شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الحل الأحادي.. والكارثة المركبة

الحل الأحادي.. والكارثة المركبة
تشغل تفاصيل المعركة الدائرة بين دوائر جماعة الإخوان المسلمين في مصر العديد من المهتمين بالشأن المصري. تلك المعركة التي تطفو على السطح في صورة تسريبات و مقالات متبادلة أثارت قلق من يريد لمصر الخير و الاستقرار بما تدور حوله.

تشغل تفاصيل المعركة الدائرة بين دوائر جماعة الإخوان المسلمين في مصر العديد من المهتمين بالشأن المصري.تلك المعركة التي تطفوعلى السطح في صورة تسريبات ومقالات متبادلة أثارت قلق من يريد لمصر الخير والاستقرار بما تدور حوله.

فهي معركة بين من يريدون الحفاظ على سلمية الإخوان وطريقهم الأزلي المتمثل في الصمود في وجه قمع الأنظمة المتعاقبة دون مد اليد لدفع الظلم والدفاع عن الذات، وبين من سئموا الخنوع مع اشتداد وتيرة الإجرام ويرغبون في رد الصاع صاعين. ما يقلقهم هو أن هذه المعركة ستنتهي إما بجنوح الجماعة ككل نحو العنف كمؤسسة، أو انشقاق قطاع عريض من شبابها بسبب عدم اقتناعه بالسلمية المطلقة وتعطشه للانتقام إذا فاز متبنوهذا الرأي في النهاية.

ولكن الحقيقة أن هذه الأزمة تعبر عن مشكلة جوهرية تعاني منها العقلية الإسلامية عامة.

ثمة سؤال أساسي تعتبر إجابته مفتاح لحل هذه المشكلة.. ما الذي جعل الانقلاب العسكري كارثة.. هل كون الجيش حول ولاءه عن مرسي ونزعه من الرئاسة ففقد الإخوان المسلمون السلطة؟ هل هذه المظلمة هي العنصر الوحيد في المشكلة حتى يفكر الإخوان في رد عليها يتمثل في الخيار بين الرد أوالصبر؟

الواقع أن كارثة الانقلاب لا تتمثل فقط بهذا الجانب بل هي كارثة مركبة من عناصر أخرى. ففضلا عن المظلمة سالفة الذكر فقد إنهارت العملية الديمقراطية الوليدة التي نتجت عن إنتفاضة يناير وكانت تمثل الفرصة الذهبية والمجال المثالي لحركة شعبية محكمة كالإخوان. كما عاد قمع الأجهزة الأمنية بشكل أكثر شراسة بكثير من عهد مبارك وبالتالي لم تعد قواعد الإخوان القديمة في التعامل مع الأمن صالحة للتعامل مع هذا النمط الجديد.

وبالإضافة إلى أن الانقلاب تم بدعم نصف الشعب المصري – مثلا – فإن الأغلبية الساحقة يبدوأنها قد استسلمت للأمر الواقع وهذا يظهر في لفظ حراك الشارع لأنفاسه الأخيرة وبالتالي إحتفظ الأخوان بسخط قطاع عريض من الشعب عليهم ولا مبالاة قطاع آخر .وأخيرا فإن العسكر لم ينجحوا فقط في إحكام القبضة الأمنية على البلاد ولكنهم يحققون بعض الإنجازات ويتجه الإقتصاد نحوالإستقرار كما يبدو.

مواجهة كارثة كهذه بسلمية مطلقة أوعنف مطلق درب من السذاجة فمن قال أن الإخوان في أمس الحاجة للإثنان معا. أليسوا بحاجة إلى إعادة تأهيل الصورة الذهنية لدى عموم الشعب عنهم والتي تضررت كثيرا نتيجة كل ماحدث ونتيجة التشويه الإعلامي؟ أليسوا بحاجة كذلك إلى معاقبة المجرمين في الأجهزة الأمنية وإيجاد مناخ ضاغط يمنع الدولة من سحق الإخوان تماما؟ أليسوا بحاجة إلى التراجع عن الساحة كجماعة وترميم دعوتهم بين الناس؟ كما أنهم بحاجة إلى الاعتراف بالواقع وإيجاد من يمثلهم في الحياة السياسية المريضة؟ من قال أن الثأر والقصاص ومحاولة إسقاط النظام بالقوة يحتاج إلى إعلان منهج على الملأ وتبنيه ؟ السلمية أولى بالإعلان بالنسبة لجماعة رسالية في وطن محتقن والعمل الأمني أولى بالكتمان .

هذه الأسئلة كلها تحتاج إلى الطرح على القاعدة الإخوانية وإلى إجابة حتى يدركوا طبيعة الأزمة الفارغة من المضمون التي تشتعل بظواهرها مواقع التواصل الإجتماعي بين طرفين على حق ولكن يبدوأنهم بحاجة إلى إدراك ذلك.

هذا الفكر الأحادي في مواجهة عالم مركب.. بل شديد التركيب هوما جعل الإسلاميين يفشلون حتى الآن في العودة إلى الساحة الدولية رغم نضالهم منذ ما يقرب من مائة عام من أجل هذا .النظر للعالم من منظار الفسطاطين.. النظرة المثالية للمسلمين ودولتهم وما يجب أن تكون عليه في هذا العالم هي مظاهر لهذا الفكر الأحادي.

وحتى يتعلم الإسلاميون أن الحياة في هذا العالم تحتاج في معظم الأحيان ودائما عندما يتعلق الأمر بالسياسة إلى جمع المتناقضات.. سيظلون في شباك الهزيمة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023