شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أيها الاصطفافيون الأحرار .. لقد ورمنا

أيها الاصطفافيون الأحرار .. لقد ورمنا
قامت مبادرة شاعرنا على عدة محاور .. أشار فى محوره الثانى (العدالة الانتقالية) .. إلى ضرورة محاسبة المسئولين عن القتل كلٌ فى عهده .. كلام موزون .. ولكنه أثناء محاولته إرضاء الطرف الليبرالى وضع كل البيض فى سلة واحدة ..
فى السابع والعشرين من شهر فبراير الماضى أطل علينا الشاعر الكبير عبد الرحمن يوسف بمقال تحت عنوان (الاصطفاف خلف مشروع لا شعارات ) .. هو مقال رائع يحمل محاولة لتجميع القطع الثورية من جديد .. فى نظرى تكمن ميزته الوحيدة فى أنه محاولة لتحريك الراكد ..ولكن .. استوقفتنى فيه عدة نقاط لا أستطيع أن أمررها مرور الكرام اسمحوا لى أن أستعرضها معكم  .. 
قامت مبادرة شاعرنا على عدة محاور .. أشار فى محوره الثانى (العدالة الانتقالية) .. إلى ضرورة محاسبة المسئولين عن القتل كلٌ فى عهده  .. كلام موزون .. ولكنه أثناء محاولته إرضاء الطرف الليبرالى وضع كل البيض فى سلة واحدة ..  فمرسي فى سلة واحدة مع مبارك ومنصور والسيسي … وإضافته جملة (وكلنا يعرف المذنب من البرئ ) ماهى الا محاولة غير موفقة لارضاء أنصار الشرعية ومؤيدى مرسي .. 
إن تحقيق القصاص ليس مرتبطا بمن تقلدوا الحكم فقط .. فهناك ممن تمنحهم قبلة الحياة بإعطائهم بطاقة عضوية فى منتدى الثورة كانوا دمويين ربما أكثر ممن نفذوا القتل .. هناك أحكام لابد أن تصدر من الثوار أنفسهم لاستبعاد عناصر كانت سببا مباشرا فيما نمر به من خراب لينقى الصف ويصبح أكثر قابلية للتماسك .. 
وأعتقد أن كاتبنا الكبير لم يحالفه الحظ فى استخدام تعبير( متاجرة بعض المحسوبين على الثورة بالقصاص) .. متاجرة!!! .. هذا توصيف لا يليق بما بذلوا من دم وعرض إلى أن استطاع من يحسبون على الثورة اليوم أن يرفعوا أصواتهم مطالبين بحقوقهم .
وفى محوره الثالث يقول أن الفترة الانتقالية بعد إسقاط الانقلاب يجب أن تكون بالتوافق وليس بالاستحواذ والمغالبة!!! وكأنه يصدق على أكذوبة استحواذ الاخوان على الحكم أثناء حكم مرسي !!! لمن لا يذكر ..فإن نسبة الاخوان فى البرلمان كانت لا تتعدى الثلث ونسبتهم مع كل الاسلاميين فى لجنة إعداد الدستور لم تتعدى النصف .. ونسبتهم فى وزارات الدولة لم تتعدى الثلث .. والحق أن من رفض التوافق كان الليبراليون .. الذين أرادوا بالفعل الاستحواذ على غير قاعدة شعبية أو انتخابية ! ثم ماهى الآلية التى يفترض أن تستخدم لانتخاب من سيقومون بإدارة المرحلة الانتقالية إذا كان طرف من الذين ترجو اصطفافهم حطموا الصناديق من قبل !! 
ثم تحدث عن فكرة أن ما يجمع الثوار أكثر مما يفرقهم .. وأشار بشكل سريع إلى قضية الشرعية وكأنها أمر هامشى يمكن تخطيه !!
إن الشرعية هى الأرض التى دارت عليها المعارك منذ انتخاب رئيس جمهورية ينتمى للثورة وحتى اليوم .. إن الشرعية هى القضية يَا كُلَّ من يُجَنبُها فى أى محاولة لتقريب وجهات النظر .. ولا أدرى أيعلم كاتبنا أن حركة 6 ابريل قد أعلنت فى آخر بياناتها أن فصيل الاخوان الذى هو أحد مكونات الثورة هو فى نظرهم مجرد مكون فاسد لا يختلف عن أى نظام غاشم غيره وأنه لا مجال للحوار معهم !! … هم أعلنوها بكل صراحة .. فلمن توجهون مثل هذه المبادرات إذاََ ؟! 
