يبدو أن عنترية عبدالفتاح السيسي كالعادة لا تتعدى مراحل الأقوال، حيث خرج على الشعب المصري جازمًا عدم زيادة الأسعار بعد إسناد مهمة ضبط الأسعار إلى الجيش، إلا أنه بعد يوم واحد من التصريح، قوبل القرار بارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 25% في يوم واحد، تأثرًا بارتفاع أسعار صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري.
وتأتي الزيادة الجديدة في أسعار السلع بعد يوم واحد من إسناد عبدالفتاح السيسي، مهمة ضبط أسعار المواد الغذائية وتوفير السلع الأساسية في الأسواق إلى الجيش.
وقال السيسي في كلمته عقب حضوره مناورة عسكرية بحرية، الخميس الماضي، أنه “لن يكون هناك أي زيادة في أسعار المواد الغذائية، رغم الارتفاع الذي شهده سعر الدولار أخيراً”، وفق بيان للرئاسة، محملاً قادة الجيش الجالسين أمامه مسؤولية “تخفيف معاناة المواطنين”.
ويبدو أن تصريحات السيسي سريعة المفعول، ولكن بالاتجاة العكسي، حيث أكد أحمد يحيى رئيس شعبة المواد الغذائية في غرفة تجارة القاهرة، في تصريح صحفي أمس السبت، أن أسعار معظم السلع الغذائية ارتفعت بنسبة 25% مساء يوم الجمعة الماضي.
وأوضح يحيى، أن أسعار السلع الغذائية تشهد ارتفاعات منذ نحو 3 أشهر، لتصل الزيادة في الأسعار خلال هذه الفترة مجتمعة إلى نحو 60%.
وحول المنتجات التي طالتها ارتفاع في الأسعار أشار يحيى، إلى أن منها الشاي والدقيق ومصنعات اللحوم ومكعبات مرق الدجاج والمنظفات الصناعية، وسبقتها زيادة في أسعار سلع أخرى مثل الأرز الذي ارتفع بنسبة تزيد على 100% خلال الأسابيع الأخيرة.
وأرجع رئيس شعبة المواد الغذائية، زيادة أسعار السلع إلى ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوقين الرسمية والموازية -السوداء- على حد سواء، لافتًا إلى أن مصر تستورد معظم احتياجاتها من الخارج بالدولار.
وبدت السوق السوداء لصرف العملات غير مبالية بالعطاءات الكبيرة التي قام المصرف المركزي بطرحها للمصارف، خلال الأسبوع الماضي، والتي استهدفت توفير الدولار من أجل استيراد السلع الاستراتيجية، وكذلك ضرب السوق الموازية للعملات الأجنبية.
وشهد طرح البنك المركزي المصري، يوم الأربعاء الماضي، عطاءً استثنائيًا بقيمة 1.5 مليار دولار، وذلك بعد طرح عطاءين استثنائيين على مدار اليومين السابقين بنحو 400 مليون دولار، لتغطية احتياجات المستوردين من العملات الأجنبية.
وعلى الرغم من إجراءات المركزي لضبط سوق النقد الأجنبي فإن سعر صرف الدولار لا يزال مرتفعًا في السوق السوداء، مسجلاً 9.50 جنيهات وفق متعاملين، بينما يبلغ في المصارف نحو 8.85 جنيهات، بعد الزيادة الرسمية التي أقرها المركزي، قبل أسبوع، والتي بلغت نسبتها نحو 14%.
وشدد بعض التجار على أن زيادة أسعار الدولار ستقضي على محاولات ضبط أسعار السلع، إلا أنه لا يمكن للتجار تحمل هذه الزيادة وحدهم.
ومن الواضح أن أسعار السلع الرئيسية أصبحت في مرمى نقص المعروض نتيجة لزيادة الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضتها الحكومة على نحو 500 سلعة، وتصل إلى نحو 40% في بعض الأصناف، فضلاً عن تصاعد سعر العملة الأمريكية، ما ينذر بموجة غضب شعبي، وفقًا لخبراء الاقتصاد.
وكان ممدوح الولي نقيب الصحفيين الأسبق والخبير الاقتصادي، قد صرح لـ”رصد” الخميس الماضي، مؤكدًا أن البنك المركزي كان يأمل في عمل تأثير في السوق، ومن الواضح أن السوق لم يستجب، على حد قوله، وأضاف “الولي” أن المشكلة الكبيرة في الانخفاض، ستؤدي حتمًا لارتفاع أسعار السلع الغذائية والتموينية والأدوية.
وفي ذات السياق، قال سيد عبدالله تاجر تجزئة بالجيزة، في تصريح لـ”رصد” إن ارتفاع أسعار جميع السلع الغذائية، أثر سلبًا على مبيعات المحلات التجارية، نتيجة تقليص المواطنين للمشتريات.