شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

البث التجريبي للحرب الأهلية

البث التجريبي للحرب الأهلية
"يد العدالة مغلولة بالقوانين، يا فندم من فضلكم، عايزين المحاكم والقوانين الناجزة".. كانت تلك الكلمات هي إشارة البدء بانطلاق البث التجريبي للحرب الأهلية، وتم التقاط تلك الإشارة من قبل القضاء، فأسرع كل من وزيري العدل والعدالة

“يد العدالة مغلولة بالقوانين، يا فندم من فضلكم، عايزين المحاكم والقوانين الناجزة”.. كانت تلك الكلمات هى إشارة البدء بانطلاق البث التجريبي للحرب الأهلية، وتم التقاط تلك الإشارة من قبل القضاء، فأسرع كل من وزيري العدل والعدالة الانتقالية بتحويل تلك الإشارة إلى قوانين تتماشى وتتناغم مع ما يريده ويطلبه السيسي، وما هى إلا سويعات، وكانت قوة استقبال وزارة الداخلية لتلك الإشارة أقوى من أي جهاز حكومي آخر، فقامت على الفور في أقل من ٢٤ ساعة باغتيال ثلاثة عشر قياديًا من جماعة الإخوان المسلمين، كانت مهمتهم في تلك الجماعة هو كفالة أسر الشهداء والمعتقلين، وتمت تصفية هؤلاء القادة بعد أن تم اعتقالهم، وإلقاء القبض عليهم وأخذ بصماتهم -فيش وتشبيه-، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، مما أدى الى كسر عظامهم؛ كما جاء في تقرير الطب الشرعي.

أصدرت وزارة الداخلية، بيانًا لتؤكد فيه أنه تم تبادل إطلاق الرصاص بين الشرطة وتلك القيادات أثناء إلقاء القبض عليهم ،إلا أن شهادات الأهالي أكدت أنهم لم يشاهدوا أي تبادل لإطلاق النار، وأكد ذلك خلو جدران المبنى من أية علامات لطلقات الرصاص، فضلًا عن أن هؤلاء القيادات متوسط أعمارهم خمسون عامًا وبعضهم من يتكئ على عصا لكي تساعده في السير ومنهم من نظره ضعيف فلا يقوى على رؤية الأشياء بوضوح، علاوة على ذلك أنهم أصحاب مناصب رفيعة ومناصب مرموقة -أطباء ومهندسون ومحامون وبرلمانيون- فأنى لهم من حمل السلاح وتبادل إطلاق الرصاص مع الشرطة.

قد بررت الداخلية فعلتها بأن من بين هؤلاء الذين تمت تصفيتهم متهمون في قضايا عدة، وآخرون محكوم عليهم بالإعدام، وتناست الداخلية أن المتهم أو المحكوم عليه غيابيًا يتم إلقاء القبض عليه ويحقق معه ويقدم للقضاء، ولكن لا يتم اغتياله.

يبدو أن الداخلية لا تتذكر أحداث الماضي، وأن أفعالها تقود البلاد إلى الهاوية دومًا؛ ففي عام ١٩٩٠ تم اغتيال المتحدث الإعلامي للجماعة الإسلامية علاء محيي الدين، واتهمت الجماعة الإسلامية الشرطة المصرية باغتياله، وعلى أثر ذلك انتقلت البلاد إلى موجة عنف شديدة، كانت بدايتها باغتيال رفعت المحجوب، واستمرت أعمال العنف لمدة تجاوزت السبع سنوات.

لقد جاءت تصفية المعارضين السلميين من قبل الدولة المصرية لتغطية الفشل الذريع الذي يلاحق النظام المصري في كل المجالات، كما أن الفكرة السائدة لدى أجهزة الدولة -على رأسها الأجهزة الأمنية -هي أن الإخوان هم منفذو أي حدث يحدث في البلاد، فمثلًا في قضية اغتيال النائب العام، سارعت الشرطة المصرية بإصدار بيان -دون انتظار نتائج التحقيقات- تتهم فيه الإخوان بتفيذ تلك العملية، إلا أن التحقيقات الأولية أثبتت أن ضابط صاعقة سابق هو المنفذ الرئيسي لتلك العملية.

إن عملية اغتيال قيادات الإخوان لدليل على أن الدولة لا يسري فيها قانون، وأن شريعة الغاب والبلطجة هي التي تحكم وتسود تلك البلاد، كما أن تلك الاغتيالات ستؤدي إلى زيادة أعمال العنف والعنف المضاد في جميع أنحاء الجمهورية، وقد شهدنا ذلك في الفيديو الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من قيام بلطجية يعتدون بأسلحة بيضاء -في وجود عناصر من الشرطة- على شابين يزعمون أنهم من الإخوان.

كما سيترتب على تلك الاغتيالات مواجهة أجهزة الدولة، ومن ثم فبعد أن كانت الدولة وأجهزتها حكمًا بين المواطنين صارت خصمًا، ومن ثم ستؤدي تلك المواجهة إلى نشوء حرب أهلية لن يستطيع أحد أن يوقفها، ووقتها ستقضي على الأخضر واليابس في ربوع الوطن.

إن الخروج من المشهد الحالي المتأزم والذي يزداد يومًا بعد يوم، يتمثل في أحد هذين السيناريوهين؛ أولهما: توحد جميع القوى الوطنية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار للحفاظ على الدولة المصرية وأبنائها وأمنها القومي، أما السيناريو الثاني، فهو قيام ثورة شعبية جارفة نظرًا للإخفاقات المتلاحقة لهذا النظام في مختلف المجالات (الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية).

بأحد هذين السيناريوهين، سيتمكن المصريون من الخروج من عنق الزجاجة، والبدء في حياة مستقرة والحفاظ على المجتمع المصري من هذا النظام الذي تسبب في الانقسام المجتمعي لمدة عامين ويسعى الآن للبدء في حرب أهلية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023