شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

السلطان والرقص مع الذئاب

السلطان والرقص مع الذئاب
لقد تعاون الأخوة الماسونيين واليهود بصورة سرّية على إزالة السلطان عبد الحميد , لأنه كان معارضا قويا لليهود إذ رفض بشدّة إعطاء أي شبر أرض لليهود في فلسطين

مقال سيلين سارى

السلطان عبد الحميد سلطانًا لا يستطيع حتى خصومه عدم الاعتراف بعظمته ورغم ذلك فهو السلطان الذى ظلمه التاريخ اكثر من أي شخص اخر حيث تفرغ اليهود لمحاربته وتشويهه فليس هناك من شخصية في التاريخ الإسلامي المعاصر لقيت من الظلم والإجحاف والافتراء بقدر ما لقيت شخصية السلطان عبد الحميد الثاني، فقد صُوِّر من قِبل أعدائه اليهود والأرمن والاتحاديين بالسلطان الأحمر، والتركي المتوحش، والفرعون، الخليفة الخائن، عدو القرآن وغيرها حتى أن معارضيه لم يتورّعوا عن الإعلان بأنه “السلطان الملحد” في سبيل إسقاطه من نظر الشعب، في حين أن هؤلاء المعارضين كانوا ملاحدة، لكنهم لم يكترثوا  لهذا التعارض الفكري. وعندما لم يلق هذا الاتهام أي اهتمام لدى الشعب، عادوا هذه المرة لتصويره أمام الخارج على أنه “السلطان المتشدد في التدين

فلم يجد اليهود لهم حيله معه فهو السلطان المتدين الاكثر بساطة وابتعادا عن البذخ والاسراف على عكس من سبقوه للحكم اللذين كانوا غارقين حتى أذقانهم في الديون واللهو والمُجون امتاز عن أسلافه من السلاطين بأنه لم يستدن قرشًا واحدًا من أحد، وبهذا عصم نفسه من أن يقع في حبائل أصحاب البنوك وجُلّهم من اليهود، ولكن أعداءه لم يتركوا الفرصة دون أن يقلبوا هذه الخصلة الحميدة إلى مذمّة، فأطلقوا عليه في كتاباتهم لقب “عبد الحميد البخيل”

فلماذا اتحدت الأضاد في حربه واستماتوا كي يخلعوه عن عرشه؟؟

وصفوا عهده بأنه كان عهد انهيار وانحطاط  لكنه كان العكس تماما ففي عهده بدأ الرجل المريض” ينهض من سباته العميق ويعلن أن تركيا ستنهض بقوته فبوادر النهضة كانت قد ظهرت منذ سنوات، كما جرت المحاولة لبذل جهود حثيثة في المجال الاقتصادي بقدر ما حدث في المجالين الفكري والمعنوي. وكان تدشين خطوط السكك الحديدية الكبيرة مثل التي بنيت في الأناضول ولبنان والحجاز ونشر التعليم من خلال انتشار المدارس الابتدائية والمتوسطة والعليا والمهنية في شتى أنحاء الدولة، وكذلك الإصلاحات التي كانت ترمز إلى عهد السلطان عبد الحميد الثاني قد قدمت إمكانية إعادة النهوض بالدولة العثمانية. فقد استعدت الدولة لأن تسير في طريق التقدم بإصرار وعزيمة”. وهذا ما كان مرفوض من الغرب ومن اليهود تحديدا الذين اعدوا انفسهم لاقتسام ثروته من البترول والارض 

فدعموا كل معارضه في ارضه فقد اشترى اليهود كثيرا من الضمائر ضد الخلافة وحركوا الماسونيين , واتخذوا من مدينة (( سلانيك )) الوكر الرئيسي لدسائسهم ومؤامراتهم , لأنه تضم أوفر عدد من اليهود في تركيا , ولأنه مركز ((الدونمة ) وهم يهود تظاهروا بالإسلام نفاقا , ليعملوا على تقويض الخلافة الإسلامية وهم ضمن صفوفها , وعلى هدم الإسلام وهم داخل حصونه , وما زالوا يتغلغلون حتى استطاعوا أن ينفذوا إلى كثير من مراكز السلطة دون أن يشعر بها المسلمون .

وكان من الأشخاص اليهودية المنافقة الذين احتلوا مراكز هامة في الدولة (( جاويداي دافيد )) وهو من الدونمة وأحد أقطاب الماسونية , وأحد أقطاب جمعية الاتحاد والترقي التي باشرت بإلغاء الخلافة مستعينة بمن فسد من العسكريين , وقد بلغ من أمره أنه صار وزيرا للمالية “. 

