شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

حروب القفا الرابع

حروب القفا الرابع
ينشغل العالم، غربه وشرقه، بنذر الجحيم التي تقترب من الشرق الأوسط، إلا مصر، مشغولة بحروب الجيل الرابع، والقفا الرابع، لواحد من مذيعي عبد الفتاح السيسي.

ينشغل العالم، غربه وشرقه، بنذر الجحيم التي تقترب من الشرق الأوسط، إلا مصر، مشغولة بحروب الجيل الرابع، والقفا الرابع، لواحد من مذيعي عبد الفتاح السيسي.

قبل أن يصدر قرار مجلس العمومي البريطاني بالدخول في الحرب الدائرة على المسرح السوري، ملتحقًا بفرنسا التي حجزت مقاعدها في حافلة الجحيم مبكرًا، كانت باريس تعلن عن رغبتها في دخول مساحة جديدة من الجحيم؛ حيث خرج رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس،  متحدثًا عن  تمدد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في ليبيا، معتبرًا أن ليبيا هي الملف الكبير الذي سيحتل الصدارة في الشهور المقبلة، وأن ما يحدث فيها حاليًّا يعكس قدرة الإرهاب على التكيف والتأقلم باستمرار.

كلٌّ يحدد ما يريد قضمه من “كعكة الجحيم” مسبقًا، على نحو بات معه كثيرون يعيدون طرح السؤال الكبير: هل كل ذلك من أجل “داعش” حقًّا؟

يستبق هذا السؤال سؤال آخر: من الذي يمسك في يده” الريموت كونترول”، وينقل “الخطر الداعشي” من منطقة إلى أخرى، من مناطق “فرض النفوذ” في الخارطة العربية؟ في وسط هذا البحر الهائج من الألغاز وعلامات الاستفهام، يبقى سؤالنا الأهم: أين جامعة الدولة العربية مما يحدث؟ وأين مصر العربية مما يدور ويكاد يمسك بطرف ثوبها من ناحية الشرق في سيناء؟

مصر الغائبة، المغيبة، غارقة حتى كتفيها، في دلالات ومآلات ضرب إعلاميي السيسي أينما رافقوه في رحلاته، التي صارت مناسبة للإهانة، إذ يفتي واحد من المذيعين، مفاخرًا بسلامته مما لحق بزملائه، بأن الموضوع واحد من تجليات “حرب الجيل الرابع”، ذلك الوهم الذي يهذي به نظام عبد الفتاح السيسي، منذ أيام المجلس العسكري، وازدهر أكثر مع عملية السطو على الحكم، قبل أكثر من عامين.

العالم كله مشتبك في حروبٍ بمعناها الواضح والصريح، بينما بؤساء النظام المصري متمسكون بتجارة الأوهام التي أغرقوا بها المجتمع، حتى صدّقوا أنفسهم، فبات التعدي اللفظي والجسدي على براميل البذاءة المتنقلة مع السيسي، في جولاته، استهدافاً للدولة المصرية، ومكانتها العالمية، من خلال إهانتها وخدش كبريائها، بالتعرض لمذيعيها.

ولو دقق هؤلاء المحاربون الظرفاء قليلاً، لتوصلوا إلى أن الإهانة الحقيقية لمصر هي هذا الأداء الدبلوماسي الذي يبني علاقاته الدولية على معايير التربح والتسول، لا مبدأ ثابتاً، هنا، ولا قيمة مستقرة، ولا احترام لهوية أو دور أو انتماء، ولعرفوا أن التجسيد الكامل لمعنى الإهانة هو خطابهم الإعلامي المبتذل، والذي يتغير ويتبدل، حسب اتجاه ريح الأرز.

أما الحرب، الحقيقية، التي تدور على أرضنا، وتحرق عشبنا، فلا ناقة للقاهرة فيها، ولا جمل، إذ تهتم أكثر بولادة برلمانها المشوّه، وتستغرق في “الحرب على الحريات”، والحرب على الإنسان، والحرب على كل ما تبقى من ملامح لمصر، كما عرفها العالم، وعرفت نفسها.

هذا الغياب الفادح، المشين، تلمسه لدى “جامعة الدول العربية”، كذلك، إذ لم يعد يحسب أحد لها حساباً، أو يتذكرها من الأساس.

في الماضي، كانت أميركا كلما أرادت التدخل عسكرياً في منطقة عربية، توقظ الجامعة العربية من سباتها، كي تقدم الغطاء القومي اللازم لاتخاذ قرار الضرب، كما حدث مع العراق، وفيما بعد لم تكن الجامعة غائبة عن لعب دور “المحلل” في كل المحطات التي قرّرت فيها واشنطن وحلفاؤها القيام بتدخل عسكري، فكانت جامعة نبيل العربي حاضرة، غطاءً شكلياً، لتدخل “الناتو” في ليبيا 2011، ثم كان آخر تدخل لجامعة العرب في شؤون العرب، تقريباً، في مارس/ آذار 2014، حين خرج نبيل العربي مردداً مفردات عبد الفتاح السيسي وعباراته، عندما كان يخطط للتدخل العسكري في ليبيا، دعماً لانقلاب خليفة حفتر، وأراد أن يحصل على مظلة عربية لعربدته.

الآن، سقطت الجامعة العربية، سهواً، أو عمداً، من ذاكرة “الناتو” والمجتمع الدولي، كما لم يعد أحد في حاجة لخدمات دولة المقر، لكي يمارس مغامراته في بلادنا، حيث تحول حكام مصر إلى شيء أقرب لمجموعة من مهاويس تشجيع فرق كرة القدم، الأجنبية، حد التماهي التام معها، والانسحاق الكامل في الولاء لها، فتجدهم تارةً يرتدون قمصانَ ويرفعون أعلامَ هذا الفريق، أو ذاك، فإذا خسر، نقلوا انتماءهم إلى فريق آخر.

العالم كله يلعب، ومصر تتفرّج، أو تشجع بأجر.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023