الإرهابيون بقتل 58 سائحًا في الأقصر، وقام الجيش تحت قيادة سامي عنان، الذي أصبح فيما بعد رئيسًا لهيئة الأركان المشتركة، وكان الرجل الثاني في المجلس الأعلى للقوات المسلحة بملاحقة المسؤولين عن الهجمات، وتوقف العنف عندما نالت الاعتقالات والقتل من الجماعات المتطرفة.

وتبين المجلة أن هذه الأمثلة تعطي أدلة قليلة حول كيفية حل الحكومة المصرية للأزمة الحالية.

ويرى “كوك” أن المشكلة هي أن الجيش قضى الـ42 عامًا يسلح ويجهز نفسه لحرب كبيرة لم تحدث، ومع التحديات الأيديولوجية التي يمثلها الإرهابيون في إقليم سيناء، الذين أعلنوا ولاءهم لتنظيم الدولة في نوفمبر 2014، فإن عبدالفتاح السيسي وقادة المؤسسة العسكرية يبدون في حالة من الضياع، فقد قتلت القوات الخاصة تسعة عناصر من الإخوان المسلمين في اليوم الذي هاجم فيه المتشددون الشيخ زويد ذاته، ولم يكن وراء عملية القتل أي منطق سوى الانتقام. وكان رد الإخوان المسلمين هو دعوة المصريين إلى الثورة ضد السيسي، والانتقام لعمليات الاغتيال.

ويبين الكاتب، أنه عندما قام السيسي بالإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، وأنهى تجربة حكم الإخوان المسلمين، وعد الضباط المصريين بالازدهار الناتج عن الاستقرار، وهو ما لم يحدث، مشيرًا إلى أنه من زاوية تاريخية واسعة ومن المنظور المصري، فإن اغتيال هشام بركات ليس أهم من اغتيال وزير المالية أمين عثمان عام 1944، ولكن هناك شيئًا ما في هذا النزاع الحالي، ويبدو مختلفًا.

وتختم “فورين بوليسي” تقريرها، بالإشارة إلى أنه على خلاف النزاعات المختلفة، فإن الضباط المصريين يجدون أنفسهم في أسوأ وضع؛ فهم يقاتلون في حرب لم يتهيأوا لها، ما يؤثر على وضع الضباط ضمن النظام السياسي.

وفي المعنى المجرد، فإن تغيرًا في وضع الجيش يعد أمرًا جيدًا، لكن في ظل النزاع الحالي فإنه يعني تفكك الجيش، وعندما يتم هذا الأمر فإنك تقوم بتحطيم مصر.

عربي : 21



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023