يوم تلو الآخر، يبشر سياسيون وأكاديميون من المؤيدين السابقين لما جرى في 30 يونيو بما يسمونه الثورة الثالثة، فيما تدور في الأوساط السياسية المصرية والعربية والصحافية الدولية، أحاديث حول ما يسمى ببدائل السيسي.
وهو ما دعمه حديث الكاتب الصحفي عبدالله السناوي المقرب من النظام المصري الحالي، حول أنه ليس بمقدور أحد أين ولا كيف ستنشأ اضطرابات اجتماعية تحتج على ارتفاعات الأسعار والجور على حقوق الطبقة الوسطى والفئات الأكثر عوزا في الحد الأدنى من متطلبات الحياة”.
السناوي كان قد قال في مقاله الأخير (كلام على الحافة)، أنه من السذاجة السياسية المفرطة الرد على انتهاكات حقوق الإنسان في مصر بمعايرة الولايات المتحدة على انتهاكات سجلها كمحاولة لإضفاء شرعية على كل تجاوز، باعتبار أن مثله يحدث في الدول الكبرى كما فعل المندوب المصري في المقر الأوروبي للأمم المتحدة”.
في هذا التحقيق توثق شبكة “رصد” الإخبارية مؤشرات يرى الخبراء والمراقبون أنها أودت بنظام السيسي بالدخول إلى متاهة سياسية واقتصادية ومجتمعية، وهو ما سيدفع النظام ثمنه عاجلا أم آجلا على حسب تصريحاتهم لـ”رصد”.
أولًا: حمى المبادرات
خلال الشهر الأخير طرح سياسيون وناشطون وصحافيون ما سموه بمبادرات البديل، وهو ما يراه حسن نافعة وجهات نظر أو تحليلات، نابعة من الشعور بالقلق تجاه الوضع السياسي العام والاقتصادي.
مبادرة حمدين – مبادرة موسى – مبادرة أبو الفتوح – سعد الدين إبراهيم حول المصالحة بين الإخوان والدولة
طرح العديد من السياسيين مبادرات نظر إليها البعض على أنها تحضير لبديل عبدالفتاح السيسي في الحكم، عقِب الأزمات التي وضع فيها الاقتصاد المصري، وارتفاع الأسعار الذي يُنذر بثورة شعبية.
لنصنع البديل
مبادرة حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، والتي تحمل شعار “لنصنع البديل الحقيقي”، في دعوة منه لجميع القوى الوطنية المدنية للاتحاد من جديد، ووجهت الصفحة الرسمية لحمدين صباحي نداء للشعب المصري لتكوين جبهة اجتماعية للتضامن والتكاتف وتجاوز أخطاء الماضي لرفع راية وطنية مدنية سلمية، ونقل مصر من المرحلة الراهنة التي تمر بها.
حماية الدستور
طالب عمرو موسى رئيس لجنة لخمسين، بتدشين المؤسسة المصرية لحماية الدستور، في ظل الخلاف حول تعديل الدستور وتوسيع صلاحيات السيسي، وأوضح موسى، في بيان، أن ثورة يناير- يونيو اقترنت بالكفاح من أجل دستور يؤسس لدولة القانون المدنية الحديثة، ويكفل الحقوق والحريات للمواطنات والمواطنين، ويضع الضمانات الأساسية لاحترامها بحسب قوله.
وأطلق الدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشئون القانونية في حكومة هشام قنديل، مبادرة تعتمد على 11 بندا، تحت اسم “الإفلات من السقوط“.
وقال محسوب في بيان له: “هذه مبادئ عامة تداولت فيها مع عدد من الوطنيين، أنشرها اليوم لضرورة إشراك كل المتطلعين للحرية والعدالة الاجتماعية، فأرجو التعليق عليها، نقدا أو تعديلا أو دعما“.
وطالب محسوب، في مبادرته إقالة النظام الحالي حتى تبدأ المصالحة بين جماعة الإخوان وبين الشعب والدولة، ثم يتم إنشاء جمعية تكون مظلة جامعة للتواصل والتحاور وفض الاشتباكات وتبني المواقف المشتركة، وتسليم مهمة تكوين الجمعية وإدارتها وتواصل الجميع مع جيل الشباب.
مبادرة ابوالفتوح
وعرض المرشح الرئاسي السابق رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح مبادرة لحل الأزمة الراهنة في مصر، تشمل انتخابات رئاسية مبكرة ومفتوحة خلال عام واحد، والإفراج عن المعتقلين، ومحاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان منذ الانقلاب العسكري.
