طالب عدد من خبراء الطاقة بإعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر وإسرائيل، مؤكدين ان الفترة المقبلة ستشهد تكالب أكبر شركات التنقيب العالمية على منطقة امتياز شمال شرقي البحر المتوسط بعد اكتشاف أحد أكبر حقول الغاز أمس، لافتين إلى ان هناك نحو 9 أبار مثيلة أخرى,
واكتشفت شركة الطاقة الإيطالية “إيني” أكبر حقل غاز في “التاريخ” في البحر المتوسط قبالة السواحل المصرية، حيث من المتوقع أن يشكل الاكتشاف تحولا في استراتيجية الطاقة المصرية.
وأعلنت حكومة محلب وشركة الطاقة الإيطالية “إيني” أمس الأحد 30 أغسطس، عن هذا الاكتشاف الذي قد يوفر لمصر احتياطات عملاقة من الغاز.
ويغطي الاكتشاف الذي أطلق عليه حقل “ظهر” مساحة 100 كيلو متر مربع على عمق 4757 قدما (1450 مترا) ويصل عمقه الأقصى لحوالي 13553 قدما (4131 مترا)، وستحصل مصر على 60% من ناتج الغاز.
هناك عشرات الابار
ويقول محمد مجدي، أستاذ الطاقة بكلية الهندسة والمهندس بشركة “شيل” العالمية للبترول، أن اكتشاف الحقل ما هو إلا واحد من عشرات الآبار التي تمتلكها مصر في البحر المتوسط، لافتا إلى أن الغاز الناتج من البحر 70 % من ما تم استخراجه خلال 30 عام سابقة، واصفًا الحقل الحديث بـ”الكنز”، وطالب بضرورة إعادة رسم الحدود المصرية البحرية.
وفي تصريح لـ”رصد”، شدد “مجدي” على ضرورة أن تعاود مصر بأقصى سرعة عمليات التنقيب والحفر في شمال شرقي البحر المتوسط، موضحًا أن الشركات خلال العامين الماضيين كانت ترفض التنقيب في البحر المتوسط تحت سيطرة “لوبي إسرائيلي” والأن فهناك شركات ستقبل على التعاون بمشاريع تنقيب ضخمة قد تستمر لـ 3 سنوات على الأقل.
رسم الحدود
من جانبه طالب فهمي عدلان، خبير الطاقة، مصر من إعادة ترسيم حدودها بحرياً واقتصادياً مع قبرص وإسرائيل والوقوف على خريطة وينطبق الوصف عينه على الحدود البحرية مع ليبيا والسودان والسعودية وتركيا واليونان.
وأكد “عدلان”، في تصريح لـ”رصد”، أن حقلي الغاز المتلاصقين، لفياثان (الذي اكتشفته إسرائيل في 2010) وأفروديت (الذي اكتشفته قبرص في 2011)، يزخران باحتياطيات قيمتها قرابة 200 بليون دولار، مصر لها النصيب الأكبر لأنهما يمتدان إلى المياه الإقليمية المصرية، على بعد 190 كيلومتراً شمال دمياط، بينما يبعدان 235 كيلومتراً من حيفا و180 كيلومتراً من ميناء ليماسول القبرصي.
وأشار إلى أن الحقلين يقعان في السفح الجنوبي لجبل إراتوستينس المختفي تحت البحر، لكن هويته المصرية مثبتة من سنة 200 قبل الميلاد.
وكانت اسرائيل قد بدأت في مسلسل إعلان استخراج الغاز من أراض عربية في 2009، حين أعلنت عن اكتشاف حقل “تمار” المقابل لمدينة صور اللبنانية.
حقل شمشون
أما الحقل الإسرائيلي الثاني، وهو حقل شمشون فهو يبعد عن الساحل الشمالي لبحيرة المنزلة 114 كيلو مترًا فقط، وبأبعد من ذلك عن آخر نقطة ساحلية إسرائيلية، ويدعم هذا –وفق أبحاث د.نائل الشافعي- أن إسرائيل لم تنشر خريطة رسمية واحدة لحقلي لفياثان وشمشون خلال المدة الماضية، وهو ما يعتبره تقرير “الشافعي” دليلاً على أن قبرص سمحت لإسرائيل باستغلال هذين الحقلين في غفلة من مصر.
