قال الكاتب ميكاه زنكو إنه عند التفكير برد فعل لسفك الدماء، فلا يكفي أن نعرف أعداد القتلى، ولكن من المهم أيضا أن نعرف كيف قتلوا.
وأشار زنكو في تقريره المنشور بمجلة “ذي أتلانتك” إلى أن صحيفة “نيويورك تايمز” قد نشرت رسما بيانيا “للموت في سوريا”، بين مقتل أكثر من 200 ألف مقاتل ومدني خلال أربعة أعوام ونصف العام من الحرب الأهلية السورية. واعتمدت الصحيفة على بيانات “مقدمة من مركز توثيق الانتهاكات إلى تاريخ 9 سبتمبر 2015”.
ويبين زنكو أن هذه المؤسسة غير الحكومية تقول إنها تستخدم عملية من ثلاث مراحل لتجميع وتوثيق المعلومات من داخل سوريا، وتتأكد من دقتها إلى أبعد حد ممكن. ويقول المركز إنها تبذل جهدها “لنقل الحقيقة كما هي، وعلى أساس أن تبقى المعطيات والمعلومات موضع مراجعة وتدقيق”.
وتجد المجلة أنه لذلك يجب النظر إلى هذه التقديرات لأعداد القتلى مع تفهم الصعوبات التي تواجه نقل المعلومات من سوريا، بالإضافة إلى التحيز الذي قد تعاني منه المؤسسات غير الحكومية بقصد أو بغير قصد.
ويلفت التقرير إلى أن الأرقام التي ينشرها مركز توثيق الانتهاكات تختلف عن الأرقام التي ينشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان في لندن. وحتى مكتب المفوض العام لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فتوقف منذ يناير 2014، عن تقديم تقديرات لعدد الضحايا؛ لأنه لم يستطع ضمان أن تكون المصادر لتقديراته دقيقة.
ويستدرك الكاتب بأنه مع ذلك فإن الرسم البياني للصحيفة لأرقام مركز توثيق الانتهاكات يساعد في النقاشات المتعلقة بالسياسات، وإن كان يجب التدخل عسكريا في سوريا وكيف.
وتذكر المجلة أنه كما هو الحال بالنسبة لتحليلات سابقة، فإن غالبية من فقدوا حياتهم في سوريا ليسوا مدنيين بل هم مقاتلون ناشطون في الميدان. ويجب أن يبقى هذا في البال عندما يكرر أعضاء مجلس الشيوخ في أمريكا القول بأن بشار الأسد ذبح 200 ألف من شعبه. مشيرة إلى أن قوات الأمن السورية ارتكبت تحت سلطة الاسد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وكون الأسد رئيسا للنظام يجب أن يحاسب على هذه الجرائم، عن طريق محكمة خاصة لسوريا.
ويستدرك التقرير، بأنه ينبغي على أولئك الذين يدعون لاستخدام القوة لحماية المدنيين أن يدركوا أنه يجب إنهاء القتال بين الطرفين، الذي عانى من تبعاته كثير من المدنيين، وماتت أعداد كبيرة منهم.
ويقول زنكو: “بالتحديد، وكما كتبت قبل عامين، فعلى أي اقتراح لاستخدام القوة لحماية المدنيين في سوريا أن يأخذ بالحسبان كيف يموت غير المقاتلين أو يصابون. ويجب ملاحظة أنه من مجموع 85404 مدنيين قتلوا (من النظام والثوار)، هناك 22%، بحسب مركز توثيق الانتهاكات، قتلوا في غارات جوية للنظام (وهذا العدد يتضمن حوالي مئة مدني قتلوا في هجوم على سوق دوما يوم 16 أغسطس)”.
ويضيف الكاتب: “أما دعاة فرض منطقة حظر جوي على سوريا فعليهم أن يعلموا أن ردود الفعل التكتيكية لن تفعل شيئا لحماية أرواح معظم الضحايا السوريين المدنيين. ولكن الحال مع أكثر من حظر جوي عبر التاريخ إن واجهه الأسد فسيتحول ببساطة من أسلوبه المفضل (استخدام الجو) إلى استخدام المدفعية والمشاة”.
ويؤكد زنكو قائلا: “بالطبع يمكن للولايات المتحدة وحلفائها من الدول الأخرى التدخل في سوريا لحماية المدنيين من هجمات المشاة والمدفعية، بالإضافة إلى الاختفاءات القسرية من النظام والمجموعات المقاتلة. وقد كتبت من قبل عن إجراءات عسكرية مضادة أثبتت في الماضي نجاعتها. هذه الإجراءات تتضمن: تكتيكات مضادة للقناصة، ورادارات مضادة لبطاريات المدفعية، وقوة نارية، وتحرك مشاة، واشتباك لإبعاد قوات النظام والمليشيات المؤيدة لإزالة التهديد للمدنيين”.
وتنهي “ذي أتلانتك” تقريرها بأن هذه العمليات تحتاج إلى مستوى من التكاليف، والتزام ومخاطرة وغموض لا يستطيع مؤيدو التدخل قبوله، بما في ذلك وجود جنود على الأرض بأعداد معقولة. ويقول الكاتب إنه “لذلك عندما يطلق البعض دعوات التدخل العسكري في سوريا، علينا أن نفكر في ما إذا كانت اقتراحاتهم يمكن أن تحقق الهدف المرجو”.