وتضمنت المبادرة -التي قال حزبه إنها مجرد “رؤية” للخروج من الأزمة- تعيين رئيس حكومة جديد على أن يكون شخصية توافقية مستقلة غير منحازة.
كما تضمنت الإفراج الفوري عن كل المحتجزين تحت الحبس الاحتياطي غير المدانين في قضايا “الإرهاب” والقتل، والفصل الفوري في الإجراءات التعسفية، مثل المنع من السفر والتحفظ على الأموال.
مبادرة حمزاوي
طرح الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، بالتعاون مع مايكل ماكفول مستشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مبادرة جديدة لعلاج ما أسماه بـ”الانسداد السياسي” الحالي، في مقالة بصحيفة “واشنطن بوست”، تحت عنوان”روشتة للإصلاح السياسي في مصر”، تتضمن أربعة بنود رئيسية، في مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين، وتطبيق العدالة الانتقالية، وانتخابات برلمانية مبكرة، والسماح لكل القوى بالمشاركة السياسية.
وجاءت مبادرة حمزاوي، في سياق أطروحات متعاقبة، تخللت الفترة الماضية، كمبادرات سياسية، تدفع باتجاه توافق القوى السياسية على بضعة بنود تتسق مع رغبات الحفاظ على مكتسبات ما بعد 25 يناير، وفقًا لرؤى طارحيها، متفقة في ديباجتها على إلغاء قانون التظاهر، وفتح المناخ السياسي للجميع، بعيدًا عن العنف.
كما تضمنت أطروحات تدشين إطار للعدالة الانتقالية، وعمل لجان متخصصة لها، وإصلاح الأجهزة الامنية، والسماح لكافة الأطراف السياسية بالمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية بشرط نبذ العنف، وإجراء انتخابات برلمانية جديدة، في المستقبل القريب، لاقت قبولًا لدى بعض الأطياف السياسية، في حين رجح البعض أن النظام الحالي لن ينظر إليها.
مبادرة سعد الدين
طرح الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية، مبادرة للصلح مع الإخوان قائلا: “مبادرتي للمصالحة هدفها السلام والاستقرار الداخلي ووقف نزيف الدماء الذي يجري في كل شبر بمصر، الذي ينتج أضراراً اقتصادية وهروب المستثمرين الأجانب في ظل عدم الاستقرار”.
ورشح إبراهيم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، القيادي الإخواني السابق رئيس حزب “مصر القوية”، باعتباره “الأنسب كبديل للسيسي بعد انتهاء فترة ولايته”، ومعه أيمن نور رئيس حزب الغد، مستبعداً حمدين صباحي تماماً.
وأشار نافعة إلى أن خطاب السيسي الذي تحدث فيه عن بيع نفسه والتبرع بمصر بجنيه، ما هو إلا خطأ، أوقع البلد في تكهنات سياسية حول الانهيار الكامل الذي وقعت فيه، وأن البلد على حافة الهاوية، ولن يكون لها أي مخرج آخر، ولا يوجد حل.
وكان نافعة قد أكد في تصريحات سابقة، أن السيسي شعبيته تآكلت وقد تكون انتهت، وأن الوضع الحالي المتدهور ينذر ببدء العد التنازلي لاندلاع الثورة الثالثة، وأوضح أن ممارسات النظام الحالي صورة مماثلة لما كان قائمًا قبل الثورة ولكن بوجوه وبأسماء جديدة، وهو ما انعكس على شعبية السيسي التي يقر الجميع بأنها تآكلت كثيرًا ولم تعد كما كانت عقب أحداث 3 يوليو عام 2013.
ثانيًا: هجوم إعلام السيسي
بدأ إعلام السيسي في توجيه الهجوم المباشر عليه وانتقاده فلم يسلم حتى من مبنى الاذاعة والتلفزيون الذي ظهرت فيه الإعلامية عزة الحناوي تهاجم السيسي وتقول له إنك لا تعمل.
وهذه ليست المرة الأولى التي تهاجم فيها الحناوي سياسات السيسي، إذ سبق وهاجمته عندما تعرضت محافظة الإسكندرية لسيول قبل شهور، وطالبته بتطهير المحليات من الفساد، ومحاسبة المسؤولين، من أول السيسي نفسه إلى أصغر محافظ أو وزير، وقالت في حلقتها: “كله يتحاسب من أول سيادتك، فين خطتك.. فين رؤيتك، كل مسؤول لازم ييجي وهو عارف هيعمل إيه، عشان لو ماعملش يتحاسب. ده اللي بيسرق جنيه بيتحبس، لو مافيش محاسبة حضرتك هتفضل تتكلم وتوعد ومافيش نتيجة الشعب هيلمسها”.