وفي 2003، رسمت مصر حدودها البحرية مع قبرص من دون تحديد نقطة البداية من الشرق مع إسرائيل التي حفرت بئراً في تلك المنطقة في 2010، قبل أن ترسم حدودها بحرياً مع قبرص، وبقيت حدودها البحرية مع مصر غير معروفة.
اتفاقيات سابقة
وفي 30 أبريل 2012 أعلن عن تشكيل فريق مشترك بين إسرائيل وقبرص واليونان لإنشاء خط أنابيب غاز من حقول شرق المتوسط إلي جزيرة كريت.. الأمر الذي يجعله يمر في المنطقة الاقتصادية الخالصة المصرية لكونها جزيرة مصرية.
في 8 يوليو 2012، عقب زيارة فلاديمير بوتين لإسرائيل، وقعت الدولتان اتفاقية للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، ستنشئ بمقتضاها “جازبروم” الروسية شركة فرعية لها في إسرائيل، للمساعدة في تطوير احتياطيات إسرائيل الهائلة من الغاز في البحر المتوسط.
في 15 أغسطس 2012 عقد الرئيس الإسرائيلي اتفاقا مع الحكومة اليونانية للاتفاق علي تصدير الغاز الإسرائيلي لليونان.
الغاز الجديد يدعم أوروبا
وذكرت صحيفة “فينانشيال تايمز” البريطانية، أن الحقل الجديد الذي اكتشفته شركة “إيني” الإيطالية، يمكنه أن يعطي دعما جديدا لأوروبا من الغاز الطبيعي، وتقليل اعتمادها الكامل على الغاز الروسي المصدر لها، مشيرة إلى أن الاكتشاف سيعطي دفعة ماسة للاقتصاد المصري.
وفي تقرير لها تحت عنوان “إيني تكتشف حقل غاز عملاق بالقرب من مصر”، أشارت إلى أن الشركة الإيطالية اكتشفت هذا الحقل على شاطئ مصر، وهو أكبر حقل يتم اكتشافه في البحر المتوسط، والذي يمكن أن يوفر دفعة قوية وماسة للاقتصاد المصري.
ونقلت الصحيفة عن تصريحات للشركة الإيطالية اليوم الأحد، أن الحقل الجديد يمكن أن يصبح أكبر اكتشاف في العالم للغاز الطبيعي، ويمكن أن يلعب دور هام في تلبية حاجة مصر للغاز خلال العقود المقبلة.
رد فعل إسرائيل
كان لإعلان شركة “إيني” الإيطالية اكتشاف حقل الغاز الطبيعي في المياه المصرية بالبحر المتوسط ردود فعل قوية من الصحف الإسرائيلية، حيث نقل موقع “جلوبس” الاقتصادي الإسرائيلي بيان الشركة الإيطالية، بأن حقل الغاز الذي تم اكتشافه هو الأكبر في البحر المتوسط حتى الآن، وأن الغاز الذي تم اكتشافه سوف يسد احتياجات مصر من الغاز لعقود.
وأشار الموقع الإسرائيلي إلى “موت” الرغبة الإسرائيلية في تصدير الغاز إلى مصر، عندما قالت إنه وفقا للتقديرات لمسؤولين بسوق الغاز الإسرائيلي، سيحظر نهائيا اتفاقية تصدير الغاز لمصر، سواء كان من حقل “تمار” أو “ليفاثيان” الإسرائيليين.
من جانبه علق وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، قائلا: “إن اكتشاف حقل الغاز المصري الكبير، هو تذكير مؤلم، لأنه في الوقت الذي الذي تضيع إسرائيل فيه الوقت بالتصديق على المخطط النهائي للغاز الطبيعي، وتعطيل الاستكشافات الأخرى، العالم يتغير إلى العكس أمام أعيننا، بما في ذلك ظهور العقبات في طريق احتمالات تصدير الغاز”، مضيفا: “علينا أن نصدق على مخطط الغاز ودفع اقتصاد الغاز الإسرائيلي”.
ونقل الموقع الإسرائيلي في التقرير الذي كان عنوانه “شركة إيني: اكتشفنا أكبر حقل غاز في الشرق الأوسط”، ما قاله ألداد تامير، مدير عام إحدى الشركات الإسرائيلية، إن الوقت مبكر لتقديم جودة البيانات، ولكن إذا كانت الأنباء صحيحة، فهذه الأنباء سيئة للاقتصاد الإسرائيلي عامة، والشركة القابضة بشكل خاص”، مشيرا إلى أن ذلك يعد ضغطا لدفع الأسعار للهبوط,