شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هل يتراجع السيسي أم يتقدم إلى الأمام؟

هل يتراجع السيسي أم يتقدم إلى الأمام؟
لم يذكر التاريخ، أن الطاغية تراجع في مرة من قبل، بل إنه كلما شعر بضعفه يزداد إجرامًا و ظلمًا و سفكًا للدماء وفتكًا واستبدادًا.

“الإخوان جزء من مصر وأحكام الإعدام لن تنفذ”

بهذا التصريح، استهل السيسي زيارته لبريطانيا، وكثيرًا ما نسمع مثل هذه الكلمات، سواءً منه أو من النظام العسكري، وبكل أسف يأخذ الثوار ومعارضو الانقلاب هذه التصريحات ويطيرون بها تفاؤلًا وفرحًا، متوقعين أن المنقلب يتراجع.

وقد يعيش أحدهم خضم الأحلام والأمنيات؛ فيستيقظ من منامه بتصريح أو منشور أو حتى تغريدة على صفحاته الخاصة يزف البشرى الكبرى والخبر اليقين أن الانقلاب..؟؟ يترنح…!!!!

الطاغية لا يتراجع

لم يذكر التاريخ، أن الطاغية تراجع في مرة من قبل، بل إنه كلما شعر بضعفه يزداد إجرامًا وظلمًا وسفكًا للدماء وفتكًا واستبدادًا.

في التاريخ القريب، “هتلر” الذي لم يستمع لناصحيه وكان طغيانه ليحتل العالم فيدين له ولجنده ويذل الآخرين، فكانت نهايته بيده هو منتحرًا هزيمة وقهرًا، أو أخوه وجاره في إيطاليا موسيليني الذي أذاق شعبه سوء العذاب ونكل بهم فأذله شعبه وقتلوه شر قتلة تدرس في التاريخ وأصبحت نموذجًا لإعدام الخونة.

أو هؤلاء في التاريخ الحاضر الذين رأيناهم رأي العين؛ طاغية تونس الذي ذهب وكتب عليه أن يعيش كأنه شيء قبيح يتعافى منه الناس وتخلى عنه من عاش في خدمتهم طوال حياته، أو هذا الجار القريب الذي أخرجوه من أنبوب المجاري ولم يعرف له قبر وكان قبلها بأيام يضرب شعبه براجمات الصواريخ!

ولا تنس أمثلة الزمن السحيق؛ النمرود والمثال الأكبر والنموذج الأشهر فرعون، وهذا الآخر الذي نفدت قافلته التجارية فأشاروا إليه أن يرجعوا إلى مكة فأصر ألا يتراجع وأن يكمل إلى الأمام فيذبح الجذور ويشرب الخمر ويعاقر المومسات، فكان حتفه وحتف من أطاعوه في القليب في وقت واحد.. أبو جهل في غزوة بدر..!!!

حتى الكيانات والأنظمة الطاغية والمستبدة أيضًا لا تتراجع ولا يأتي ذهابها إلى مصيرها البائد إلا في أوج عنفوانها وقوتها وتجبرها؛ مثالهم قوم عاد وقوم ثمود وغيرهم ذهبوا بعدما قالوا (من أشد منا قوة).

وهذا الذي تسلط على مصر اليوم لا يقل عن هؤلاء جرمًا ولا استبدادًا؛ بل يزيد عليهم قسوة للقلب وغيابًا للضمير، ليس هو فقط بل نظامه العسكري بكامل هيئته؛ وما هو إلا واجهة لهذا الحكم المستبد، فلا تأخذكم الآمال بكلامه وهراء جنده من حوله؛ فأقصى ما يريده أن يناوركم في معركتكم معه والمناورة خلق أصيل للطغاة الخونة الكذابين وأنظمتهم العميلة وقد ناور جده الأكبر وأستاذه الأعظم وقدوته العصماء فرعون لما أصابه الرجز

(لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ).

فلنكن على صبر وإمهال، واعلموا أنه يزداد قسوةً وضلالًا حتى يصير عليه المصير المحتوم (إذا أخذه لم يفلته).

وقد دأب التاريخ أن يكون هلاك الطغاة بشكل لم يعهد من قبل، وسيكون زوال طاغيتنا بإذن الله خيانة وتنكيلًا من أقرب الناس إليه تمامًا كما فعل بمن وثقوا فيه من قبل، وسيكون موقف هلاكه على رؤوس الأشهاد ليشفي الله بها القلوب التي أحرقها وحرمها من أعز ما كانت تملك وتحب، ولكن على الثوار أن يكونوا حذرين من كلماتهم؛ فهي بين الإلهاء والمناورة كي يكسبوا بها أرضًا جديدة ووقتًا أطول يخدع به السذج أنه من نجاح إلى نجاح فلا تكن الثورة في سذاجة عقولهم.