كما هاجمت صحيفة “المصري اليوم”، في سابقة لها عبدالفتاح السيسي لإجرائه 4 مداخلات هاتفية منذ اعتلائه السلطة في مصر، مشيرة إلى أن اثنتين منها في برنامج “القاهرة اليوم” مع الإعلامي عمرو أديب، واثنتين في برنامج “القاهرة 360” مع أسامة كمال، وتساءلت “المصري اليوم” عن موقف السيسي من “ماسبيرو”، وتفضيله أشخاصًا بأعينهم للحديث معهم وإيصال رسائل للشعب من خلال نوافذهم.
إبراهيم عيسي: أمن الدولة يحكم من جديد
انتقد الإعلامي إبراهيم عيسي ما يقوم به النظام الحالي برئاسة السيسي من إعادة الجهات الأمنية للمشهد السياسي ممثلة في أمن الدولة أو تحت المسمى الحديث الأمن الوطني للتحكم من جديد في الحياة السياسية عن طريق التواصل مع الأحزاب والتكتلات والقوى، مشيراً إلى أن ما يحدث إعادة للجريمة التي ارتكبها النظام السابق في حق المصريين والتي يعيد إنتاجها من جديد النظام القائم.
ويؤكد عيسى أن الدولة ترتكب كارثة في التفاوض مع السلفيين والمتشددين مرة أخرى عن طريق الجهات الأمنية؛ بحجة محاربة الإرهاب ومحاولة القضاء عليه، لافتاً إلى أن عبود الزمر يجتمع مع قيادات أمنية داخل مؤسسات الدولة تحت مرأى المسؤولين.
كما هاجم السيسي في طلباته المستمرة للتفويض من المواطنين والحديث المستمر عن كونه موجود رغما عنه مطالبا إياه بأداء دوره كرئيس منتخب للبلاد والتوقف عن كونه يفعل هذا وذاك بحسب طلب الشعب، وبالتالي فهو غير مسؤول عن عواقب ما يفعله باعتبار أن ذلك رغبة الشعب وليست رغبته الشخصية.
يوسف الحسيني: يجب محاسبة السيسي
من جانبه أكد الإعلامي يوسف الحسيني أن المنطق يحتم علي الجميع ضرورة محاسبة السيسي على كل الأخطاء والأزمات التي يتعرض لها المواطن المصري البسيط كما كان يحدث مع مرسي من قبل، فالجميع كان يهلل حال وقوع أي خطأ من جانب نظام الإخوان، ويتم المطالبة بمحاسبة الرئيس المسئول عن كل صغيرة وكبيرة تحدث فالبلاد، وتساءل: لماذا لا يحدث ذلك الآن، وتتم محاسبة السيسي على كل صغيرة وكبيرة كما كان يحدث مع مرسي؟
وأوضح الحسيني أن السيسي هو من اختار التشكيل الحكومي الحالي وليس البرلمان، كما أن التغييرات التي حدثت تمت بموافقته وبعلمه، بالإضافة إلى انفراده بإصدار التشريعات لعدم وجود الكيان التشريعي ممثل في مجلس النواب، وبالتالي فإن كافة السلطات بيده وعلى ذلك يجب محاسبته على كل الأحداث حتى نكون منصفين.
واتهم الحسيني، السيسي، بأنه “فقد التواصل مع الشعب”، ووجه حديثه له قائلًا: “الناس تقول يا سيادة الرئيس إنك لم تكن مثلما تصوروا.. الناس ليسوا سعداء.. ولو كانت التقارير التي تصلك تخبرك بغير ذلك، فهي تقارير خاطئة” بحسب رأيه. وعلق الحسيني على خطاب السيسي الأخير الذي أعلن فيه استعداده لبيع نفسه إذا كان هذا سيفيد مصر، قائلًا: “يا ريس.. يمكنك أن توصل المعنى الذي تريده بطريقة مختلفة، موقع Ebay العالمي للتجارة الإلكترونية والمزادات أخذ تصريحاتك وصنع منها فضيحة”.
كما هاجم الإعلامي عمرو أديب النظام الحالي وعلى رأسه السيسي في الهجوم المستمر على الإعلاميين وانتقادهم ووصفهم بكونهم ضد تقدم البلاد وضد الاستقرار مؤكدا أنهم لن يتوقفوا عن أداء دورهم في إظهار الحقيقة للمواطن.
