أكد نادر فرجاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تفسخ جهاز الشرطة والتململ في القوات المسلحة مقدمة لانهيار الدولة العميقة عماد الحكم العسكري، ومبرر لخروج الشعب عليه.
وقال -عبر منشور له على “فيس بوك”-: “إن الوضع في جهاز الشرطة أقرب إلى المضحكات المبكيات، فعلى الرغم من التسامح المفجع مع أفراد الشرطة، خاصة الضباط، في انتهاكهم لحقوق الناس، قد وصل الأمر إلى التمرد السافر للمطالبة بالإنصاف مؤخرا”.
وأضاف “للسخرية، خرج مسؤولون في الداخلية يتهمون جماعة الإخوان بتمويل هذا التمرد، أي تتهم رجالها بقبول رشى للتعبير عن الاحتجاج وللتربح من التنظيم التي تحاربه إلى حد التصفية الجسدية بمجرد الرؤية، وفي أي دولة تستحق الاسم، مثل هذا الاعتراف، ولو لم يصح، كفيل ليس بإقالة وزير ولكن بعزل الحكومة بكاملها، شاملة رأس السلطة التنفيذية، التي يفترض فيها المسؤولية التضامنية”.
وتابع: “سبق أن زعمت أن إستراتيجية تقسيم المجتمع إلى سادة وعبيد التي ينتهجها الحكم العسكري في مصر تحمل في طياتها بذور انفجارها من الداخل، أن الإستراتيجية الفاشية الشريرة تقوم على تقسيم المجتمع إلى قسمين متناحرين، واحد صغير نسبيًا من أدوات السلطة للبطش بغالبية الناس، ويضم القوات المسلحة والشرطة والقضاء الباطش الذي يحكم من دون إنصاف بالقوانين الجائرة التي يصدرها رأس النظام مغتصبًا للسلطة التشريعية، يتوفر على إخضاع باقي الشعب لطغيان لسلطة الاستبدادية الفاسدة”.
وأردف: “غير أن هذا المنطق التقسيمي البغيض يمتد لا محالة إلى داخل هذ الأدوات نفسها، فتبقى القيادات في أجهزة الأمن، المدنية والعسكرية، غارقة في مزايا باذخة لا يحصل عليها باقي أعضاء الأجهزة وإن عرفوا بها وتألموا لحرمانهم منها، والمنطق الكئيب لهذا الإغداق على القيادات أصيل في التنظيم العسكري القائم على ان القيادات هي التي تأمر ولا يبقى لباقي الفراد إلا الامتثال”.
وأكمل: “ولكن إطراد هذا التميز ضد الرتب الأدنى في أجهزة البطش ينشئ صنفًا من الظلم الاجتماعي في العمق داخل هذه الأجهزة يتصاعد بإغداق رأس الحكم على قيادات الأجهزة الأمنية وحرمان باقي أعضائها من المزايا ذاتها ما يوغر صدر الرتب الأدني على القيادات والسلطة كلها، أضف إلى هذا أن غالبية الرتب الأدنى من العاملين بالأجهزة الأمنية هم اقرب إلى معاناة الناس العاديين من أهلهم ومعارفهم، ما يزيد من إحساسهم بالظلم الاجتماعي، ناهيك عن هذه الرتب الأدنى هي التي تقوم بالتعامل العنيف والباطش مع أهلهم من باقي المواطنين تنفيذًا لأوامر قادتهم المحظوظين”.
وختم: “دعك مما يقوله ” الكذابون” الرسميون، باسم الأجهزة الأمنية الذين تتمحور مهتمهم حول إخفاء الحقائق، ومن المطبلون لها في إعلام العهر، فالثابت أن أفرادًا ممن كانوا ينتمون إلى القوات المسلحة يشاركون في جماعات إرهابية وارتكاب جرائم إرهابية، والمتواتر أن أحكامًا قاسية صدرت من محاكم عسكرية، لا تشتهر بالإنصاف، على عشرات من أفراد القوات المسلحة بتهم تتراوح من العمل على قلب نظام الحكم إلى الانتماء إلى أو مجرد الاتهام بالصلة بتنظيم الإخوان، ولو من خلال تعاطف أقارب لهم”.