شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

6 أسباب لفهم هذا التصعيد الأخطر لـ”الدولة الإسلامية”

6 أسباب لفهم هذا التصعيد الأخطر لـ”الدولة الإسلامية”
لم يبالغ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عندما قال إن بلاده تواجه "عملا حربيا" جرى التخطيط له في الخارج وتنفيذه بتواطؤ في الداخل من قبل عناصر محلية.

لم يبالغ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عندما قال إن بلاده تواجه “عملا حربيا” جرى التخطيط له في الخارج وتنفيذه بتواطؤ في الداخل من قبل عناصر محلية.

فالعاصمة الفرنسية وكل العواصم الغربية كانت وما زالت في حالة صدمة مما حدث، وخوف من تكرار الاعتداءات نفسها في وسطها واستهداف مواطنيها.

هذه التفجيرات والهجمات تكشف عن حجم تغلغل تنظيم الدولة في أوساط شباب الإسلام في الغرب ونجاحها في أدلجتهم وتجنيدهم في خدمة مخططاته الإرهابية.

أكثر من أربع هجمات تنفذها الدولة وولاياتها في أقل من أسبوعين، وجميعها غير مسبوقة خلال السنوات العشر الماضية، حيث كانت الأولى اختراق مطار شرم الشيخ وتفجير الطائرة الروسية وقتل ركابها جميعا، والثانية إطلاق النار في قاعدة تدريب أمني في الأردن وقتل مستشارين عسكريين أمريكيين اثنين، وثالثها في جنوب إفريقيا (لم تعلن المسؤولية رسميا لكن معظم الخبراء يرجحون وقوفها خلف الجريمة)، ورابعها تفجير شارع مزدحم في الضاحية الجنوبية ببيروت، وآخرها ما حدث ليل الجمعة السبت في باريس.

فرنسا أعلنت حالة الطوارئ، وأنزلت قوات الجيش إلى الشوارع، وفعلت عدة دول أوروبية الشيء نفسه، ولكن هذه الحلول الأمنية والعسكرية وحدها لن تحصن العواصم الغربية من هجمات مماثلة، ولا بد من وضع استراتيجية متكاملة لمعالجة الأسباب التي أدت إلى ظهور الدولة الإسلامية واكتسابها هذه القدرات الضخمة التي تملكها في التجنيد والتنفيذ.

معظم الدول الغربية لا تريد الاعتراف بهذه الأسباب ودورها في توفير العوامل المؤدية لهذه الظاهرة الإرهابية الخطيرة التي “اجتزّت” كل ما قبلها، وأولها التدخلات العسكرية، وتفتيت الدول ومحاولة إعادة رسم حدود وخريطة منطقة “الشرق الأوسط” من جديد، وفق مصالحها ومخططاتها، وبما يكرس إسرائيل دولة عظمى في المنطقة.

وهناك ستة مصطلحات، أو كلمات رئيسية لا بد من التوقف، وتحليل أسبابها، إذا أردنا فهم هذه الظاهرة وأسباب نشوئها، واكتسابها كل هذه القوة واسعة الانتشار:

الأولى: الإهانة.. فالشعوب العربية والإسلامية تتعرض للإهانات المتواصلة من قبل حكوماتها الفاسدة، ومن قبل القوى الاستعمارية الغربية والشرقية بتدخلاتها العسكرية في شؤونها.

الثانية: الإحباط.. فلدينا أكثر من مئة مليون شاب عاطل عن العمل، وأكثر من 40 مليون أمي، والإحباط هو القاسم المشترك لمعظم هؤلاء، حيث لا حاضر ولا مستقبل لهم.

الثالثة: غياب الحكم الرشيد.. الغالبية الساحقة من الأنظمة العربية ديكتاتورية قمعية فاسدة، وأبوية لا تملك أي مشاريع تنمية، أو قدرات إدارية متقدمة.

الرابعة: التدخلات العسكرية.. فهذه التدخلات التي بدأت في العراق، وامتدت إلى ليبيا وسورية واليمن والصومال، غيرت أنظمة بالقوة في معظمها، ولكنها خلقت دولا فاشلة، ولم تقدم بدائل ناجحة للأنظمة التي أطاحت بها.