حين تقرأ مبادرات من هذا النوع تشعر وكأنها موجهة لمؤيدى الشرعية لتفت فى عضدهم لتشعرهم بضرورة التنازل عن مبادئهم فى ظل غرقهم فى موجات من اليأس والاحباط لصالح هؤلاء الذين أجرموا ولم يعترفوا ولم يعتذروا .. بل ألقوا الأمر كله على عاتق من ظلموهم على طريقة رمتنى بدائها وانسلت !!
ثم يتأسف فى النهاية على أن هناك من يصور الأزمة فى عودة أشخاص أو إزالة جنرالات ..وأرى أن هذا تسطيح للمشكلة .. فمن يرون عودة مجموعة أشخاص لا يعنيهم سوى الانضباط على مسار ديمقراطى يمكنهم من الوصول لأهداف الثورة.. وإلا ما هى القواعد التى سنسير عليها إذا كانت أول وأهم قاعدة تم الانقلاب عليها !! 
ويتساءل فى النهاية (هل سينتصر أصحاب الصوت العالي والأولويات المعكوسة؟) .. وأراه هنا يوجه سؤاله بوضوح لمن تبنوا الشرعية منهجا ثوريا .. ربما يكونوا أصحاب صوت عال .. لا بأس .. فالقتل والتعذيب والفراق يدفع الانسان للصراخ توجعا إن كنتم لا تمانعون .. أما عن أولوياتهم .. فهل ترون أن عدل ميزان مقلوب .. وإعادة الحقوق لأصحابها .. ووضع الأمور فى نصابها .. أولويات معكوسة ؟!
=====
ثم ما لبثنا أن وجدناه معلنا عن بيان تحت عنوان (اعلان فبراير)  لمحموعة من الشباب لم يعرفونا بأنفسهم بشكل كاف لنستوضح على أى أساس كُتب هذا البيان ! .. يطالبون بما طالبت به حركة 6 ابريل من قبل .. وبما تحدث عنه الدكتور محمد محسوب فى مبادرته .. وبما كتبه الأستاذ عبد الرحمن فى مقاله …  ثم جاء مقال الدكتور سيف الدين عبد الفتاح (اعلان فبراير يمثلنى )  ليؤكد ذات المعانى .. الكل يتحدث بنفس اللغة .. يكتب بنفس القلم .. يطالب بنفس نغمة الصوت …
فى بيانهم .. يدعون لاصطفاف على مبادىء يناير.. إذََا فهم قد اتخذوا قرارهم بغض النظر عما إذا كان هناك من يرى العكس أم لا ! ..يدعون لتجاوز الخلافات والمعارك الصغيرة بين الأفراد والكيانات التي تؤمن بها !!! هكذا عبروا عن الشرعية !!! مجرد خلافات صغيرة بين أفراد وكيانات !!!
هم يرون أن جيلهم قد أنضجته تجربة السنوات الماضية وآن له أن يكون في صدارة المشهد .. ولم يخبرونا عن الآلية التى ستضعهم فى صدارة المشهد .. هل على الكبار أن يتنحوا هكذا بكل بساطة ليتركوا الأمر لهم ؟؟! اذا أراد الجديد أن يتصدر فعليه أن يملك قوة إزاحة القديم .. هذا ما أعرفه .. وحتى اليوم لا أرى أن فكرة إزالة القديم لتحجره ماهى إلا نوع من الفكر ينخر فى عظام كل كيان متماسك .. لا أعارض تمكين الشباب بل أنا من أشد أنصاره .. ولكن إطلاق الفكرة على العموم هكذا بدون دراسة ووعى من الشباب قبل الكبار لا أعتقد أنها قد تثمر فى النهاية سوى مزيد من التفكك والانهيار ..
ثم يعلنون أن طريقهم طريق ثوري جماهيري ويؤكدون على أن سلمية الثورة هو طريقها الصحيح والوحيد .. وكأنهم أتوا بجديد ! .. فما يحدث منذ إعلان الانقلاب ماهو الا ثورة جماهيرية تعتمد السلمية ولا شئ غيرها .. إلا إذا كان الغرض هو الاشارة الخفية إلى أن هناك علاقة انتقامية بين أحداث العنف التى يختلقها النظام وبين أنصار الشرعية .. وأتمنى ألا يكون الكلام قد حمل هذا المعنى الخبيث .
يعلنون أن هدفهم هو الحفاظ على مؤسسات الدولة وبناء دولة يناير والقضاء على الفساد وأنهم يدافعون عن حقوق الشعب كله دون تفرقة وأنهم لا يبكون على اللبن المسكوب ولا يعيشون أوهام المظلوميات !