تعلموا من صبرهم

ترك نظام العسكر الثورة عامين ونصف العام لا يعمل إلا في الخفاء يدبر لنا ويكيد، حتى أخرجنا كل ما في جعبتنا وأظهر قوتنا ثم انقض علينا بعد أن غرر بضعاف النفوس واستخدم السذج والعملاء في تشويه صورتنا وضرب ثورتنا في مقتل، فأصبحت الثورة رمزًا للخيانة وبيع الوطن، بعدما كانت الأمل الأكبر في بناء مستقبل يحلم به الجميع.

وها قد رأينا اليوم كيف أصبح ينكل برجاله ويكيد لهم ويزداد عليهم قسوة وطغيانا وهم أعوانه حتى من ساعدوه بالمال صادر ممتلكاتهم وألقاهم في السجون، ومن رقصوا أمام لجانه وفرحوا بقناته الجديدة لم يلتفت إليهم يوم أن غرقت بيوتهم بالأمطار وذهبت ممتلكاتهم سدى، بينما هو مشغول بزيارة العالم الذي ما لبث أن استهزأ به، ويوم أن تذكرهم مر عليهم بالطائرة ليتمتع بمظهر الخراب الذي حل على الوطن المسلوب، ولو فكروا يومًا أن يخرجوا ضده سيكون الرد الوحيد عليهم ضربهم بالرصاص في سويداء قلوبهم.

أمنيات الميدان المستحيلة

أبشع ما يروج له الآن، وللأسف طار بعضنا بها فرحًا، هو العودة إلى الميدان (كي ينفرد بنا من جديد..؟؟)، أي ميدان هذا وقد تحولت المعركة تمامًا وأصبحت بالقوة والسلاح لا بالثورة والسياسة، كونوا حكماء فقد تمكن المنقلب وورط كل من حوله من كيانات وأفراد ومؤسسات لم يورطهم في الخداع فقط بل في الدماء أيضًا؛ فمن لم يقتل حرض ومن لم يحرض رقص فرحًا بسفك دمائكم، وأصبح الجميع على يقين أن الهبة ستكون على الرقاب لا على أي شيء آخر، ولذا سيدفع الطاغية كل من حوله للدفاع عن نفسه بأن يزداد توريطًا وإجرامًا وسفكًا للدماء الحرام.

يعلم كل فرد من ملأه من أصغر مخبر إلى أكبر قائد، أن الثورة لا تطلب سوى رقبته ولن ترضى بأقل من ذلك، ولذا أمام رقبته سيأخذ آلاف الرقاب وسيزدادون تعطشًا للدماء طمعًا في النجاة.

فهل بعد كل هذا يتراجع هو أو نظامه عما وصلوا إليه بالقتل والحرق والسجن وأحكام الإعدام والمؤبدات، ناهيك عن التعذيب والاغتصاب في أقسام الشرطة وأقبية السجون السحيقة..؟

وإن فرض يومًا أن أخرجوا لكم حملًا ناعمًا طيبًا جديدًا فاعلموا أنها مرحلة أخرى من مراحل الخداع كي يتمكنوا من آخر رمق لثورتنا وبها يستأصلون شأفتنا بعد مناورة جديدة يكون عنوانها أن الكتيبة أربع ستات (6666) مشاه والكتيبة خمس خمسات (55555) دفاع جوي انضموا إلى الثورة…!!!

ألا تذكرون معي أن من حرق مسجد رابعة وقتل المصلين في مسجد الفتح والقائد إبراهيم كان يبكي خشوعًا في صلاة العصر…!!!!

على الثورة أن تطرد خلق السذاجة عنها فليس كل خبر نسمعه نطير به فرحًا وهو في الأصل إجرام جديد ومكر السوء بنا يقترب به الطاغية من النهاية المعهودة (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ).

فاصبروا واستمروا في إفشالكم له بكل وسيلة سلمية، وتربصوا لحظة ظهور المخلصين لكم ومن لم تلوث أيديهم بالدماء وهم موجودون بإذن الله، واستعينوا بالله معهم، وحينها عودوا إلى ميدانكم وأكملوا ثورتكم ولا تبرحوه حتى يذهب الدم الفاسد القديم على جنبات الخيانة والاستبداد وتغسلوا عن وطنكم عار دولة طعامها الخوف ومسكنها الزنازين.

نسيت أن أبلغكم آخر الأخبار: أن السيسي يفكر جديًا في أن يتخلى عن الحكم ويتنحى، ليخرج بعدها الشعب الولهان يملأ الشوارع والميادين على هتاف واحد ضد قرار الزعيم الملهم ….ا ….ا  لا تتنحى..!.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023