شن الإعلام المصري حملة جديدة على الإعلام السعودي والمملكة بعدما أثار تقرير قناة “العربية” السعودية، التي سخرت فيه من الانتخابات المصرية، غضبة شديدة، حيث تعد هذه هي المرة الثالثة للإعلام المصري الذي يشن هجوما على نظيره السعودي، وسط حالة من التوتر السياسي بين البلدين خاصة بعد واقعة إهانة السفير السعودي.
لهث وراء الأرز
وعلق الدكتور محمد الحضيف، أستاذ الإعلام السعودي، على الأمر قائلا: “تخبط الإعلام معيار لتخبط الانقلاب الذي يتجه بالبلاد لكارثة كبرى، وبعد حادث الطائرة الروسية أصبحت مصر تحت وصاية دولية، فنحن أمام فرقعة إعلامية لتغطية كوارثهم”.
وأرجع “الحضيف”، في حديث لـ”رصد”، سبب الهجوم الإعلامي المصري إلى توقف السلطات السعودية عن تقديم الدعم المالي والذي يوصف بـ”الأرز”، فكل ذلك حجِبَ تماما مع الحكم الجديد للمملكة المتمثل في الملك سلمان بن عبد العزيز، لافتا إلى أن مصر حصلت على 40 مليار دولار وتظن أن هناك المزيد، حسب قوله.
وأشار أستاذ الإعلام السعودي إلى أن “الإعلام المصري لا يزال يصور مصر أنها دولة إقليمية كبرى لها ريادة في المنطقة، ولكن في الحقيقة الشارع السعودي لا يرى ذلك الآن، ومع ذلك فنحن نفرق بين الشعب المصري وبين نظام الانقلاب العسكري الذي يلهث وراء المال الخليجي”.
إعلام يعبر عن توتر بين البلدين
واعتبر الدكتور باسم عالم، أستاذ القانون السعودي، أن “الإعلام المصري انحدر إلى مستوى من التسفل الفكري والأخلاقي والقيمي، وهذا الأمر ذكره ابن خلدون عندما وصف صور التسفل التي تظهر على مجتمع في لحظات ضعف وانهيار، وما يبث من الإعلام المصري دليل على انهيار نظامه”.
وأضاف “عالم” في اتصال هاتفي مع شبكة “رصد”: “منذ ما يسمى بثورة 23 يوليو، انحرف الإعلام المصري على يد جمال عبد الناصر، وتحول من متعدد المنابر إلى إعلام أحادي يخدم أيدولوجية النظام حتى انحنى لهذا المستوى المتدني الذي نراه”.
وأكد “عالم” على ضرورة التفرقة بين الإعلام وبين الأفراد الذين يعملون به، لافتا إلى أن هناك العديد من الإعلاميين المحترمين والمهنيين ومحترفين وأصحاب قيم ومبادئ ومعظمهم هربوا بأخلاقهم ومبادئهم وبدينهم من الانحدار الأخلاقي كي لا يكونوا تروسا لهذه المنظومات، حسب قوله.
وحول احتمالية وجود خلاف بين النظام المصري والسعودي، قال “عالم”: “حتى الآن هناك تفويض من المنظومات السياسية للبلدين لتبادل الهجوم وذلك مؤشر لخلاف بين سلطات البلدين”، مؤكدًا أن الخاسر الحقيقي في النهاية هو الإعلام الحر اللذي يتبنى كل الآراء المختلفة.
واختتم د.عالم تصريحاته لـ”رصد” بقوله: “المنظومة الحاكمة في مصر تقمصت في قميص حديدي غير قادرة على الخروج منها وتطالب الجميع بارتداء هذا القميص ومساندتها على هذه النظرة الضيقة”، موضحًا أن السلطات السعودية تنظر للمصلحة الإقليمية وتوقفت عن الدعم السياسي للنظام المصري المنشغل بترسيخ تواجده في الداخل.
السخرية من الانتخابات المصرية
وكانت المذيعة نيكول تنوري، قد قالت في مقدمة برنامج “عصير انتخابي” الذي تقدمه في قناة “العربية” السعودية إن “العصير مستمر والعصرة الثانية من الانتخابات، اللهم أعطنا على قد نيتنا في العصر واجعلها -مزهرة- بالحضور الانتخابي، ولا تكسر بخاطرها مثل الجولة الأولى”.
وتهكمت “تنوري” على فوز أحمد مرتضى منصور وعبدالرحيم عن دائرة الدقي، قائلة: “لا ينفع أن ينجح كل الطبالين دون رقاصة، كان لزامًا أن تدخل معهم سما المصري”.
وسخرت أيضا من عدد المُشاركين في الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية، حيث قالت: “85 في المئة من المقاطعين للانتخابات يحتاجون لأكبر قفص اتهام في التاريخ؛ لأنهم بحسب اللجنة العليا للانتخابات ارتكبوا جريمة بدرجة جنايات”.
واعترضت مذيعة البرنامج على تصريح مسؤول عن اللجنة العليا للانتخابات، يقول فيه: “الانتخابات حق، لكنه واجب، والواجب إذا لم يؤد بالطريقة التي يتطلبها القانون عليهم عقوبة وهي 500 جنيه، والمقاطعة هي أكبر جريمة”.
وطرح برنامج “عصير انتخابي” في نهايته، على المواطنين المصريين، سؤالًا مضمونه “الذين لم ينجحوا في الانتخابات في أي عمل سيشتغلون؟ لتختلف إجابات المصريين…”.
انتقاد عاصفة الحزم
وكانت بداية المناوشات بين إعلام البلدين حينما صوب بعض الإعلاميين المصريين طلقاتهم إلى السعودية منذ أن أعلنت عن إطلاق عملية “عاصفة الحزم” في اليمن حيث شككوا بنتائجها وأسبابها.
وقالت الإعلامية أماني الخياط حينها إن “الحوثيين لم يعتدوا على أحد حتى يتم الاعتداء عليهم من خلال عاصفة الحزم بقيادة السعودية”.
وتابعت أن العملية “لم تحقق أهدافها المعلنة”، مشيرة إلى أنه “لا يوجد سوى مصادر السعودية الإعلامية التي تستقي منها جميع وسائل الإعلام الأخبار منها”.
وذهب الصحفي المصري مجدي البسيوني رئيس تحرير صحيفة “العربي” الناطقة باسم الحزب الناصري المصري إلى أن “السعودية اتفقت مع الرئيس المعزول محمد مرسي على تأجير سيناء للإرهابيين”.
واعتبر الإعلامي المصري يوسف الحسيني أن ما حدث “ليس عاصفة على الإطلاق ولا يوجد حزم، والتسمية جاءت في لحظة لا إبداع، والتسمية مشابهة لعاصفة الصحراء”.
وطلب الإعلامي إبراهيم عيسى من جمهوره عدم الاحتفال والغبطة، لأن عاصفة الحزم هي عبارة عن “دولة عربية تضرب أخرى مهما كانت الأسباب، وهذا أمر مؤلم.. والحوثيون مكون من الشعب من مكونات الشعب اليمني”.