إذََا .. فمن وجهة نظرهم أن من ثاروا ضد الانقلاب يسعون وراء أحلامهم وأفكارهم وأطماعهم .. بل ويعيشون أوهام مظلوميات أيضا !!! لو راجع كتاب هذا البيان يوما بيانات التحالف التى كان يصدرها قبيل انطلاق أى يوم ثورى .. ومن بعده جماعة الاخوان .. لوجدهم جميعا يتحدثون عن الأمور نفسها وربما أكثر .. 
وفى النهاية يختمون بأنه آن لهذا الشعب أن يحصل على حاكم عادل !!! وهل كان أول رئيس منتخب بإرادة شعبية .. حاكم ظالم ؟! ثم يشيرون إلى أنه وجب على الشعب أن يتخلص من الفقر ويحصل على حقوقه !! ولا أدرى كيف سيحصل الشعب الفقير على حقوقه بغير أناس تحترم إرادته !
يدورون ويدورون فى نفس الدائرة المفرغة ويضطرونا للدوران خلفهم .. 
مازلت أتساءل .. وماذا بعد ؟!
سنتغاضى عن الخلافات وسنجتمع على المبادئ .. وسنسقط قلعة الظلم .. ثم .. ماذا ؟! من سيمسك زمام البلاد حتى نتفق ؟ ماهى الآلية التى سنتبعها لتشكيل مجلس رئاسي مدنى ؟! ماذا لو اختلفوا ؟! كيف ستختارون الحكومة التوافقية والبرلمان التوافقى وأعضاء لجنة الدستور التوافقية ؟! وماذا لو لم تعجب التوافقية أحد الأطراف ؟! أى منهج ستعتمدون ؟! أرجو ألا تكون الاجابة هى صندوق الانتخابات .. فهؤلاء الذين تدعونهم للاصطفاف مع مؤيدى الشرعية حطموا الصناديق على رءوس من دعوهم إليها من قبل .. ثم ماذا لو عادت نسبة الاسلاميين للصعود .. وماذا لو نجح منهم رئيس ؟! هل سينقلبون من جديد ؟! ما أرى هذا إلا جر للبلاد لفوضى عارمة ربما هى أسوأ مما نمر به اليوم .. فهؤلاء الذين تجرونهم جرا ليصطفوا .. أتعتقدون حقا أنهم إذا جد الجد سيتعقلوا ويتفاهموا ويتحدوا ويعلوا مصلحة الوطن فوق مصلحتهم ؟! إذا كان الأمر كذلك .. فلم لم نر منهم ذلك من قبل ؟!
يا أساتذتنا الكبار .. أنتم جميعا فوق رءوسنا .. نحترمكم ونقدر جهودكم .. ولكن .. ما هكذا تجبر الكسور .. ما هكذا تخاط الجراح .. . إن أهل الشرعية لم يبذلوا كل ما بذلوا  لنعود بهم إلى نقطة الصفر .. هؤلاء ما نزلوا من أجل جماعة ولا تعلقا بشخوص .. هؤلاء نزلوا من أجل استرداد حق كل من خرجوا يوما فى حر أو مطر ليخوضوا انتخابات قلتم لهم أنها الأكثر شفافية وصدقا .. حلموا معكم بالديمقراطية التى تجعل لأصواتهم قيمة وتشعرهم أنهم أبناء هذا البلد .. ثم ها أنتم  تقولون لهم اليوم .. تنازلوا فأصواتكم لم تكن ذات قيمة .. حتى أنكم تغيرون فى نمط الاختيار حتى لا يتسنى لهم أن يتمسكوا باختيارهم الأول .. فيكون التوافق هو السد المنيع أمام عودة ما كان .. حكمتم عليهم بالجهل كما حكم عليهم اللواء عمر سليمان من قبل عندما قال أنهم غير جاهزين للديمقراطية ..
عفوا .. إن ما تفعلون اليوم ليس إهانة لهؤلاء الذين يدورون فى الشوارع على مدار ثلاث سنوات فقط .. بل تهينون كل من صدقكم وصدق ديمقراطيتكم .. ..
أرجو أن تنتبهوا أين تضعون أسنان أقلامكم .. فاحيانا تغمدونها فى عمق جراح وبعدها تستنكرون التوجع !
إن هذا النوع من المبادرات ما هو إلا عملية غسيل أيدى وأوجه تلطخت بالدماء .. هو عملية إزالة لقيمة فترة أزالت الأقنعة ومحصت القلوب .. فحراك ما بعد الانقلاب كان المحطة الثانية زمانا .. والأولى قيمة فى عمر الثورة .. فلا ينبغى أن نتخطاه هكذا وكأن شيئا لم يكن .


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023