أثار إعلان الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، جدلا في مصر بعدما كشفت عن سعي شركات إماراتية للسيطرة على النظام الصحي بمصر، واصفة هذا الأمر بالمرعب.
وقالت مينا عبر تدوينة على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “الكارثة أنه في نفس الوقت الذي يسعى مشروع خصخصة التأمين الصحي الجديد لفتح المستشفيات العامة للقطاع الطبي الخاص في مصر.. تستولي شركة أبراج الإماراتية على المستشفيات الخاصة الأكبر في مصر بالتدريج”.
وأضافت: “شركة أبراج شركة متعددة الجنسيات مقرها في المنطقة الحرة بالإمارات.. وقانون إنشائها يمنع الإعلان عن المساهمين فيها سواء أفرادا أو حكومات.. واشترت حتى الآن سلسلتي معامل البرج والمختبر.. ومستشفيات كليوباترا والقاهرة التخصصي بشكل أكيد.. وبطلوا يعلنوا عن المستشفيات المشتراة حديثا بعد الضجة اللي النقابة عملتها حول الموضوع”.
وتابعت: “هناك تسريبات عديدة عن شراء النيل بدراوي والنخيل.. وضغوط مستمرة لشراء النزهة الدولي.. يعني إحنا حاليا بنسعى لفتح مؤسساتنا الصحية والتحكم في كل المنظومة الصحية في بلادنا للمجهول.. وضع مرعب بجد”.
من جانبه، أعرب سيد عبدالعال عضو مجلس النواب، عن رفضه لمحاولة تمرير أي قانون يمس حياة المواطنين، وخاصة التأمين الصحي، مؤكدًا أن القانون لم يتم مناقشته داخل المجلس بعد.
وقال عبدالعال في تصريح لـ”رصد”: “أي مساس بحق المواطن المصري في الحصول على علاج ورعاية صحية جيدة لن نقبل به، فنحن نستهدف زيادة دعم الصحة وتوفير سبل الرعاية الصحية للمواطن وتقديم أفضل خدمة”، لافتا إلى أن دفع رسوم بسيطة للتامين الصحي مقابل تقديم خدمة أفضل لن يكون معضلة ولا مقارنة بينه وبين والمستشفيات الخاصة.
ولعل ما أشارت إليه وكيل نقابة الأطباء، يؤكد ما يرمي إليه قانون التأمين الصحي الجديد الذي صدقت عليه الحكومة منذ أيام، حيث أكدت مينا في تصريحات سابقة أن مشروع قانون التأمين الصحي الجديد هو باب لخصخصة الخدمة الصحية، وليس تحقيقا لحلم المواطنين في نظام صحي يحقق لهم ضمان الحق الدستوري في العلاج، مشيرة إلى وجود العديد من الثغرات الهامة به، والتي تجعله يقدم أسلوبا لجمع الاشتراكات إجباريا من كل المصريين، وكذلك جمع مساهمات الدولة لغير القادرين، ويفتح بابا لذهاب كل هذه الحصيلة للقطاع الخاص.
ووافقها في الرأي المركز المصري للحق في الدواء، الذي أكد أن المسودة الأخيرة لمشروع قانون التأمين الصحي بها مجموعة من العيوب التي تجعله بداية حقيقية لخصخصة المستشفيات، مشيرا إلى أن القانون لم يقل إنه نظام تأميني صحي واجتماعي، كما أكدت مواد الدستور المصري الجديد، وهو ما يتنافى تماما مع الدستور الذي وافق عليه المصريون.
وأضاف المركز في بيان، أن القانون أكد أن مؤسسة اقتصادية هي من تدير ولها ما لها من طبيعة الهيئات الاقتصادية التي تخضع للربح والخسارة، وبالتالي يجب على المنتفع المؤمن عليه أن يدفع أسعار الخدمات خاصة التي تتصف بالجودة الشاملة، مضيفا: “هي ترتفع حسب أنواعها وبالتالي لن يستطيع المنتفع الحصول على كل الخدمات، وقد أكدت المادة 7 على هذا المعنى أن الاعتماد على استراتيجية استثمار أموال النظام، بما في ذلك أهلية إنشاء شركات المساهمة، وفقا لإحكام القانون 159 لسنة 1981 بشأن شركات المساهمة، وذلك على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية، وهو شيء خطير إذا يفتح الباب أمام الشراكة مع القطاع الخاص مستقبلا.
وتابع: “إذا افترض القانون أننا أمام هيئة ربحية تقدم الخدمة طالما ربحت، لكن ماذا لو خسرت هذه الهيئة؟ فسوف تتأثر كل الخدمات وسيدفع أصحاب المعاشات والأرامل والأطفال والأمراض المزمنة فاتورة هذه الخسارة أي نحو أكثر من 15 مليون منتفع، نظرا لأن المشروع الاقتصادي خسر بالتالي يجب تخفيض الأعباء على الهيئة وإضافتها للمريض”.
وذكر المركز أنه عملا بالورقة السابعة من توصيات البنك الدولي سنة 1996 ألغت الحكومة كل مساهمات الصناعات الملوثة للبيئة مثل البتروكيماويات والسيراميك والأسمنت والمحاجر والتبغ، بجانب أن الدولة هربت من دورها الحقيقي فجاء القانون الجديد يلغي القانون 23 لسنة 2012 الخاص بالتأمين الصحي على المرأة المعيلة، والقانون رقم 127 لسنة 2014 الخاص بالتأمين الصحي على الفلاحين، وكان كلاهما ينص على أن تدفع الموازنة العامة للدولة 200 جنيه لكل مواطن.
ولعل ما يخدم خصخصة التأمين الصحي هو تدني رواتب الأطباء، مما يؤدي لهروبهم منه إلى مستشفيات القطاع الاستثماري بشكل يؤدي لانخفاض مستوى الخدمة المقدمة، وهو ما يوضحه الأمين العام لنقابة الأطباء إيهاب الطاهر، بقوله إنه وفقاً للدستور والاتفاقيات الدولية التي وقعت مصر عليها، لا يجوز أن يقوم شخصين بنفس المهام الوظيفية ولا يحصلان على نفس الأجر، متابعاً أن العاملين في المنظومة الصحية في مصر يحصلون على مرتبات قليلة في الوقت الذي يحصل فيه أطباء التامين الصحي على نصف تلك الأموال القليلة.