شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

يوم خروج حسام بهجت.. أتذكر البطاوي!!

يوم خروج حسام بهجت.. أتذكر البطاوي!!
"بهجت" صحفي و"البطاوي" كذلك، بهجت كتب تقريرًا تسبب في استدعائه والتحقيق معه، البطاوي "ديسك"، لا أعرف لماذا تم القبض عليه أصلا!!

“بهجت” صحفي و”البطاوي” كذلك، بهجت كتب تقريرًا تسبب في استدعائه والتحقيق معه، البطاوي “ديسك”، لا أعرف لماذا تم القبض عليه أصلا!!

بهجت حقوقي له أصدقاء عرضوا قضيته بشكل جيد، أثاروا تعاطف الجميع معه، كما أن له من العلاقات ما جعل بان كي مون يعرب عن قلقه إزاء استدعائه، مجرد الاستدعاء!!

البطاوي فلاح، من طوخ، صحيح ابن من أبناء أخبار اليوم، لكن قبض عليه وهو يعمل في “مصر العربية”، الموقع -ربما- الوحيد الذي يعارض السلطة العسكرية بشكل “واضح”، ويفتح أبوابه للجميع، الموقع الوحيد الذي يمكنك أن تقرأ فيه على لسان كتابه كلمة “انقلاب” واضحة، دون مواربة، أو التفاف، أو محاولات بلاغية للكر والفر، واللعب على كل الحبال، البطاوي دفع ثمن موقف جريدته، وبهجت تلقى “تحويشة” العمر في خزانة الأصدقاء، والعلاقات، والانحيازات المدنية، مع نظام يعتبر الإسلاميون هم الخطر الأكبر على سلطته، ولا يعتد كثيرا بمن سواهم، خاصة إذا كان الثمن إثارة غضب الخارج!!

سعدت من أجل حسام، ولم أتمنى -طبعا- أن يلحق بزميلنا البطاوي المسجون منذ 4 شهور، تحديدا منذ ليلة 1 رمضان الماضي، أخذوه من على مائدة السحور، وسط أهله، وزوجته، وأمه، وأمام طفلته، إلى الآن لا نعلم عنه شيئا، والتهمة الجاهزة: الانضمام لجماعة إرهابية، نفس تهمة إسراء الطويل، ورئيس وزراء بريطانيا!!

بص يا صديقي، الإسلاميون لديهم مرارات تتعلق بالعنصرية ضدهم، من قبل الدولة، لا مجال للمزايدة على هذا بادعاء المظلومية، فهي قائمة بالفعل، السلطة بدورها حريصة طوال الوقت على تعميق هذه المرارات، تحيي هذا وتميت هذا، الاتهامات واحدة، الافتراءات واحدة، الذنب الحقيقي، ألا وهو الثورة، واحد، والتعامل مختلف!!

أن يكون هذا شأن السلطة فهذا مفهوم، هكذا كان شأن المحتل مع الفصائل المختلفة، المتفقة فيما بينها على مقاومته، يقرب جماعة ويقصي أخرى، يزرع الكراهية، ويحصد الفرقة، فيهنأ بالعيش بينهم، يتقاتلون، فينعم بالسيادة والأمان، طبيعي، غير الطبيعي أن يكون هذا هو شأننا نحن، مدنيون وإسلاميون، ليبراليون، ويساريون، وإخوان، مع بعضنا البعض، بعد أن منحتنا تجارب التاريخ كل هذا الزخم.

أقول بوضوح: التيار المدني يستثني الإخوان من حراك التضامن الإلكتروني، ولا يريد أن يراهم حتى في العالم الافتراضي، التيار المدني لا يعرف حقوق الإنسان، إنما يعرف حقوقه هو، حقوق الإنسان إذا كان صديقنا، صاحبنا، من دوائر معارفنا، يشبهنا، يتفق معنا، أما الإنسان “الآخر” فنحن نتضامن من باب سد الخانات، “بوست” على الماشي، تويتة، أو لا نتضامن على الإطلاق، من سيحاسبنا؟!

