يمر، اليوم الإثنين، 24 عامًا على الانقلاب الذي قام به الجيش الجزائري في 11 يناير عام 1992، والذي أدخل البلاد في أزمة دامية، فتحت أبواب الجحيم على الجزائريين.
– في تلك الأثناء، اعتقلت السلطات الجزائرية الرجلين الأول والثاني في “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، بتهمة التحريض على العنف وتهديد النظام الجمهوري، وكانت الجبهة قد سحقت حزب السلطة، “جبهة التحرير الوطني”، في انتخابات البلديات، وفازت بالغالبية الساحقة فيها.
– دفعت هذه النتائج قيادة “جبهة الإنقاذ” إلى مطالبة الرئيس الشاذلي بن جديد بتنظيم انتخابات رئاسية تسبق الانتخابات البرلمانية التي كان سيجري دورها الأول في ديسمبر 1991، وفي العام نفسه شهدت الجزائر ما عرف باعتصام الساحات، وهي الاعتصامات التي نفذتها قيادة “جبهة الإنقاذ” في كل الساحات العامة، وانتهت إلى مواجهة دموية بين قوات الأمن وأنصار الجبهة، خصوصًا في ساحة الشهداء وساحة أول مايو، وسط العاصمة، ما أسفر عن وقوع عدد من القتلى.
– وفي ذلك الوقت كانت قيادة الجيش وتيار محسوب على العداء للتيار الإسلامي يفكران في كيفية استغلال الوضع وحالة الانفلات الأمني لصالح قرار يعيد تحكّم الجيش في كامل الوضع، ومارست قيادة الجيش ضغوطًا غير مباشرة على الرئيس الشاذلي بن جديد لدفعه إلى توقيع وثيقة استقالة لم يكتبها بيده، ورفض مخاطبة الشعب بشأنها حينها.
– وقبلها جرى حلّ البرلمان، عشية الدور الأول للانتخابات في ديسمبر1991، ما أوقع البلاد في حالة فراغ دستوري، وعندها قرر الجيش في 11 يناير، استلام السلطة وإعلان حالة الطوارئ.
– أقدم الجيش على تشكيل مجلس أعلى للدولة، واستُقدموا لرئاسته محمد بوضياف والذي كان رجلًا من أبرز قادة ثورة التحرير، والذي اغتيل من قبل أحد حراسه بعد ستة أشهر، في يونيو 1992.
– عارضت قوى إسلامية ووطنية وديمقراطية، القرارات التي اتخذها العسكر، ودعت لعودة الشرعية، لكن الكتلة العسكرية التي حكمت البلاد لم تكن تصغي إلى أي طرف، وكان ذلك إيذانًا بدخول البلاد لأزمة دموية عنيفة.
-أعادت التطورات السياسية المتلاحقة والمتداخلة في الجزائر فتح عدد كبير من الملفات المتصلة بملابسات وظروف انقلاب يناير 1992، وجد معها وزير الدفاع الأسبق خالد نزار نفسه مضطرًا لدخول المعترك، ومحاولة تقديم وجهة نظره كفاعل في تلك الظروف.
– غرقت البلاد في الفوضى والدم وموجة اعتقالات إدارية وفتح معتقلات في الصحراء لمناضلي “جبهة الإنقاذ”، التي أصبحت محظورة في مارس 1992.
– في 26 أغسطس 1992 أخذ الصراع منعطفًا خطيرًا؛ وهو استهداف الرموز المدنية للحكومة؛ حيث تم استهداف مطار الجزائر وراح ضحية الانفجار 9 قتلى وأصيب 128 آخرين بجروح وقامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على الفور بشجب الحادث وإعلان عدم مسؤوليتها عن الانفجار، وأصبح واضحًا وبصورة تدريجية أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليست لها الكلمة العليا في توجيه أساليب الصراع المسلح مع الحكومة وبدأت أسماء مثل مجموعة التكفير والهجرة والحركة الإسلامية المسلحة والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح تبرز إلى السطح وهذه المجاميع كانت تعتبر متطرفة في تطبيقها لمبدأ الإسلام السياسي مقارنة بإسلوب الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي وصفت بأنها أكثر اعتدالًا.
– بعد مرور 24 عامًا على قرارات الجيش التي أدخلت البلاد في جحيم أزمة دامية، بدأ الجنرال نزار، وهو أحد جنرالات الجيش في ذلك الوقت، والذي يوصف بالمهندس الأول للانقلاب، في الظهور بكثرة، والدعوة إلى “مصالحة وطنية حقيقية وضرورة تجسيد الرحمة بين الجزائريين من أجل طي صفحة الماضي الأليم والتركيز على المستقبل”، ويؤكد أنه مستعد للاستدعاء لتحمّل المسؤولية والمساءلة التاريخية، ويقول “أنا مستعد للمحاسبة كعسكري، سواءً في قضية المفقودين أو قضايا أخرى”.
وكان الجنرال المتقاعد يشير إلى دعاوى سياسية وحقوقية تحمّل الجيش وقيادته والأجهزة الأمنية مسؤولية ملف المفقودين.
ونفى الجنرال نزار، في أحدث تصريحات له منذ يومين، أن يكون الجيش قد مارس ضغوطًا على الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، مشيرًا إلى أنه التقى الرئيس خلال تلك الفترة أربع مرات، وفهم منه بوضوح أنه قرر الاستقالة من منصبه.