ويقول الكاتب اليهودي (( برنارد لويس )) في كتابه : (( نشوء تركيا الحديثة )) :

( لقد تعاون الأخوة الماسونيين واليهود بصورة سرّية على إزالة السلطان عبد الحميد , لأنه كان معارضا قويا لليهود إذ رفض بشدّة إعطاء أي شبر أرض لليهود في فلسطين ) حيث كان لليهود محاولات عديدة مع السلطان ليسمح لهم بإقامة دولة لهم في فلسطين وبكل مرة تقابل عروضهم السخية بالرفض القاطع 

و في سنة  1897 م قدم هرتزل  زعيم الحركة الصهيونية بنفسه , فقدم الرجل إلى مركز الخلافة العثمانية يرافقه الحاخام  موسى ليفي وقابلا السلطان في قصر يلدز , وبعد أن شكرا الدولة العثمانية على ما بذلته من الرعاية للأقليّة من اليهود , طلبا من السلطان منح اليهود حق سكني في فلسطين واستثمارها , وعرضا على السلطان مقابل ذلك أن يقدّم اليهود إليه :

1- إنشاء أسطول عثماني .

2- دعم سياسة العثمانيين في العالم الخارجي .

3- مساعدة السلطان في تحسين أوضاع مملكته المالية , وكانت الأوضاع المالية حرجة .

4- إنشاء جامعة عثمانية في القدس , تغني عن إيفاد الطلاب المسلمين إلى أوربا .

فلما سمع السلطان عبد الحميد منهما عروضهما قطّب حاجبيه وقال : ( أظنّ أنّ إخوانكم اليهود يعيشون في رفاهية , بسبب الرعاية التي قدمتها لكم أمتي وأجدادي السلاطين , فما هي ظلامتكم التي غابت عنا؟ ) .

فأجاب الحاخام موسى ليفي  استغفر الله يا مولانا , ليس لنا أيّ شكوى , وإنما نتمنى أن نجمع اليهود المشتتين في العالم , ونجعل لهم وطنا يدعون فيه لسيّدنا حتى الأبد , فأجاب السلطان : إنكم تستفيدون من ثروات البلاد أكثر من باقي المواطنين , أليس كذلك يا حاخام ؟).

ثم جاد صمت ووجوم فبادر (( هرتزل )) إلى قطعه فقال : ( مثلا لو رضي مولانا وباع لنا الأراضي التي ليس لها مالكون في فلسطين بالثمن الذي يقدرّه ) فغضب السلطان وصرخ فيهما قائلا :

( إن أراضي الوطن لا تباع , إن البلاد التي امتلكت بالدماء لا تباع إلا بالثمن نفسه) 

وهذا ما أكده هرتزل في مذكراته ونصحني السلطان عبد الحميد بأن لا أتخّذ أيّة خطوة في هذا السبيل , لأنه لا يستطيع أن يتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين , إذ هي ليست ملكا له , بل هي لأمته الإسلامية التي قاتلت من أجلها , وروت التربة بدمائها , كما نصحني بأن يحتفظ اليهود بملايينهم وقال : ( إذا تجزّأت امبراطوريتي يوما ما فإنكم قد تأخذونها بلا ثمن , أما وأنا حيّ فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليّ من أرى فلسطين قد بترت من امبراطوريتي وهذا أمر لا يكون )

لذلك عندما لم يستطع اليهود أن يأخذوا فلسطين بالرشوة، بدئوا بتنفيذ مخططاتهم؛ فقد دُفعت تلك الأموال التي رفضها عبد الحميد للمتآمرين والخائنين من أعضاء جمعية الاتحاد والترقي الذي كان معظمهم من الماسونيين، فنفذوا مؤامراتهم بالقضاء على الخلافة الإسلامية، وخلع السلطان عبد الحميد وتمّ نفيه إلى (قصر الاتيني) الذي كان يملكه شخص يهودي إمعانًا في إذلاله، حيث عاش معزولاً عن الناس، محاطًا بحراسة مشددة بعد أن جُرِّد من كل ثروته. ثم نُفي بعد ذلك إلى (قصر بيلربي)، حيث توفي عن عمر الـ76 عامًا في (10 فبراير 1918م)، وترك الدولة العثمانية تواجه أقدارها، تتلاعب بها أيدي الخائنين والحاقدين والطامعين، و حوَّلوا تركيا الدولة التي حضنت الخلافة الإسلامية قرونًا إلى دولة علمانية شرسة في محاربة الإسلام

هكذا يكون الرجال عندما يملئهم الايمان وتكون حياتهم تجارة مع الله ولله هذا فصل من حياة أسد من أسود الإسلام تذكرة لما ابتلينا بهم من نعاج تحكمنا.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023