شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

حتى لا يكون يوم سقوط السيسي 11 فبراير آخر

حتى لا يكون يوم سقوط السيسي 11 فبراير آخر
كثيرون يتمنون رحيل السيسي، وأنا أولهم، فلم يأت حاكم في مصر متحالف مع الصهاينة والأمريكان، مطيعا لهم، موجها سلاح الجيش ضد الشعب بقسوة واستمرار مثلما فعل السيسي!

– لقد رأيت حلمًا عجيبًا رأيتكم تحملون النبابيت!
قهقهوا طويلاً، ثم قال رجل مشيرًا إلى عاشور: 
– هذا الرجل مجنون ولا شك، لذلك أحبه!

عاشور الناجي- التوت والنبوت 
ملحمة الحرافيش – نجيب محفوظ

***

الضغط يولد الانفجار، والظلم يولد القهر، وانتشار الشعور بالظلم يولد الثورة لا محالة!

كثيرون يتمنون رحيل السيسي، وأنا أولهم، فلم يأت حاكم في مصر متحالف مع الصهاينة والأمريكان، مطيعا لهم، موجها سلاح الجيش ضد الشعب بقسوة واستمرار مثلما فعل السيسي!

لكن قليلون فقط من يفكرون في طريقة إسقاط السيسي وفي عواقب هذا السقوط! و رغم خطورة ذلك فهو مفهوم وربما يكون طبيعيا! فكل ما يشغل عامة الناس هو أن يرحل هذا الطاغية، وليكن ما يكون!

لكن دعوني أكون صريحا معكم؛ فيما يخص قدراتنا وقدرات من نواجههم؛ وأنا لا أعني السيسي بالطبع، ولكن حلفائه الإقليميين (الخليج والصهاينة) والغربيين (أوروبا وأميركا وروسيا)

الثورة في الشارع نجحت حتى الآن بلا شك في إفشال مشروع السيسي، كما نجحت في إفشال جميع محاولات احتواء الثورة وضمها إلى خارطة الطريق المشؤومة، التي فرضت قهرا بقوة السلاح! لكن هل تملك الثورة في الشارع إزاحة السيسي كما أزاح هو بالبندقية الرئيس مرسي يوم 3 يوليو؟؟

بكل وضوح لا؛ فلا يردع البندقية إلا بندقية مثلها، ولا يوقف المدرعة إلا مدرعة كذلك! وهي أدوات لا يمتلكها الثوار، وإن باتوا مقتنعين بأهميتها في حسم الصراع، بعد أن كان نضالهم سياسيا فقط قبل الانقلاب!

ما نجح الثوار فيه هو أنهم جعلوا من استمرار السيسي أمرا محفوفا بالمخاطر بالنسبة لمن يقفون خلفه، وخاصة بعد الأزمات القوية التي أصابت اقتصاد حلفائه الخليجيين الذين يمولون انقلابه، الأمر الذي يهدد بانهيار اقتصادي تام، وعدم قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المادية، وحدوث فوضى تجعل الأمور في مصر خارجة عن السيطرة out of control ، وهو المرفوض تماما بالنسبة لمصر وما تعنيه للغرب جيوسياسيا، من حيث قناة السويس والجبهة الجنوبية لإسرائيل!

***

سقوط الدكتاتور حلم لكل المستضعفين، الذين عانوا من ظلمه! ومن المفترض أنه فور سقوط الديكتاتور تتحرك الفئات الأكثر تعرضا للقمع والتهميش والقهر والتنكيل!

في العراق سقط الديكتاتور صدام حسين فتحرك الشيعة والأكراد، وفي تونس تحركت حركة النهضة، وفي سوريا فور اهتزاز بشار تحركت الأغلبية السنية المقهورة!

ولا يوجد في مصر مظلوما دفع فاتورة مقاومته للظلم مثل الإخوان المسلمين الذين قالوا منذ اليوم الأول أن ما يجري انقلاب، ودفعوا ثمن ذلك قتلا في رابعة والنهضة، واعتقالا في السجون والمعتقلات، ومطاردات في الداخل والخارج.

