منذ سيطرة حافظ الأسد على رئاسة سوريا عام 1970 بدأت عائلة الأسد كلها في الانتفاع والتوسع في السيطرة على مقاليد الجاه والثورة والسلطة في كل مراكز ومفاصل الدولة، حتى أثارت الرغبة في الانتفاع إلى صراعات كبيرة وعميقة بينهم، كما أدت إلى إثارة الرأي العام عليهم حتى في معقلهم الرئيسي في قرية القرداحة بالساحل السوري.
ونستعرض لكم في هذا التقرير صراعات وجرائم عائلة الأسد:
حافظ الأسد و”تطفيش” السفير
اتخذ حافظ الأسد حزب البعث مظلة لحكمه، بعد التخلص من قياداته التاريخية، واشترك في التخطيط والتنفيذ لتغلغل الطائفة النصيرية، وهي حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث الهجري كانت تسكن في جبال النصيرية حول اللاذقية في الساحل الشمالي لسوريا، وكانت فقيرة منغلقة على نفسها، ولا تزيد نسبتها على (10-12%) من مجموع سكان سوريا.
ولم يكن الأسد على سبيل المثال -حين استولى على الحكم بانقلاب 16 نوفمبر 1970- يملك بيتا في دمشق، وحين فكر في “بيت الرئيس” اختار أرقى الأحياء في المالكي، ووقع الاختيار على بيت أحد سفراء أميركا الجنوبية آنذاك، ولم يكن بمقدوره طرد السفير نظرا للأعراف الدبلوماسية المتبعة في العلاقات الدولية، فاقترح أحد البعثيين، أن تقوم بعض الورش بصيانة الشارع المقابل لبيت السفير، وبالفعل بقيت الحفريات تعمل على مدار أيام طوال الليل حتى اضطر السفير لمغادرة المكان، واستولى الأسد على البيت، وهو ذات البيت الذي يقيم فيه بشار حتى الآن.
ابنة الأسد تتزوج رغم أنف أبيها
هذه ليست القصة المثيرة الوحيدة في عائلة الأسد، فالأكثر غرابة أن ابنة حافظ الأسد بشرى “الابنة المدللة”، أجبرت أباها الديكتاتور على الزواج من الضابط المعروف آصف شوكت حين هربت معه خارج البلاد، وعادت لتفرض على أهلها أمرا واقعا، ويقال إن بشار الأسد أطلق النار على “شوكت” حين عاد وأصابه في ساقه.
مظاهرات القرداحة
وفي يونيو 2012، خرجت مظاهرات مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن قتل ضباط وجنود من الطائفة العلوية، وتطوّر الأمر إلى مشاكل كبيرة ومواجهات بين عائلات علوية وأتباع آل الأسد، وكان ذلك بعد رفض التحاق أبنائها بمجموعات “الشبيحة” ونتيجة تنامي مخاوف العلويين من احتمال تعذّر حماية القرداحة في حال سقط النظام، والخشية من مجازر قد يصبحون ضحاياها بسبب أعمال العنف التي يقوم بها “الشبيحة” التابعون لعائلة الأسد بحق معارضين.
محمد الأسد “مخترع الشبيحة”
وفي مارس الماضي، قتل ابن عم الرئيس السوري محمد توفيق الأسد والشهير بـ”شيخ الجبل”، نتيجة الخلافات المستمرة بين العائلات العلوية وتذمر أهالي محافظة اللاذقية من سياسة النظام السوري، حسب ما ورد في مواقع سورية.
وأشارت معظم المعلومات إلى أنّ محمد الأسد قتل نتيجة تعرضه لطلقات نارية في الرأس أثناء مشكلة مع إحدى الشخصيات العلوية في بلدته القرداحة، في الوقت الذي قالت فيه مواقع تابعة للنظام أن “شيخ الجبل” قتل أثناء قيامه بواجبه الوطني بعد إصابته في معارك مع المعارضة.
وكان “شيخ الجبل” قائدا لمواكب التهريب الضخمة ما بين سوريا ولبنان، ولا يمكن لأي جهة في الدولة إيقاف موكبه، وإن حصل تتم مجابهة الدورية الأمنية بالنار، في ما يعود أفراد مواكب التهريب سالمين دائماً إلى قراهم في اللاذقية.
وتورط محمد الأسد في عدد من الجرائم مما جعل باسل الأسد شقيق بشار الأكبر وخليفة حافظ الأسد المعين قبل وفاته، يأمر بسجنه بعد تورطه في تجارة المخدرات وخطف فتيات وسرقة السيارات وغيرها، قبل أن يعود بشار ويطلق يده من جديد مستفيداً من خبرته في عمليات “التشبيح”، ليكون المسؤول عن تجنيد أبناء الطائفة العلوية مع اندلاع الحرب الأهلية في صفوف الشبيحة والفرق الأخرى المختصة في ملاحقة النشطاء السياسيين والمسلحين والمعارضين من مختلف الانتماءات، حسب صحيفة “الشرق الأوسط”.
