شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الأسباب السبعة لهزيمة حزب “النور”

الأسباب السبعة لهزيمة حزب “النور”
أصيب حزب النور بنكسة كبيرة في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية، وهذه النكسة لم يتوقعها أكثر المراقبين تشاؤمًا، خاصة أن النكسة لم تتوقف على مناطق الصعيد والقاهرة، لكنها أصابته في معقله الرئيسي بمنطقة غرب الدلتا

أصيب حزب “النور” بنكسة كبيرة في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية، وهذه النكسة لم يتوقعها أكثر المراقبين تشاؤمًا.. خاصة أن النكسة لم تتوقف على مناطق الصعيد والقاهرة، لكنها أصابته في معقله الرئيسي بمنطقة غرب الدلتا «الإسكندرية- البحيرة- مرسى مطروح» والتي يتركز فيها وجوده وكوادره وقيادات الدعوة السلفية التي دشنت ودعمت الحزب.

ولعل الجميع أخذ يبحث عن أسباب هذه الانتكاسة غير المتوقعة للحزب الذي كان وصيفًا وتاليًا لحزب “الحرية والعدالة” في برلمان ثورة 25 يناير.. وأعتقد أن أهم أسباب هذه الانتكاسة ما يلي:

أولًا: الحملة الإعلامية الضخمة ضد حزب “النور”، والتي امتدت من بداية الدعاية الانتخابية لنهايتها.. وشملت معظم القنوات الأشهر في مصر وامتدت منها لأكثر الصحف.. حتى إن بعض مانشيتات الصحف تغافلت أحيانًا عن أحداث العالم الكبرى والانتفاضة الفلسطينية لتشن الحملة تلو الأخرى على الحزب.. وبعض هذه الحملات كان مجافيًا للحقيقة والتاريخ مثل «ربط حزب النور بداعش» أو أنه «داعش المستقبل».. وأنه «والإخوان سواء».. أو ربطه بطريقة فجة بـ”رابعة”، رغم أنه لم يحضرها وكان ضدها.. أو ربطه بالتفجيرات في سيناء وما أشبه ذلك.

ثانيًا: تعرض حزب النور مع شيوخ الدعوة السلفية السكندرية لحملة ضارية من تحالف دعم الشرعية بقيادة الإخوان، من كل القنوات والمنافذ الإعلامية الإخوانية.. فضلًا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي يدشنها أتباع التحالف بكل توجهاتهم.

وهذه الحملات كانت تسمي حزب النور بـ«حزب الزور» وتصفه بالخيانة والعمالة وتشتم قادته صباح مساء وفي بعض الأحيان كانت تشتم هؤلاء أكثر من شتمها للحكومة والنظام المصري.

ثالثًا: حالة الانقسام الخطيرة في المعسكر السلفي الذي كان موحدًا بعد ثورة 25 يناير، فهناك قسم كبير من الدعوة السلفية وخاصة في القاهرة، انضم إلى تحالف دعم الشرعية والإخوان مثل «مجموعة د. محمد عبدالمقصود ونشأت محمد أحمد» ومعظم المجموعات السلفية بالقاهرة باستثناء مجموعات قليلة منها مجموعة العالم الأزهري أستاذ أصول الفقه د. أسامة عبدالعظيم، وهناك مجموعات كثيرة انضمت لـ”حازمون” ومنها لمجموعات التحالف أو المجموعات المسلحة.. ومنها مدارس اعتزلت العمل السياسي والانتخابات تمامًا مثل مدرسة الشيخ الحويني والشيخ محمد حسان.. فضلًا عن بروز السلفية المدخلية التي تعادي معظم التيارات الإسلامية الأخرى وتدين بالولاء المطلق لكل الحكومات مهما كان توجهها.

فضلًا عن التمزق الذي أصاب المدرسة السلفية السكندرية بانضمام د. سعيد عبدالعظيم وتلاميذه إلى تحالف دعم الشرعية واعتزال د. محمد إسماعيل للدعوة والسياسة معًا واعتزل آخرون مثله.

فضلًا عن عزوف بعض أعضاء الدعوة السلفية السكندرية وأعضاء سابقين من حزب النور عن السياسة والانتخابات وهؤلاء لم يذهبوا للتصويت.. وبعضهم ينقم على حزب النور بعض مواقفه السياسية.