ويضيف أديب أن السيسي يريد أن يكون الإعلام كما كان الحال في عهد عبد الناصر، والذي كان مغلفا بالأكاذيب كما حدث إبان نكسة 67 والتي خرج علينا الإعلام حينها ليتحدث عن أننا في قلب تل أبيب أو كما كان تتحدث الصحف عن امتلاكنا لأقوى الصواريخ وأن البترول لدينا أكثر من السعودية وغير ذلك، مشدداً على أنه لن يتوقف عن قول الحقيقة، وإذا أراد النظام أن يغلق القنوات فليفعل، ولكنه لن يتوقف حتي تلك اللحظة.
ويقول الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة، إن هجوم الإعلام المفاجئ على السيسي وحكومته ما هو إلا تصفية حسابات ووسيلة للضغط لتحقيق مطالبهم وأمنياتهم.
وأضاف العالم في تصريح لـ”رصد”: كل مؤسسة إعلامية لها رجال أعمال يقفون وراءها وهؤلاء لديهم خصومة مع الحكومة والنظام بسبب السياسات الاقتصادية التي أضرت بمصالحهم، لذلك فمن الطبيعي أن نجد هذا الهجوم من حين لآخر.
وقال العالم: ليس من الطبيعي أن يتحول صديق الأمس إلى عدو اليوم فجأة فهناك مصلحة وخلاف حدث حول هذة المصلحة لذلك هم يستخدمون هذة الإعلام كوسيلة للضغط ليس للتنوير.
وحول هجوم الإعلام على السيسي، قال نافعة إن النظام يفتقد الرؤية، وهو ما جعل البعض يبدأ في الهجوم عليه الآن، مشيرًا إلى أن مصر لا تعيش الآن وضع ديمقراطي، وأن الشعب الذي فرح بالتخلص من الإخوان لم يفرح حاليًا بالديكتاتورية، وأضاف: “ما تحتاجه الدولة الآن هو انخراط كل فصائل العمل الوطني في صنع الديمقراطية، لكي تتحقق”. وتابع: “وهو أمر لن يتحقق”.
ثالثًا: الاستنجاد بالشعب
التفويض
المرة الاولى التي استنجد فيها السيسي بالشعب حينما كان وزيرا للدفاع، حيث طالب الشعب المصري بالنزول إلى الشوارع لمنح الجيش والشرطة تفويضاً شعبيا لمواجهة ما وصفه بالعنف والإرهاب المحتمل.
وقال، في كلمة أمام حفل تخرج لطلاب من أكاديميتين عسكريتين، إن الجيش والشرطة يحتاجان إلى تفويض لمواجهة أي عنف أو إرهاب خلال الفترة المقبلة، وناشد الشعب المصري تحمل المسؤولية مع الجيش والشرطة في مواجهة ما يحدث في الشارع.
وأكد أن هناك من يريد حكم البلاد أو تدميرها ودفعها إلى نفق خطير، وأن الجيش لن ينتظر حدوث مشكلة كبيرة.
وأشار إلى وجود شحن يستهدف الجيش المصري باسم الجهاد في سبيل الله، وشدد على أنه لا تراجع للحظة واحدة عن إجراءات المرحلة الانتقالية.
وبعدها بأيام تم اقتحام ميداني رابعة والنهضة وفض الاعتصام.
يستنجد بالشعب ضد الاعلام
دعا عبدالفتاح السيسي، وسائل الإعلام إلى ضرورة التعامل مع الموضوعات بالوعي والفهم اللازم، مشيرًا إلى أن أحد الإعلاميين قال: “الرئيس قاعد مع الناس في شركة سيمنز وسايب إسكندرية”، مؤكدًا أن هذا الكلام لا يصح.
وأضاف السيسي، خلال كلمته بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة والتي عقدت بمسرح الجلاء: “والله الأمر لا يليق ما يصحش نعمل كدا في بعض، إنتوا بتعذبوني إني جيت وقفت هنا ولا إيه، أنا بحس إن الناس لا هي فاهمة ولا عارفة أي حاجة في الدنيا” مضيفًا: “هو قطاع الإعلام مافيهوش كارثة ولا إيه؟ قولولي أنا أسأت لمين، والمرة الجاية هشتكيكوا للشعب”.
خلال حفل تدشين برنامج “رؤية مصر 2030″، قال عبدالفتاح السيسي إنه “سيعرض نفسه للبيع نظير أن ينقذ مصر في حال إن كان هذا هو الحل الآن”.