منذ اللحظة الأولى ليناير، اختارت الدولة العميقة وإعلامها، بمهارة وحنكة شديدتين، أن يكون أحد فصائل هذه الثورة محمولا على أجنحة الذيوع والانتشار، من خلال نوافذهم، فيما يستبعد الآخرون، اختاروا أن يكون الفريق المقرب إليهم من غير المقربين إلىالشارع، لا يتحكمون في أي تكوينات ضخمة على الأرض، ليس لهم من أمر التواصل سوى ما تتيحه لهم نوافذ رجال أعمال مبارك، اختاروهم بعناية، وفرز، وكان الأقرب إلى الكاميرا دائما، هو الأخف وزنا، الأكثر ضحالة، “المهياص” فيما تبتعد الأضواء بالخفة ذاتها عن الحقيقيين بالقدر الذي يتعذر معه احتوائهم.. هؤلاء لعبوا معهم في مساحات أخرى.

رأيت ذلك بعيني، لمسته بنفسي أثناء عملي بعد الثورة مباشرة معدا، ورئيسا للتحرير في أحد أهم القنوات التي تحكمت فيما بعد في المشهد كله، ووجهته وفقا لسياساتها التحريرية القادمة بدورها من الأجهزة المعنية بذلك، بعد أن اكتسبت شرعية من جراء انضمام بعض الوجوه الثورية إلى شاشتها، شربنا المقلب جميعا، ونحن نتصور أن هذه هي طبائع الأشياء، الجميع تلوث بإعلامهم، تسممنا بأفكارهم ومفاهيمهم عن الأشياء، صار الظهور في سي بي سي مثلا مقبول في مجتمع الثوار قيما الظهور على قنوات الإسلاميين -شركاء الثورة- متهم صاحبه، والعكس صحيح، مسخرة!!!

نجحوا في تصوير الثائرين بوصفهم شباب أهوج، لا قيمة لديه، لا يريد شيئا سوى الصراخ، لا يريد للبلد للاستقرار، الباقي نعرفه، رأيناه بأعيننا، طوال الأعوام الأربعة الماضية، وما زلنا!!

انتباه، حسام مثل البطاوي، حسام دعا للوقوف بجانبه كثير من أصدقائه وتضامن معه، ومعهم، الكثيرون من غير الأصدقاء، بل من الإخوان ذاتهم، فيما رفض آخرون، ومارسوا التخوين، ومن أسف أن أصدقاء حسام حرصوا على وضع دائرة حول الرافضين للاصطفاف من أجله بوصفهم “كل” فصيلهم، لا “بعضا” منه، كما هي عادتنا البائسة في تصنيف الناس وفقا لأهوائنا الأيديولوجية، لا وفقا لواقعهم!!

أصدقاء البطاوي، وزملائه في الجريدة دعوا لوقفات عديدة من أجله، لم يقف فيها غيرهم، لم يشاركهم فيها أي أحد من الفريق الآخر، صحيح هم أنفسهم فيهم الليبرالي واليساري، بوصفها جريدة ليبرالية بالأساس، مصر العربية أعني، إلا أن هذا الفرز لم يكن أيديولوجيا، كان مهنيا، بحكم علاقات الزمالة، وأكل العيش، لم نسمع بدعم واحد من فريق “حسام” للبطاوي ولو على سبيل الانحياز الأخلاقي، مرت عليهم القضية مثل غيرها، إخوان، لا يعنينا!!

الآن جربناها مع حسام بهجت ونجحت، أتمنى أن ننجح بدورنا في تعميمها، بالمناسبة: لو لم تنجح الثورة إلا في أن تجعلنا منصفين مع الجميع دون تفرقة، فهذا وحده كافيا، على الأقل الآن، وغدا لناظره قريب..



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023