تعانى نساء الصعيد من الظروف الحياتية الصعبة، وخاصة نساء الأقصر، بينهن المطلقات والأرامل اللاتي يعشن في صراع مرير بين الإحباط والأمل والمثابرة للعيش بكرامة، دون الحاجة لمد أيديهن لأحد.
وما إن تدخل أيًّا من أسواق الأقصر الشعبية حتى تستقبلك وجوه كثيرة لنساء مؤمنات بأن الحياة يجب أن تستمر بالعمل والتضحية، غالبا ما يفترشن الأرض ببضاعتهن من الخضر أو الألبان وسلع ومستلزمات حياتية أخرى حاملات على أكتافهن المسؤولية العائلية بعد ان فقدن الزوج أو العائل.
وفي حوار لـ”رصد”.. تقول إحدى السيدات إنهن استطعن إعانة أطفالهن من عرق جبينهن حتى أصبحوا رجالاً ونساء تملأ ثغورهم الابتسامة والفخر بوالدتهم المثابرة.
وكشفت إحدى سيدات الأقصر، وهي أم لثلاثة أولاد أنها وجدت نفسها بعد وفاة زوجها مسؤولة عن تربية ثلاثة أبناء، وأن زوجها كان موظفا بسيطا لم يترك لها سوى راتب تقاعدي لا يسمن ولا يغني من جوع، وأنها بعد وفاته أصبحت ملزمة بتوفير لقمة العيش لأولادها الثلاثة وتوفير ثمن إيجار لبيت قديم ضيق المساحة بحي شعبي.
وأضافت: “مصاريف الأولاد من مأكل وملبس ودراسة لا ترحم”.
زوجة أخرى كشفت عن أن زوجها كان موظفا بسيطا وموته كان صدمة كبيرة لها، ووجدت نفسها بعده أمام قسوة الظروف، خرجت رغما عنها للعمل في السوق لتوفر لأولادها لقمة العيش وبالليل تراقب مشوارهم الدراسي وسلوكهم، وتسهر على تعليمهم وتربيتهم تربية حسنة”.
وتضيف قائلة: “ولا أخفي سرا أني كثيرا ما أويت إلى فراشي جائعة بعد أن أنتهي من إطعام أولادي”.
من جانبها تكشف سيدة أخرى تبلغ من العمر 64 عاما وتدعى “صيصة أبو دوح”، وهي السيدة التي كرمها عبدالفتاح السيسي كأم مثالية أنها مع كل صباح تخرج من منزلها بمركز “البياضية” في محافظة الأقصر لتبدأ عملها الشاق، متنكرة في زي رجل؛ حيث أوضحت صيصة أبو دوح أنها بدأت عملها عقب وفاة زوجها في سبعينيات القرن الماضي، عادات الصعيد وتقاليده جعلت من عمل المرأة خروجا على المألوف، بل وصل إلى حد الـ”جريمة” لذلك كان الحل هو التنكر”.
وتضيف صيصة أن العادات والتقاليد دفعتها للعمل، فهي تعمل تارة في المقاولات وتارة تعمل في تلميع الأحذية، من أجل الإنفاق على ابنتها اليتيمة التي أصبح عمرها الآن 42 عاما.
وبحسب صيصة “فإنه وسط العيشة المُرة لا بدّ أن تكون رجلا، وسط أشباه الرجال والعقول والأخلاق التي لم تعد موجودة”.
وتابعت: “مسؤولو المحافظة تركوني لشقائي منذ وفاة زوجي، لم يستجب لمطالبي أي منهم، وكأنني غير موجودة”.