وأوضحت المحامية والناشطة الحقوقية نيفين ملك، أن السيسي يعتمد على خطاب مخابراتي، وتوجيهه لشرائح معينة من غير ذوي الخبرة، والإشارة إلى أن هذا منهج اتبعه السيسي منذ توليه الحكم، وقالت: “دغدغة المشاعر والخطاب الأبوي أسلوب مخابراتي نجح بالفعل مع فئة قليلة من الشعب”.
وأوضحت ملك في تصريحات لـ”رصد”: “أن السيسي يسعى لإبقاء الشعب على ما هو عليه من الجهل والمرض، والقضاء على الشباب والطبقة الوسطى”، مشيرة إلى أن هذه المحاولات لن تفلح؛ لأن النسبة الأكبر من الشعب المصري هي من جيل الشباب، وهم قادرون على تقييم الموقف.
رابعًا: التراجع الأمني والتدهور الاقتصادي
منذ شهر سبتمبر 2015 تورط الأجهزة الأمنية المصرية نظام السيسي في عدة مشاكل، أدت به إلى منزلقات خطيرة، كما وقعت عدة أزمات ضربت الاقتصاد المصري في “مقتل” حسب آراء خبراء، خلال الفترة الأخيرة، وترجع أغلبها إلى غياب الأمن:
جوليو ريجيني: الطالب في جامعة كامبريدج الذي كان يُجري أبحاثا في القاهرة بالإضافة إلى تعاونه مع وسائل إعلام إيطالية، واختفى يوم 25 يناير الماضي بعد أن غادر سكنه للقاء أحد معارفه وسط القاهرة، وبعد عدة أيام عثر على جثة ريجيني داخل حفرة في ضواحي القاهرة وعليها آثار تعذيب وحشي حصل له على مدى 5 أو7 أيام، حسب نتائج الفحوصات الطبية.
مقتل السياح المكسيكيين: من حوادث مقتل الأجانب، مقتل 12 شخصا وإصابة 10 آخرين أغلبهم يحملون الجنسية المكسيكية، في الصحراء بطريق الواحات، يوم 13 سبتمبر من العام الماضي، وذلك خلال تواجدهم بالخطأ في مكان اشتباكات بين قوات الأمن المصري ومجموعات مسلحة بحسب رواية الداخلية.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها، إنه أثناء قيام قوات مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة، بملاحقة بعض العناصر الإرهابية في منطقة الواحات بالصحراء الغربية، تم التعامل بطريق الخطأ مع أربع سيارات دفع رباعي، تبين أنها خاصة بفوج سياحي مكسيكي الجنسية، والذين تواجدوا بذات المنطقة المحظور التواجد فيها، وأسفرت الواقعة عن وفاة 12 شخصا وإصابة 10 أشخاص من المكسيكيين والمصريين تم نقلهم إلى المستشفيات للعلاج.
الطائرة الروسية: وكانت طائرة ركاب روسية قد تحطمت في شبه جزيرة سيناء، في 31 أكتوبر من العام الماضي، أثناء توجهها من شرم الشيخ إلى مدينة سان بطرسبورج الروسية، ما أسفر عن مقتل 224 شخصا هم جميع من كانوا على متن الطائرة، في ما اعتُبر أكبر كارثة في تاريخ الطيران المدني الروسي.
طعن نمساويين وسويدي: ومن الحوادث التي تعرض لها أجانب بمصر، إصابة ثلاثة سياح أجانب نمساوييْن وسويدي بجروح، في هجوم بالسكاكين على رواد فندق في مدينة الغردقة، وهو الحادث الذي تعاملت معه قوات الأمن، وقتلت أحد المهاجمين وأصابت آخر.
المؤتمر الاقتصادي: عقدت مصر في مارس الماضي 2015، مؤتمرا تحت عنوان “مصر المستقبل” بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة للسوق المصرية برعاية عبدالفتاح السيسي.
55 مشروعًا أسفر عنها المؤتمر الاقتصادي، لم يتم توقيع سوى سبعة مشروعات فقط منها، تتركز معظمها في قطاعي الإسكان والكهرباء، الأمر الذي يرجعه خبراء اقتصاديون، إلى أن ما تم الإعلان عنه من مشروعات خلال المؤتمر الاقتصادي مبالغ فيه.