الخامسة: التهميش.. ففي ظل إذكاء نار التقسيمات الطائفية والعرقية التي باتت العنوان الرئيسي، ومحور الحروب الأهلية في المنطقة، باتت عمليات التهميش والإقصاء الطائفي والعنصري القاسم المشترك في معظم الدول، ومصدرا من مصادر التمرد، واللجوء إلى العنف والإرهاب.

السادسة: وسائط التواصل الاجتماعي.. فالجماعات الإرهابية مثلها مثل المواطنين، لم تعد بحاجة إلى وسائل الإعلام التقليدية لنشر أيديولوجيتها وأفكارها، ويكفي الإشارة إلى أن “الدولة الإسلامية” تملك أكثر من خمسين ألف حساب على “تويتر” حاليا، ويطلق أنصارها مئة ألف تغريدة يوميا.

الدول الغربية التي تتدخل عسكريا في المنطقة تعرف كيف تدمر، ولكنها لا تعرف (أو لا تريد) كيف تبني المجتمعات والدول التي تدمرها، وتعتمد دائما على خبراء تحركهم النزعات الانتقامية في وضع سياساتها الخارجية في المنطقة العربية، الأمر الذي ينعكس سلبا وإرهابا عليها، وعلى أبناء المنطقة.

هذه الهجمات الدموية التي شهدتها باريس بالأحزمة الناسفة، والبنادق، ستصب في مصلحة الأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة، وسياساتها العنصرية ضد أكثر من ثلاثين مليون مسلم في القارة الأوروبية، ثلهم في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الأمر الذي لو تطور إلى أعمال عنف وهجمات انتقامية مضادة، سيؤدي إلى صدامات وحالة من الخوف والرعب وعدم الاستقرار، ربما تفوق أخطار هجمات باريس.

الحكومات الغربية يجب أن تبحث عن حلول أخرى، غير الأمنية والعسكرية لمواجهة هذه الظاهرة الإرهابية المدمرة، وعلى رأسها السياسات الخارجية في منطقة الشرق الأوسط خصوصا، فالذين فجروا محطات قطارات مدريد ولندن، قالوا إنهم فعلوا ذلك بتأثير غزو العراق واحتلاله وقتل مليون من أبنائه، وبيان “الدولة الإسلامية” الذي تبنى مسؤولية تفجيرات باريس، وقال إنها جاءت كرد على أعمال القصف الجوي لمواقعها.

نحن لا نطالب مطلقا بالتخلي عن الحلول الأمنية، لأن من حق جميع الحكومات الدفاع عن مواطنيها ومصالحها، والقضاء على أي خطر إرهابي يهددها، ولكننا نطالب بنظرة أكثر عمقا وأبعد مدى للظاهرة برمتها، وليس سياسات “رد الفعل” قصيرة النظر.

ولعل “شماتة” الرئيس السوري بشار الأسد التي يمكن استقراؤها من خلال “برقية” التعزية التي قال فيها “فرنسا عانت الجمعة من وحشية الإرهاب الذي تكابده سورية منذ خمس سنوات”، وكأن حال لسانه يقول ألم نقل لكم ونحذركم، بعض المؤشرات التي يجب دراستها والتوقف عندها بشكل مطول.

ما حصل في فرنسا أمس، إرهاب لا يفرق بين الأمم والمذاهب والأديان، وهنا تكمن خطورته الحقيقية، وحتمية النظر إليه نظرة مختلفة، لأن ما شاهدناه قد يكون قمة “جبل الجليد” فقط، الأمر الذي يدفع الكثيرين للترحم على تنظيم “القاعدة” الذي يبدو “هاويا” بالمقارنة بما يجري، وربما بما سيحدث في المستقبل، إذا استمر الوضع على حاله دون تغييرات سياسية جذرية تتعاطى مع قضايا منطقة الشرق بشكل جدي، ومن منظور شمولي.

الرأي اليوم



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023