رابعًا: حزب النور والدعوة السلفية السكندرية والسلفيون عامة أضعف بكثير من الإخوان في القدرة على الحشد وتجييش الأتباع والأنصار واستخدام تكتيكات الانتخابات.. فمن أهم مواهب الإخواني أنه كائن سياسي وانتخابي نشط جدًا.. وينتمي لتنظيم محكم.. أما السلفية فهي ليست تنظيمًا ولن تكون ولكنها مدرسة علمية فقهية تركز في الأساس على العلم والعبادة وهي حديثة العهد بالسياسة التي لم تعرف دهاليزها بعد ولم تستطع بعد تربية أبنائها على الشأن السياسي.

خامسًا: المرأة الإخوانية تختلف تمامًا عن المرأة السلفية.. فالإخوانية تنظيمية سياسية تلتزم بالسمع والطاعة ولها دور إيجابي جدًا في كل أعمال الجماعة التي ترتبط ببعضها بقوة دعويًا وأسريًا واجتماعيًا واقتصاديًا.. والمرأة الإخوانية تعتبر الجماعة هي الأب والأخ والشقيق وكل شيء.. وأمر الجماعة مقدم عندها على أمر الآخرين.

أما المرأة السلفية، فهي كائن منزلي بالدرجة الأولى.. تهتم بزوجها وأولادها في المقام الأول والأخير.. ولا ترتبط بالجماعة السلفية إلا بقدر دفع أو منع زوجها لها.. والمرأة السلفية غير مسيسة بطبيعتها ونشأت على كراهية السياسة والانتخابات.. وطريقة ملبسها ونقابها الأسود يحول بينها وبين التواصل مع الآخرين وخاصة مع المختلفين معها دينيًا وفكريًا.. وهي بطبيعتها تحب الانعزال وخاصة في هذه الظروف الحالية الصعبة التي لا تساعدها على التعارف أو التواصل.. ولا تستطيع الوقوف في الشوارع لاستيقاف الفتيات وتوزيع الدعاية كما كانت تفعل الفتاة الإخوانية التي تعد أنشط كائن نسائي سياسي في مصر.. ولذلك غاب الدور النسائي للمرأة السلفية التي اكتفت الكثيرات منهن بحضور بعض ندوات الدعاية وحسب.

سادسًا: هناك قوى بكاملها لن تعطي صوتها لحزب النور أبدًا ومنهم المسيحيون والليبراليون والاشتراكيون والثوريون وكذلك رجال الأعمال ومعظم العشائر والأسر حتى الذين أعطوا للإخوان من قبل لن يعطوهم.. يضاف إلى ذلك معظم الإسلاميين.. وكذلك الذين يدينون بالولاء لمؤسسات الدولة المختلفة، ومن ثم فإن معظم الشعب المصري حجب صوته عنهم.

سابعًا: ظهر من أجواء الانتخابات الأخيرة أن الدولة ومؤسساتها المختلفة لا تريد ظهيرًا لها من التيار الإسلامي مهما كان ولاؤه لها.. وأنها قبلت دعم حزب النور لها في 30 يونيو كظرف طارئ خاص غير قابل للتكرار.. وأنها لا تطمئن لهذا الظهير مهما بدا مخلصًا لها.. وأنها تشك في نواياه حتى وإن نال في سبيل دعمها الشتيمة والسب واللعن والطعن.

ويبدو أن الدولة الآن لا تحتاج إلى ظهير أصلًا.. فإن احتاجت في أي وقت إلى ظهير فهي لا تفضل الظهير الإسلامي السياسي لأنها قد تراه متقلبًا أو لا تريد أن تتركه يكبر فيطمع فيما لا يطمع فيه الآن.. أو يقفز المتشددون فجأة على كراسي المعتدلين.. وقد بدا لكثيرين أن جميع الساسة حكوميين وغير حكوميين رسميين وشعبيين لا يحبون الظهير الإسلامي مهما كان لونه.. وعلى الدعوة السلفية أن تقرأ المشهد السياسي المصري بعناية وتنسحب من دوامات السياسة بصراعاتها وإحنها وضغائنها قبل أن تنهار الدعوة السلفية تمامًا.. وتتمزق تمزقًا يصعب رتقه.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023