شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ديستوبيا والنصف ثورة

ديستوبيا والنصف ثورة
ديستوبيا مدينة الخطايا تمثل المجتمع الذي يسوده المشاكل و القمع والفقر والأمراض، مكان سيء تنهار فيه الحضارات ، وتصبح الحياة فيها كابوسا مرعب

ديستوبيا مدينة الخطايا تمثل المجتمع الذي يسوده المشاكل و القمع والفقر والأمراض، مكان سيء تنهار فيه الحضارات ، وتصبح الحياة فيها كابوسا مرعب

ديستوبيا مدينة خيالية تصور مستقبلا قاتما للبشرية، حيث نجد أن البشرية في سعيها للتقدم و الوصول إلى الكمال تجنح لتحقيق النقيض، فبدلا من المدينة الفاضلة يجد البشر أنفسهم يعيشون في مجتمع يبدو ظاهريا مجتمع مثالي وكأنه اليوتوبيا الموعودة , ولكنه في حقيقة الأمر ليس كذلك . ففيها تنعدم الحريات و يتحكم نظام ديكتاتوري بسكنات الشعب وحركاته ،مجتمع متصارع داخليا يفتقد الأمن المجتمعي ، مجتمع يسوده الفساد بكل أنواعه وأشكاله 

هذا المجتمع الفاسد هوما تنتجه لنا أنصاف الثورات فنصف ثورة يساوي هلاك أمة، تتحول المجتمعات من حالة القهر والفقر لمرحلة اكثر خطورة تصبح مجتمعات بلا قيم ولا دين مجتمع تعمه الخطيئة، وهذا ما وصلنا له أو بمعن أدق ما أوصلونا له 

 فالمسلمون لا يستحقون من الشيء إلا نصفه أو بعضه، هذا ما يؤمن به الغربيون ويعملون من أجله، وما اعتاد الحكام على ترويجه، ليس في مجال الثورة فحسب، بل في المجالات الإنسانية الأخرى، هؤلاء المسلمين لا يستحقون إلا نصف الأشياء أو اقل من ذلك. وحتى عندما يخوضون معركة التحرر من الاحتلال، فانهم لا يستحقون إلا نصف استقلال، فتبقى القوات المحتلة في القواعد العسكرية عقودا بعد الاستقلال المزعوم، أو يسلموا تلك الدول لحكام خونه ولائهم الأول والأخير لدول الاحتلال وليس لشعوبهم ، وحين يطالبون بالديمقراطية فيجب أن لا يعطوا إلا نصفها أو اقل، وكثيرا ما تظهر ذرائع تافهة تنطوي على الكثير من العنصرية والازدراء، ومن تلك الأقوال أننا شعوب ليست مستعدة للديمقراطية

فالديكتاتوريون يروجون عبر أبواقهم مقولات فيها الكثير من الاستخفاف بالشعوب والتقليل من إنسانيتها وذكائها، ليظل القرار السيادي بيد القوى الكبرى أو مندوبيها المفروضون بالقوة كحكام على الشعوب، في مقابل أن توفر الدول الكبرى لهؤلاء الحكام حصانة ضد محاولات التغيير من قبل شعوبهم، وهذا يؤدي إلى تدني حقوق الأنسان بتلك البلاد كما حدث في مصر، فقد اصبح اعتقال المواطنين يتم بدون أي ضابط أو قانون، كما أصبح القتل خارج اطار القانون خبر يومي نسمعه ونشاهده، واصبح التعذيب لا يمارس في مراكز التحقيق فقط  بل في المنازل أو الشوارع، وصار الاختفاء القسري هو سمة المرحلة التي نعيشها

لكن ما الذي ساعد الثورة المضادة على النجاح وتحقيق هدفها ومنع التغيير الثوري من حقه في اتخاذ قرار تقرير المصير؟