مشروعات للتخدير
طرح نظام السيسي، عددا من المشروعات العملاقة الوهمية، وأبرزها العاصمة الإدارية الجديدة وبناء مليون وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود، وتنمية محور قناة السويس، واستصلاح مليون فدان، والشبكة القومية للطرق، وثلث التعدين الذهبي، إلا أن هذه المشاريع الستة اصطدمت بضعف مصادر التمويل والاضطرابات الأمنية التي عصفت بالبلاد، حيث استيقظ المصريون على مشروعات قومية أطلق عليها الخبراء تسمية “وهمية” أو “فنكوش”.
وكانت بداية موسم الإعلان عن المشروعات العملاقة في شهر مايو من عام 2013، قبل الانتخابات الرئاسية، عبر وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي، الذي كشف عن الاتفاق مع شركة آرابتك الإماراتية لبناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل خلال خمس سنوات مقابل 280 مليار جنيه (40 مليار دولار، حسب سعر الصرف آنذاك)، ولم تمر سوى ثلاثة أشهر حتى قالت وزارة الإسكان المصرية إنها تسلّمت الملف بدلاً من الجيش.
ورأى الخبير الاقتصادي ممدوح الولي أن نظام السيسي استخدم التخدير من خلال الإعلان عن مشروعات وهمية يحلم بها الشعب ويستبشر خيرا، وبعد شهور لا يجد هذه المشاريع أو يفاجأ بأنها لم تحقق المرجو منها مثلما حدث مع مشروع قناة السويس الجديدة.
ومع مرور 365 يومًا من تسلم السيسي للسلطة، ساهم هروب رأس المال الأجنبي خارج اقتصاد القمع في تفاقم أزمة البطالة، حيث أعلنت شركة “مرسيدس” الألمانية للسيارات انسحابها من الشركة المصرية الألمانية للسيارات (إجا) في مايو الماضي بعد تردي الأوضاع.
وتراجعت مجموعة “هوندا” العالمية لتصنيع السيارات عن فكرة إنشاء مصنع لتجميع السيارات في مصر مؤخرًا، وأبلغت “الغرفة” بتراجعها عن إنشاء مصنع لها، مبررة ذلك بأن الأفضل لها إدخال سياراتها لمصر دون رسوم جمركية.
وأغلقت شركة “باسف” الألمانية للكيماويات أبوابها، كما أعلنت شركة “جنرال موتورز الأمريكية” أنها أوقفت الإنتاج في مصنعها لتجميع السيارات بمدينة السادس من أكتوبر بمصر، وذكرت أنها أغلقت مكتبها المحلي هناك بعد استخدام القوى الأمنية المصرية الذخيرة الحية والجرافات والقنابل المسيلة للدموع بمجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة، ما أدى لمقتل مئات.
وأعلنت “رويال داتش شل”، أكبر شركة نفط أوروبية، غلق مكاتبها في مصر في أكتوبر قبل الماضي، وأوقفت شركة يلدز التركية للصناعات الغذائية إنتاجها في مصر بسبب الاضطرابات التي شهدتها البلاد بعد الانقلاب العسكري، لتلحق بها عشرات الشركات التركية. وتضم قائمة الشركات العملاقة الراحلة من مصر، “إنتل Intel العالمية”، التي أغلقت مكاتبها العاملة بقطاع التدريب والتطوير الهندسي، وسرحت العاملين، ولحقت بها شركة “ياهو” العالمية بعد أيام معدودات من الانقلاب العسكري.
وقررت شركة “توماس كوك” الألمانية للسياحة والسفر -إحدى أكبر الشركات السياحية العاملة فى مصر- وقف النشاط، ورحلت “tui” الألمانية إلى غير رجعة، قبل أن تفقد سوق العمل 7 آلاف مصري كانوا يعملون في مصانع “إلكترولوكس” السويدية للأجهزة المنزلية وظائفهم، بعد أن حذا هذا المصنع حذو جنرال موتورز وتويوتا ومرسيدس وغيرهم.
يأتي ذلك بالتزامن مع حملات التسول التي تمارسها الحكومة المصرية فمع انهيار السياحة وقلة توافد السياح، ما اضطر الحكومة لاستخدام أساليب دعاية وصفت بـ”الشحاتة”، حيث عرض هشام زعزوع، وزير السياحة الأيام الماضية، صورًا لمجموعة من المصريين الذين يعملون بالمجال السياحي، وهم يعانون من جراء أزمة ضرب السياحة، خلال حفلة “الليلة المصرية” التي أقيمت بالعاصمة الألمانية برلين.
وقال ممدوح الولي في تصريح لـ”رصد” في تصريحات لـ”رصد” إن هناك مشاريع سطحية ناتجة من كلام مرسل مثل عربية الخضار، ومشروع المليون وحدة سكنية ومشروع استصلاح أربعة ملايين فدان ومشروع الصوامع ومشروع شبكة الطرق، وليس آخرها مشروع العاصمة الجديدة.
