نشرت صحيفة “سلايت” الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن مشاركة الجيش وحكومة حزب العدالة والتنمية التركي في الحرب على حزب العمال الكردستاني، المصنف على قائمة التنظيمات الإرهابية في دول عدة في العالم.
وقالت الصحيفة إن الشراكة بين الحكومة الإسلامية الوطنية والجيش التركي تعززت في إطار الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، على الرغم من غياب الثقة بين الطرفين في العديد من النقاط الأخرى.
وقالت الصحيفة إن غالبية الشعب التركي استبشر بانسحاب الجيش من الساحة السياسية في السنوات الأخيرة، لكن الوضع الراهن فرض موازنات جديدة، أعطت للجيش غطاء شرعيا للعودة لواجهة الأحداث.
كما نقلت عن خليل كرافيلي، الباحث في معهد القوقاز في آسيا الوسطى، قوله إن “الحرب ضد الأكراد عززت موقع الجيش، وستغير أيضا العلاقة بين الرئيس أردوغان وجنرالات الجيش، لكن تحالفا كهذا إن حصل سيهدد الديمقراطية في تركيا”.
وقالت الصحيفة، إن حزب العدالة والتنمية عدل توجهاته خلال تجربته في الحكم، وطور بشكل متواصل أفكاره الإسلامية المحافظة إلى أفكار إسلامية وطنية، وذلك منذ وصوله للحكم سنة 2002.
كما نقلت عن الخبير متين جركن، الذي خدم في آسيا الوسطى قبل استقالته من الجيش التركي سنة 2015، قوله: “لقد تم إضعاف الجيش بين سنتي 2008 و2013، وتم اعتقال ومحاكمة العديد من الضباط، بسبب الإشتباه في وجود مؤامرات انقلابية، ما جعل العديد منهم يفقد الثقة في القيادات العليا، وهذا أثر في العلاقة بين الجنرالات أنفسهم”.
وفي هذا السياق أشارت الصحيفة إلى تهمة محاولة الانقلاب، التي وجهت لبعض الجنرالات، على خلفية ما دار في ندوة للجيش أقيمت سنة 2003، وقد سميت تلك العملية بعملية “المطرقة الثقيلة”، وقد أدت إلى قطيعة بين الجنرالات، حيث اتهم كل طرف الطرف الآخر بأنه لم يفعل شيئا أو أنه لم يتحمس للدفاع عن زملائه.
كما أضافت الصحيفة أن الأمور في تركيا قد تطورت على المستوى العقائدي، حيث إن الغالبية العظمى من الجنود والكماليين، وهم المتعصبون للعلمانية والمحاربون للحجاب والساعون لفرض رقابة على المساجد، قد غيروا أفكارهم نحو الاعتدال، وقبول الإسلاميين كشركاء في الوطن.
ولكن في المقابل؛ أشارت الصحيفة إلى أن العلاقة بين الرئيس رجب طيب أردوغان والجيش ليست على ما يرام في هذه الفترة، حيث رفض المجلس الأعلى العسكري طلب أردوغان استبعاد بعض الجنود، بسبب انتمائهم لحركة فتح الله غولن المتطرفة.
كما أضافت أن التوتر القائم بين الرئيس أردوغان والجيش زاد منذ بداية الحرب في سوريا، ذلك أن الجيش عرض إقامة منطقة عازلة في الحدود بين تركيا وسوريا، إلا أن هذا المقترح رفض من قبل الحكومة.
ونقلت عن الكاتب سامح إديز “أن الحكومة ترفض إقامة منطقة عازلة على الحدود مع سوريا، حتى لا يتورط الجيش في المستنقع السوري، وتجنبا للاحتكاك بالأكراد المسلحين الموجودين في المنطقة”.
واعتبرت الصحيفة أن إطلاق سراح القائد الكردي عبد الله أوجلان، إثر اتفاق سلام أبرم سنة 2012، أقلق الجيش، الذي تلقى أوامر بالكف عن التصدي لميليشيات حزب العمال الكردستاني، المدرج على لائحة التنظيمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة وأوروبا.
كما قالت الصحيفة إنه لم يصدر إلى الآن قانون يوفر الغطاء لأفراد الجيش من أجل التصدي لحزب العمال الكردستاني، إذا ما رصدت أي تحركات مشبوهة لعناصره في تركيا، مما جعل العديد من الضباط يعبرون عن قلقهم من هذا الوضع.
كما اعتبرت الصحيفة أنه يجب على الحكومة والجيش إيجاد حل سياسي لمشكلة الحرب على منظمة حزب العمال الكردستاني، لما لها من تداعيات خطيرة، خاصة على الجانب الاجتماعي والاقتصادي في تركيا.
كما أوردت الصحيفة تصريحا لرئيس الأركان نجدت أوزيل، في خطابه الذي وجهه للعموم، قال فيه: “إن الجيش متخوف من عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني وإنه حريص على وحدة الأمة التركية”.
ورجحت الصحيفة أن سبب التخوف من عملية السلام هو مسلحو الحزب، الرافضون للخلفية القومية العرقية لتركيا، الشيء الذي تسبب في مقتل عديد من الجنود، إما في هجمات شنها الجيش على معاقلهم أو في عمليات إرهابية قام بها هذا الحزب.
وفي الختام حذرت الصحيفة من تداعيات موجة العنف التي تشهدها تركيا، حيث إن الحرب بين المسلحين الأكراد والجيش أصبحت داخل المدن، وأصبح حزب العمال الكردستاني أكثر تمرسا من فترة التسعينيات، نظرا لمشاركته في الحرب في سوريا.