محاولة اغتيال فاطمة الأسد
وعكست محاولة اغتيال فاطمة مسعود زوجة هلال الأسد، رئيس قوات الدفاع الوطني، في الساحل السوري مسقط رأس عائلة الأسد، حجم الصراعات الدائرة ضمن العائلة للهيمنة على الطائفة العلوية.
وكانت فاطمة مسعود الأسد قد تعرضت إلى إصابة بأربع رصاصات من شقيقة زوجها هالة الأسد، بحسب ما نقلته صفحتها على موقع فيس بوك.
وحسب المعلومات التي تداولتها صفحات المؤيدين للأسد، فإن محاولة اغتيال فاطمة الأسد تأتي كمحاولة لوضع حد لتمردها على عائلة الأسد وسعيها لاحتلال مركز زوجها الذي اغتالته المعارضة السورية العام الماضي، بالإضافة إلى المشاكل التي ترتبت على قيام ابنها سليمان الأسد بقتل ضابط برتبة عقيد في ميليشيا الدفاع الوطني.
وشعرت عائلة الأسد بقلق من محاولات فاطمة الأسد إثبات مكانتها في الساحل السوري كقائد للمنطقة ذات الغالبية العلوية، فالظهور العلني لها باللباس العسكري وأحيانا عبر سيارات مسلحة مرافقة لها لم يرق لباقي العائلة التي بادرت إلى لجمها، بحسب ما تناقله مؤيدون للرئيس السوري.
وطالبت فاطمة الأسد الرئيس السوري للتدخل في بيان نشرته على صفحتها العامة، حيث قالت “تعرضت السيدة فاطمة زوجة الشهيد هلال الأسد إلى اعتداء مباشر وعن سابق تهديد وإصرار أدى إلى إصابتها بأربع رصاصات من المعتدية هالة الأسد”.
ويعتقد مؤيدون للنظام السوري أن محاولة الاغتيال أتت انتقاما منها على موقفها ضد آل الأسد في ما يخص قضية ابنها سليمان الذي أقدم على قتل الضابط، حيث سبق وأن هددت فاطمة مسعود الأسد آل الأسد بأنها ستفضحهم “واحدا واحدا وأنهم هم من تسببوا بجعل ابنها مجرما ومدمنا على المخدرات”، على حد قولها.
وهلال أنور الأسد ابن عم الرئيس السوري بشار الأسد، المتزوج من فاطمة مسعود الأسد وله خمسة أولاد، حصل على بكالوريوس في الاقتصاد، وتولى رئاسة قوات الدفاع الوطني التي تُلقبها المعارضة السورية بـ”الشبيحة” في اللاذقية، وتولى رئاسة الشرطة العسكرية بالفرقة الرابعة، واغتالته في 23 مارس 2014.
اللاذقية تثور ضد سليمان
وكان سليمان بن هلال الأسد قد تسبب في أغسطس الماضي باندلاع مظاهرات في وسط اللاذقية تطالب بإعدامه بعد قتله ضابطا، مما دفع بمستشارين إيرانيين للضغط على بشار الأسد لاعتقال سليمان ومحاكمته حتى ولو كانت محاكمة شكلية وذلك لامتصاص غضب المتظاهرين.
وبدأت القصة عندما أطلق سليمان الأسد النار على العقيد حسان الشيخ أمام أسرته في اللاذقية، حيث ادعى سليمان الأسد أن العقيد في الطيران السوري تجاوزه بسيارته على الطريق بمنطقة دوار الأزهرى.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المظاهرات استمرت رغم ذلك في اللاذقية، وبدأت تظهر مطالب بإعدام سليمان الأسد مع تنظيم اعتصام في المدينة.
ومع فشل التهدئة، ظهرت فجأة يوم الأحد، أنباء، على عدد من المواقع تفيد بهروب سليمان الأسد إلى لبنان، بينما نشر على حساب منسوب لسليمان الأسد في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، يهدد فيه مهاجميه ويتوعدهم بالانتقام عند رجوعه لسوريا.
مقتل جمال الأسد
وظهرت آخر صراعات عائلة الأسد في ما نقله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم السبت من خبر مقتل جمال كفاح الأسد في ظروف غامضة داخل مدينة اللاذقية، بينما نشرت صفحات أخرى صورًا للقتيل وأشارت إلى أنه قتل على الجبهات في ريف اللاذقية الشمالي.
وقالت صفحة المرصاد الموالية للنظام بدورها، إن مقتل الشاب جاء إثر طلق ناري أصابه بالخطأ أثناء لعبة بأسلحة نارية مع صديقه جعفر محمد شاليش، نافية استهدافه عند محطة الوقود “إثر خلاف مالي معه” أو “استشهاده” على جبهات القتال كما أثير مؤخرا.
والد القتيل يعتبر من أصحاب النفوذ في اللاذقية، ويعمل في تجارة المخدرات مع عصابات أخرى كان يقودها هلال الأسد قبل مقتله، بحسب تعليقات لناشطين معارضين على الخبر، والذين عزوا مقتل الشاب إلى خلاف حول كميات من المخدرات.