لكن أكبر خطأ يمكن أن يرتكبه الإخوان فور سقوط السيسي ألا يتحركوا! أن يكتفوا بالمشاهدة والاحتفال بسقوط الطاغية وخروج المعتقلين! أن يجعلوا من يوم السقوط السيسي نسخة أخرى من يوم 11فبراير الحزين، الذي فرحنا فيه بسقوط مبارك وظننا أن النظام قد سقط!

وإذا كان مفهوما أن يكون لدى الثوار أخطاء لأنهم في سنة أولى ثورة، فمن غير المفهوم إطلاقا أن تتكرر أخطاؤهم!

***

ليس هذا فحسب، بل أن عدم تحرك الإخوان سيسمح لآخرين بأن يتحركوا، وخاصة في ظل تراجع الجيش المحتمل – الذي ربما يكون مقصودا ومتعمدا ومخططا على غرار تراجع الشرطة في 2011 – مع الاكتفاء بحماية القناة! أما أمن إسرائيل فقد أكمل الجيش بنجاح هدم الأنفاق قرب غزة، وأقام منطقة عازلة مع قطاع غزة، بالتزامن مع إقامة إسرائيل جدارا على طول الحدود بيننا وبين الأراضي المحتلة!

مع تراجع الجيش وقتها؛ ستتحرك داعش، وستمارس ذات الممارسات الشاذة التي مارستها في العراق وسوريا وليبيا واليمن! ستحتل مدنا كبرى كما فعلت في مدينة “الموصل” العراقية، ومدينتي “الرقة” و “عين العرب كوباني” السورية! ستقطع رؤوسا و أيادي وأرجلا وتذبح سياحا وتتخذ جواري وتهدم معابد أثرية، وكله باسم الدين؛ لتشويه مشوع الإخوان، بالضبط كما شوههم أفعال حزب النور من قبل!

وهذا هو خطورة الدور الذي تقوم به داعش، والتي تحوي الكثير من الشباب الغاضب الراغب في الثأر من الجيش، الذي يمارس كل أنواع الإرهاب في سيناء، من قتل واغتصاب وتهجير؛ لكنها مخترقة على أقل تقدير، وصنيعة على أسوأ الفروض، لتبرير ما يقوم به النظام من أعمال قمع وإرهاب، وتبرير ما سوف تقوم به الكنيسة لاحقا!

والكنيسة من جهتها ستتحرك أيضا، كفرصة تاريخية، لتتحول من “جاني” مشارك في دعم النظام ورفض الثورة، وتأييد الانقلاب العسكري الدموي، إلى “ضحية” تعاني من “إجرام داعش الراغبين في القضاء على المسيحيين في مصر كما ذبح المسيحيين في ليبيا”، وهي الحجة التي تحتاجها الكنيسة لتبرير مواقفها المخزية!

ومن غير الخفي أن للكنيسة ميليشيات تحدث عنها ساويرس سابقا، ومن غير المستبعد أن تحدث صدامات بين داعش المخترقة من الخارج، والكنيسة المدعومة من الخارج أيضا! والهدف، “فوضى خلاقة”، تمنع الثورة من تثبيت أقدامها، وتطوير انتصارها، وتزايد على الإخوان، بعد أن تلصق بهم جرائم داعش – التي تكفر الإخوان – وتمنعهم من تقديم مشروع إسلامي مقبول للناس، وقابل للحياة!

***

باختصار؛ أخطأنا في 2011، حين لم نستثمر سقوط مبارك، فسمحنا له أن ينفذ تهديده: “أنا أو الفوضى”! وإذا لم نستثمر سقوط السيسي المرتقب فسنجعل الكثيرين يتحسرون على أيامه كما تحسروا بعد الثورة على أيام مبارك!!

لكن بديل السيسي ليس الفوضى فقط هذه المرة، وإنما الطائفية! هذا السلاح المقيت الذي مزق العراق، ودمر سورية، وقسم اليمن! وهو ذات السلاح الذي يعد لمصر فور سقوط السيسي، إذا لم يفرض الثوار أمرا واقعا على الأرض!

والحل الوحيد أن يتحرك الثوار؛ ويكونوا على قدر المسؤولية والوعي، وأن ينجحوا في اختبار التقدم والهجوم، بعد أن نجحوا في اختبار الإصرار والثبات، لردع أي ميليشيات طائفية تتكون، تعيث في الأرض فسادا!

لقد رأيت حلماً عجيباً، رأيتكم تحملون النبابيت!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023