وقال: “للأسف لم يكتفِ النظام بالإعلان عن مشروعات سطحية بل يواصل التأكيد على بدء مشروعات جديدة، والإعلام يبارك لهذه المشروعات، دون ذكر مصير المشروعات السابقة، ويقوم بتحميل الأجيال الحالية والقادمة أعباء هذه الأوهام الناتجة عن سياسة ترقيع الديون التي انتهجها، حتى بات عجز الموازنة مع نهاية العام المالي يتجاوز ٢٧٠ مليار جنيه (35.3 مليار دولار) وهو ما لم يحدث من قبل”.
وأعربت الناشطة الحقوقية نيفين ملك، عن استيائها من الوضع الصعب الذي يعشيه الشعب المصري في ظل غياب الرؤية الاقتصادية، وعدم الاستعانة بأصحاب الخبرات، وأشارت إلى أن مصر تفتقر إلى “عدالة توزيع ونقص إنتاج وعدم وجود رؤية اقتصادية”.
وأوضحت أن المؤتمر الاقتصادي تمخض عن لا شيء، كما أن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة باعتمادهم على الاستيراد من الخارج، توقفت أعمالهم بسبب أسعار الدولار، وقالت: “نظام السيسي بدأ في التهاوي بالفعل، لأنه يأخذ الشعب إلى السقوط”.
خامسًا: هجوم الإعلام الغربي على السيسي
وصفت مجلة إيطالية نظام السيسي على أنه نظام مهترئ، فيما طالب البرلمان الأوروبي، السلطات المصرية بضرورة التعاون في التحقق من “تعذيب واغتيال” جوليو ريجيني، مضيفًا أنه “ليس حالة منفصلة”، وأنه حدث في سياق عدد من الوفيات في الاحتجاز في مصر، كما صوّت معظم أعضاء البرلمان لصالح قرار يقول إنه يندد بتعذيب واغتيال جوليو ريجيني.
وجاء في القرار أن البرلمان “يندد بقوة بتعذيب واغتيال جوليو ريجيني، مواطن الاتحاد الأوروبي، في ظروف مريبة”، وحث البرلمان دول الاتحاد الأوروبي الـ28 على التمسك بقواعد الاتحاد في ما يتعلق بقواعد تصدير التكنولوجيا العسكرية، ومعدات المراقبة إلى مصر.
الهجوم الذي شنه الإعلام الغربي، على عبدالفتاح السيسي، والحالة الأمنية في مصر لم يكن الأول، ففي تقارير سابقة، لـ”واشنطن بوست” والـ”ديلي ميل”، وغيرهما من المواقع والصحف الأوروبية والأميركية، اتهموا مصر بانتهاك حقوق الإنسان، مع غياب رؤية سياسية واقتصادية واضحة لانتشال مصر من أزمتها.
انترناسيونالي الإيطالية
كما أفردت صحيفة “انترناسيونالي” الإيطالية صفحتها الأولى لصورة رئيس النظام الحالي عبدالفتاح السيسي وهو “منبطح”، وعلقت عليها “مصر الديكتاتورية المتوحشة لقائد محدود الموهبة”.
واشنطن بوست
تحت عنوان “الولايات المتحدة لن تنطق بكلمة عن قمع مصر”، هاجمت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” ونظام “عبدالفتاح السيسي”.
واستهلت الصحيفة افتتاحيتها قائلة: بات مألوفا الآن مشهد تملق “كيري” لنظام “السيسي” وتغاضيه عن الانتهاكات الشديدة لحقوق الإنسان التي يمارسها النظام، والذي بات جليا في أعقاب مؤتمر “إعمار غزة” الذي عقد بالقاهرة وشارك فيه “كيري” وكرر خلاله مشهد تملقه للنظام المصري.
وأدعّت الصحيفة أن هذا المشهد حدث مسبقا يوم الأحد الماضي، أثناء مؤتمر صحفي لكيري بالقاهرة وهو يكرر التأكيد على دعم بلاده القوي لمصر في الوقت الذي تجري فيه إصلاحات مهمة، وإنه ناقش مع نظيره المصري “سامح شكري” الدور المحوري لوجود مجتمع مدني نشط وصحافة حرة وإجراءات تجري وفق القانون.