نحن يا سادة سر نجاحهم حيث انتشينا بخبر التخلص من رأس الأفعى الظاهر لنا ولم ندرك أننا لسنا أمام أفعى عاديه بل أمام هايدرا أذا قطعت رأس ظهر بدل عنها رؤوس، فرحنا بلحظة حريه لم تمر علينا من قبل،  لحظة أوصلتنا حد السكر فسقطنا، وها نحن ندفع ثمن تلك اللحظة من دمائنا وكرامتنا

تعالوا ندقق بالمشهد علنا نعرف في أي شيء أخطئنا، فبعد زوال ستار النصر الواهي نجد أننا كنا شباب ثوري بلا قائد أو خطة مستقبلية بلا أي رؤى حيث أننا لم نتعلم يوما كيف نطالب بحقوقنا وكيف لنا أن نحافظ عليها، ثورتنا كانت بركان نتج عن سنين القهر لا أكثر، في مقابل بركاننا الغاضب الثائر غير الموجه كانت هناك قوى الظلام التي حكمتنا عقود، من أوصلتنا للغليان ومن سمحت بخروج بعض الحمم لكن لتزيل هي ما عجزت أيديها عن أزالته تركتنا نخلع شوكها بأيدينا لترتاح هي ونتألم من شوكها الذي أدمانا 

خرجوا علينا بأحزاب قديمة بمسميات جديدة أحزاب تتقن لغة السياسة التي نجهلها ولكنها لا تجيد مشروع الثورة، أو بمعنى أدق لا تريد مشروع الثورة وبظهور تلك الأحزاب الجديدة القديمة التي أنتجها العسكر كان لابد من التخلص من الشباب الذين قدموا التضحيات فقد أنتهى دورهم فتخلصوا منا واحد تلو الأخر بالتخوين تارة وبالعمالة تارة أخرى، فوجدنا أنفسنا صرنا محاصرين ومتهمين من بعضنا البعض ، هكذا خدعنا ولازلنا نخدع ،انشغلنا بحروب مصطنعة بيننا وتركنا العسكر بدولته العميقة حر يفعل ما شاء بنا وبالبلاد

فبعد أن قدم الجيش نفسه على أنه من حمى الثورة و أطاح بحكم مبارك، طالبنا بالثمن وهو الحفاظ على كل امتيازاته الخاصة وجعله العامل المرجح في أي خلاف سياسي مستقبلي أو جنوح نحو التغيير الشامل. وقد سعى قادة الجيش لإيصال رسالتهم واضحة للشعب عندما استخدمت عناصره أشكالا مروعة من القمع ضد المتظاهرين

و مرة أخرى (أنا أو الفوضى) لكن هذه المرة الجملة مدعومة بقوة السلاح الأمريكي وبصورة مباشرة حيث تعتبر واشنطن الجيش المصري صمام أمان لسياستها في الشرق الأوسط فهو جيشها هي وليس جيشنا ممول بمعونتها كي يحارب باسمها، حتى لو كانت الحرب ضد شعب مصر نفسها 

نصف الثورة كارثة، فإما انتصار أرادة الشعب أو العودة إلى العهود السوداء التي تهيمن فيها قوى الاستبداد والظلم والتعذيب. انهما خياران لا ثالث لهما. فمصر التي وقفت في منتصف ثورتها لأسباب عديدة، تواجه هذا الخيار الصعب. ولكن المهمة هذه المرة ستكون اصعب لان قوى الثورة المضادة استعادت قوتها وخبت شعلة الثورة في نفوس الكثيرين ، واصبح تحريك الشارع اصعب كثيرا مما كان عليه من قبل، بسبب تفتيت شباب الثورة 

صرنا ديستوبيا العصر الحديث بكل مفاسدها وضلالها وظلامها هذا ما  وصلنا له باستخدامنا نصف ثورة بمفرداتهم العلمانية التي يهبونا منها ما ينفعهم هم ويضرنا نحن، أن الأوان أن نقوم بثورة بمفردتنا الإسلامية نكون فيها السادة نحن من نمنح ونحن من نمنع

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023