أصبح الجميع يدرك تمامًا تغير العلاقة بين السعودية والنظام المصري في الآونة الأخيرة، خاصة مع الهجوم الممنهج من الإعلام المصري ضد المملكة العربية السعودية، والذي ظهر جليًّا في السباب الذي وجهه رئيس تحرير الأهرام لسفير السعودية وجهًا لوجه في إحدى الاحتفالات الأخيرة، والهجوم الإعلامي المتبادل بين البلدين في ظل اختلاف رؤيتهم السياسية وموقفهم السياسي من سوريا وليبيا واليمن.
وجاءت زيارة عبدالفتاح السيسي اليوم إلى المملكة العربية السعودية لحضور القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية، لتثير التساؤلات حول أسباب الزيارة، وتوقيتها، في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر، والخلافات السياسية بين البلدين خاصة فيما يتعلق بملفي “سوريا والتدخل العسكري الروسي هناك”.
الأزمة السورية
وأكد خبراء أن الأزمة السورية ستكون على رأس اجتماع الملك سلمان بالسيسي؛ ففي الوقت الذي أعلنت فيه السعودية مع قائمة من الدول، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وقطر، في بيان مشترك، رفضها للتدخل الروسي، أصدرت الرئاسة المصرية بيانًا مقتضبًا عن اتصال هاتفي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، أكد “تمسك الطرفين بالحل السياسي للأزمات في المنطقة بما يحافظ على استقرار كياناتها ومؤسساته”.
واعتبر نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية واﻻستراتيجية مختار غباشي أن زيارة عبدالفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية في هذا التوقيت مهم للغاية.
وقال غباشي في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء: إن أهمية الزيارة تتمثل في محورين؛ أولهما: الحفاظ على العلاقات الثابتة مع السعودية وعدم اﻻختلاف معها في هذا الوقت الحساس.
وأشار الخبير اﻻستراتيجي، إلى أن المحور الثاني يتمثل في اﻻجتماع مع زعماء الدول الجنوبية، الذي اعتبر الكثير من قيادتها أن إسرائيل دولة إرهابية.
وأوضح غباشي أن القضية السورية ستكون المحور اﻷساسي في مباحثات الرئيس السيسي في السعودية؛ ﻷنها محور اﻻختلاف في وجهات النظر المصرية – السعودية.
وأكد الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بمركز البحوث للدرسات السياسية والجنائية، أن لقاء القمة الثنائية بين السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز خلال أعمال القمة العربية اللاتينية، لن يخرج الحديث فيه عن الأزمة السورية ومحاولة تقريب وجهات النظر في الحل السياسي والتسوية، وقال إن الوضع في اليمن واستمرار الضربات على الحوثيين مطروح في أجندة اللقاء.
الأزمة اليمنية
تعتبر الأزمة اليمنية ضمن نقط الخلاف الكبري بين السياسية المصرية والسعودية، ومن المتوقع أن تكون على رأس الاجتماع بين سلمان والسيسي، فعلي الرغم من أن مصر أعلنت بشكل صريح تأييدها للتدخل العسكري في اليمن ودعم التحالف العربي، فإن الوضع على الأرض كان مختلفًا؛ حيث استضافت القاهرة اجتماعات للحوثيين، وكانت مشاركتها في الحرب ضعيفة جدًا وبشكل رمزي.
أزمة الطائرة الروسية
تعاني مصر من أزمة دبلوماسية كبرى بعد سقوط الطائرة الروسية في سيناء، والاتهامات التي وجهت لمصر بأن قنبلة دخلت الطائرة من مطار شرم الشيخ.
وأدى الموقف البريطاني والذي تبعة العديد من الدول الأوربية من منع السفر إلى سيناء، وإجلاء السائحين إلى أزمة دبلوماسية كبرى لمصر، ومن المتوقع أن تطلب مصر من السعودية الدعم السياسي حتي يعود الأمر كما كان وانتهاء الأزمة.
الرز السعودي
يسعى السيسي لاستغلال المشاركة في أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية “اللاتينية” لانتهاز فرصة دعوة الملك سلمان في طلب وساطة عدد من أمراء دول الخليج للحصول على دعم السعودية مرة أخرى.
وتمر مصر بأزمة اقتصادية طاحنة تؤثر عليها بشكل كبير، في ظل انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي، وانخفاض قيمة الجنيه، وارتفاع الأسعار.
ويسعى السيسي في الحصول على منح جديدة تساعده على الخروج من المأزق، خاصة في ظل الكوارث التي حلَّت على رأسه من سيول المحافظات وانهيار قطاع السياحة بعد سقوط الطائرة الروسية.
الولي: سيطلب دعمًا اقتصاديًّا
من جانبه قال الكاتب الصحفي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين السابق والخبير الاقتصادي، إنه من المؤكد أن عبدالفتاح السيسي سيطلب دعمًا اقتصاديًّا لمصر خلال لقائه بالملك سلمان.
وأوضح الولي في تصريح خاص لـ”رصد” أن السيسي في حاجة للدعم الاقتصادي في ظل الوضع الصعب الذي تمر به مصر من انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي، وما ترتب عليه من ارتفاع للدولار أمام الجنيه.
وأضاف الولي أن التصنيف الائتماني لمصر في وضع خطير، وأن أي أموال تدخل الاحتياطي النقدي المصري سينقذها من موضع صعب، مشيرًا إلى تقديم السعودية لأي منح في الوقت الحالي؛ نظرًا للظروف التي تمر بها.
وأشار الولي إلى أنه من الممكن للسعودية أن تقدم المساعدة لمصر في صورة قرض أو وديعة، مشيرًا إلى أنه ليس أمام السيسي سوى ضبط سعر الدولار، وضبط الأسعار بالأسواق، كما وعد المواطنين في خطابه.
“المهدي” تستبعد تقديم مساعدات جديدة
فيم ااستبعدت الدكتورة عليا المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، تقديم السعودية لمصر منحًا جديدة خلال زيارة السيسي في الوقت الذي تعاني فيه من مشاكل ضخمة وانخافض لإيرادات البترول.
وأكدت أن الإنفاق العام للسعودية كبير، ومن الصعب أن تقدم منحًا لدول في حاجة لمساعدات، ولكن قد يأتي ذلك من خلال قروض بفوائد منخفضة جدًا أو ودائع لدى البنك المركزي لتعويض عجز الاحتياطي النقدي الأجنبي.
ويستبعد محللون اقتصاديون إمكانية استمرار الدعم المالي السعودي لمصر في ظل الظروف الراهنة، سواء في السعودية أو مصر، لا سيما أن مسؤولين سعوديين أكدوا في مواقع مختلفه ضرورة أن تبحث مصر عن وسائل تمويل أخرى غير الدعم الذي تتلقاه من دول الخليج.
وأضافوا أن السعودية لن تقدر اقتصاديًا ولا سياسيًا على الاستمرار في مواصلة هذا الدعم المالي الذي تقدمه لمصر، والذي وصل حتى الآن إلى قرابة عشرين مليار دولار.