سلط مقال للكاتبة حنين حسن، مدرس العلوم السياسية بجامعة كلومبيا الأميركية، نشره موقع “ميدل إيست آي”، الضوء حول الدعم المطلق الذي يقدمه نظام السيسي لدولة الاحتلال.
تقول الكاتبة: “في 29 أكتوبر كانت مصر من الدول التي صوتت لصالح انضمام إسرائيل إلى لجنة الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية بالأمم المتحدة، ومن أجل مواجهة انتقادات عربية وداخلية شرسة ادعت الخارجية المصرية أنها صوتت من أجل انضمام عدة دول عربية للجنة وكان استثناء إسرائيل من هذه الدول غير ممكن”.
ومع ذلك امتنعت 11 دولة عربية عن التصويت للاحتجاج على تقدم إسرائيل لعضوية اللجنة، مشيرين إلى وجوب استبعادها من أي هيئة للأمم المتحدة بسبب انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي والاحتلال المستمر للضفة الغربية، والتهجير المستمر للفلسطينيين منها.
وأضافت الكاتبة “لكن يبدو أن حسابات مصر كانت مختلفة والتي يبدو أنها أبعد من تهميش جيرانهم الفلسطينيين؛ لذا قرروا أن يصوتوا لصالح إسرائيل، ولا بد أن هذه المساعدة المصرية تأتي ضمن وصف وزير الدفاع الإسرائيلي قدوم السيسي إلى السلطة بالمعجزة بعد أن عزل الرئيس مرسي”.
وتؤكد الكاتبة أن مصر تضطلع بدور مهم في عزلة قطاع غزة بالتنسيق التام مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ولم تدن مصر تهويد القدس الشرقية، والقتل العمد لأكثر من 70 فلسطينيًا، وحبس أكثر من 1500 فلسطيني خلال الأشهر القليلة الماضية، بالإضافة إلى زيادة المستوطنات بالضفة الغربية.
وتابعت: “بالابتعاد عن المطالبات التي أطلقت عقب ثورة يناير فيما يتعلق بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ومراجعة معاهدة كامب ديفيد، اعتمد السيسي على إستراتيجية مبارك التي تؤكد على أن أمن إسرائيل هو أولوية وطنية للسياسة الخارجية المصرية، والتي تفضل التشرذم والإنقسام بين الأحزاب الفلسطينية”.
اعتبرت “حنين” أن الهدف من تحويل سيناء إلى مسرح للعمليات المستمرة تحت مظلة مكافحة الإرهاب هو تحقيق أمن إسرائيل، وعلى الرغم من أن الجماعات المتمردة في سيناء هي نتاج سنوات من العزلة بعيدًا عن النسيج الاجتماعي والسياسي المصري، إلا أنه من الواضح أن مصر مهتمة بتشديد الحصار على قطاع غزة التي تسيطر عليه حماس التي تنظر إليها بأنها فرع من الإخوان المسلمين، وكانت بمثابة الذريعة التي أطلقتها مصر للتقارب مع إسرائيل على حساب نحو 2 مليون محاصرين في غزة.
وانتقدت الكاتبة الدعاوى التي تطلقها وسائل الإعلام الداعمة للسيسي التي تقول بأن الفلسطينيين هم المسؤولون عن تصعيد العنف في سيناء وذلك بدلًا من إلقاء اللائمة على السياسات الداخلية القمعية -إن لم تكن الإجرامية- للسيسي التي تهدف إلى تأكيد القبضة العسكرية على الفضاء العام، ومن حسن حظه فقد وجد إسرائيل كحليف متحمس له ضد “الإرهاب الإسلامي”.
وأشارت “حنين” إلى ما ذكرته منظمة “هيومان رايتس ووتش” من قيام السلطات المصرية بتدمير 3225 منزلًا على طول الحدود مع غزة، وقام الجيش بإخلاء وتهجير العائلات من أجل إقامة منطقة عازلة يتم تبريرها بأنها من أجل إيقاف دخول الأسلحة عبر غزة وهي الادعاءات التي لم يقدم دليلًا عليها أبدًا، وتقوم مصر الآن بضخ مياه البحر من أجل هدم الأنفاق لتجويع الفلسطينيين المحاصرين.
واستطردت الكاتبة: “تقدر إسرائيل خدمات السيسي بشكل استثنائي؛ إذ سمحت بالدبابات والمروحيات الهجومية و طائرات (إف-16) بالدخول إلى سيناء، وهو الامتياز الذي لم يمنح للسادات أو مبارك؛ إذ كان نزع سلاح شبه الجزيرة جزءًا من معاهدة السلام الموقعة في 1979، بالإضافة إلى توقيع شركة تمار الإسرائيلية لعقد تزويد الغاز لمصر كخطوة لتحسين العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية، ويبدو أن “إسرائيل” قد وجدت شريكًا جديدًا لها في الحرب ضد الإرهاب، والبرنامج النووي الإيراني، والفلسطينيين، وهي الثلاثة أخطار الإستراتيجية التي تواجهها “إسرائيل”.
وتشير “حنين” إلى أن الدور الإقليمي لمصر تراجع بشكل كبير بصعود دول عربية أخرى مثل السعودية التي تتولى زمام المبادرة في اليمن وسوريا، ومنذ الانقلاب العسكري حول السيسي السياسة الخارجية إلى سياسة قائمة على رد الفعل وهو ما ظهر في سياسة مصر الخارجية تجاه سوريا واليمن.
وأردفت: “للتعبير عن إخلاصه طالب السيسي مؤخرًا في الأمم المتحدة بتوسعة إتفاقية السلام مع “إسرائيل” لتشمل دول عربية أخرى، كما ركز على الحاجة إلى الاهتمام بالتهديد المتفاقم للإرهاب في المنطقة العربية، وأهمية الجيش المصري “كعامل استقرار”، ويبدو أن الديكتاتور المصري خاضع تمامًا لإسرائيل وأميركا، وعلى الرغم من التقارب المصري مع روسيا أبقى أوباما على مساعدات سنوية تقدر بـ1.3 مليار دولار والتي فشلت في تحقيق الاستقرار.
وختمت الكاتبة بالقول: “على الرغم من كل هذه الضمانات التي يقدمها السيسي لإسرائيل فإن السيسي يبدو أنه قد فشل في الحفاظ على نظامه السلطوي في منطقة متقلبة، وهذا النهج القائم على القبضة الحديدية الذي أدى إلى قتل وسجن عشرات الآلاف لن يفلح، وفي حال عدم البدء في إصلاحات حقيقة فإن السيسي لن يهدد استقرار بلده فقط بل فلسطين أيضًا”.
