قال الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الزراعية، محمود عمارة “لو كنت مكان المهندس شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، لأصدرت قرارًا «بوقف الإنفاق» على مشروع المليون ونص المليون فدان فورًا”.

وعدَّد عمارة -في مقاله المنشور بـ”المصري اليوم” تحت عنوان “لو كنت رئيسًا للحكومة”، أسباب رفضه للمشروع؛
أولًا: فين في العالم مشروع بهذا الحجم الهائل من «التمويل»، يبدأ دون «دراسات جدوى» اقتصادية وفنية ومالية، ودون «رؤية إستراتيجية، إضافة فين في العالم مشروع بهذا الحجم يعتمد أساسًا على «مياه جوفية»، يُمكن أن تكون هي المصدر الرئيسي «لكوب المياه» لملايين المصريين، بعد «سد جفاف النيل» وما سيليه من سدود؟!

“أمامنا «بروفة» لانقطاعات مياه الشرب، وصلت إلى قطع الطريق الدائري لمجرد أن منسوب النيل انخفض 10 سم، «وسد الخراب» لم يكتمل بعد (48%).. فما بالك عندما ينتهون من تركيب «المحابس» على عشرات السدود المخطط إنشاؤها أعلى النيل)؟!

ثانيًا: «دراسات الجدوى» ستطرح البدائل.. فمثلًا: يُمكننا زراعة المليون فدان بالساحل الشمالي، على «الأمطار» المُستدامة، بتوسعة ترعة الحمام.. فالزراعة بهذه المنطقة لا تحتاج سوى «ريَّـة تكميلية واحدة».. فنحقق الهدف بأقل التكاليف!!

والأهم هو: الاحتفاظ بمخزون المياه الجوفية للسنين السوداء، وقت انخفاض منسوب النيل أربعين وخمسين سم، للحفاظ على أرواح الملايين قبل أن تموت عطشًا.. عندما يصل تعداد المصريين إلى 321 مليون نسمة، بعد 70 سنة!! (إحصائيات منظمة الفاو للأغذية والزراعة).. ساعتها ننقل هذه المياه في أنابيب من الوادي الجديد، على طريقة القذافي (النهر العظيم)!!

ثالثًا: هُناك بديل للتوسع الأفقي.. اسمه: «التوسع الرأسي».. عملوه في موزمبيق وجمهورية الموز.. لا يحتاج سوى: «بحوث زراعية» تُضاعف إنتاجية الفدان (بدلًا من 14 إردب قمح للفدان- تصل إلى 28، 30 إردبًا.. والقطن من 6 قناطير إلى 15 قنطارًا.. والفول من طن إلى 3 أطنان.. واسالوا جهاز الخدمة الوطنية)، ومن ثم يُمكننا بنفس كميات المياه المستخدمة، ونفس المساحات المزروعة حاليًا مضاعفة الإنتاج.. ونوفَّر: «الـ150 مليارًا اللي هندفنها في الرمال».. ولا نُـبدِّد مخزون «المياه الجوفية» الذي ستحتاجه الأجيال القادمة للشرب والطبيخ والغسيل والنظافة، وإلا سيخرج ملايين «العطاشى» يعلَّـقون المسؤول من رجليه، لتعم الفوضى مع الخراب!!

رابعًا: مشروع الأربعة ملايين فدان الحال هو نفسه، الذي كان مُخطَّطا له في عهد المخلوع.. وقتها كان مبنيًا على أساس: مفيش سد هتبنيه إثيوبيا (وإلا سيُضرب قبل إكماله)، ولم يجرؤ الإثيوبيون على بنائه إلا بعد حالة الفوضى التي عمَّت البلاد، في ظل المجلس العسكري.. فكيف نستمر في هذا المشروع، رغم التغير الجذري بإقامة السد وتركيب المحابس؟.. (فهل حضراتكم مُعتمدون على «حسن النوايا» مع إثيوبيا؟)!!

وأضاف “الأنكى أن وزير الري «بإسهالاته» في الجرائد، يعترف بأننا أنفقنا 2.3 مليار جنيه لحفر 600 بئر في الصحراء، وأنه سيُنفق 12 مليار جنيه لاستكمال حفر باقي الآبار للمشروع!!، 12 مليار جنيه لحفر آبار، ودراسات الجدوى لم تنته بعد.. ورئيس الحكومة الجديد (بحُسن نية) في أول اجتماع له: «يبحث توزيع المليون فدان على الناس» من غير دراسة جدوى!!.

وتابع: جريدة حكومية (على صفحة كاملة- تعرض صورة لشوية «فسائل نخيل» في الفرافرة.. والمانشيت: «مصر هتخضر».. وكأن الموضوع هو «تلوين الصحرا» من الأصفر إلى الأخضر)!!

وختم: فين «دراسات الجدوى» لنعرف مُقدَّمًا: هنزرع إيه؟ وتكلفته كام؟ وهنبيعه لمين وبكام؟.. وهل وضعنا «دورة زراعية» مُلزمة لزراعة محاصيل إستراتيجية نستوردها؟ ولا رايحين عشوائي نبعزق فلوسنا، ونجفِّف المخزون الجوفي، ونغرز الشباب في الطين؟