وحول هجوم الإعلام الغربي على سياسيات عبدالفتاح السيسي، أكد حسن أبوهنية المحلل السياسي، أن ما يحدث هو مناوشات كلامية لا أكثر ولا أقل، وأشار إلى أن الدعم العسكري والسياسي لعبدالفتاح السيسي لن يتوقف، وأضاف: “الحفاظ على المصالح في مصر، لن يجعل هذه الدول تقوم بأخذ أي خطوات جادة ضد ما يحدث، وأن هذه التصريحات هي لحفظ ماء الوجه فقط”، مضيفًا: “كل هذه البيانات والتصريحات لا تكفي للتحول الديمقراطي”.
الديلي ميل والسجادة الحمراء
قالت صحيفة ديلي ميل البريطانية إن عبد الفتاح السيسي استخدم سجادة حمراء طولها 3 أميال وثمنها 143 ألف استرليني (أكثر من مليون ونصف المليون جنيه) لافتتاح مشروعات إسكان الفقراء، ولم تحدد الصحيفة المصدر الذي استقت منه ثمن السجادة.
ووصفت الصحيفة البريطانية المشهد بأنه لحظة مثيرة للجدل، مشيرة إلى أن موكب السيسي سار على السجادة الحمراء العملاقة التي وضعت على الطرق العامة خلال رحلة لفتح مشروع الإسكان الاجتماعي في أحد ضواحي القاهرة.
وأوضحت الصحيفة أن الصورة أثارت موجة من الانتقادات والسخرية على وسائل الاعلام الاجتماعية، وخصصت صحيفة المقال صفحتها الأولى وعدد من صفحاتها الداخلية للتعليق على الحادث.
ونقلت الصحيفة عن المقال قولها أن “الرئيس يطلب منا أن نشد الأحزمة بينما يتم فرش سجادة حمراء لسيارته طولها 4 كيلومترات (2.5 ميل)؟.
وكان السيسي طبقا لما نشره التليفزيون الحكومي قد زار مدينة 6 أكتوبر، لافتتاح عدد من المشاريع الخدمية وخلال اللقاء دعا المصريين للتقشف.
واستغربت الصحيفة من دعوة السيسي رغم أن تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2014 يشير إلى أن أكثر من 25 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
وأضافت الصحيفة أن السيسي، الذي رهن شرعيته وقت مجيئه بإنعاش الاقتصاد بعد سنوات من الاضطرابات، تحدث خلال اللقاء عن ضرورة تقليل الدعم الحكومي للخدمات، مشيرا إلى أن الدولة تنفق نحو 40 مليون جنيه استرليني يوميا لتوفير المياه النظيفة، للمواطنين بينما لا يتحمل المستهلكون إلا جزءا صغيرا جدا من التكلفة. وأوضح السيسي الذي داست سيارته على سجادة طولها 4 كيلومترات أن الدولة غير قادرة على الاستمرار بهذه الطريقة.
سادسًا: تراجع الدعم الخليجي
مع إعلان دول الخليج الحرب على الحوثيين في اليمن، ثم انخفاض أسعار البترول الذي أثر بالسلب على الاستثمار الداخلي لدول الخليج، عاد كل ذلك بالسلب على مصر التي اعتمدت منذ قيام ثورة يناير على الدعم الخليجي، حيث يعيش نظام السيسي حالة من التخبط السياسي يعيشها نظام السيسي، منبثقة من خلافات هذا النظام مع دول الغرب في الوقت الذي توقف فيه الدعم الخليجي السياسي في ظل انشغال الأخير بالحرب في اليمن.
قالت مجلة “فورين بوليسي”، إنه إذا ما واصلت أسعار النفط تراجعها، فإن دول الخليج العربي ربما لا تكون قادرة على مواصلة تدفق أموال المساعدات لجيرانها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذين لا يتمتعون بمخزونات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط، مثل مصر والمغرب، وأشارت إلى أنه لعقود طويلة عملت دول الخليج الغنية على دعم جيرانها العرب في المنطقة، لتجنب النفوذ الأوروبي الكبير ولضمان الاستقرار السياسي في المنطقة التي تفتقر للاستقرار عبر تاريخها.
مسافة السكة:
كرر عبدالفتاح السيسي، في كلمته خلال حفل التنصيب بقصر القبة، مقولته في حديثه التليفزيوني مع الإعلامية زينة يازجي، قبل الانتخابات الرئاسية، على فضائية “سكاي نيوز عربية”. قال السيسي مبتسما: “مسافة السكة.. مش كده ولا إيه؟” في إشارة لتحرك مصر وجيشها للدفاع وصد أي خطر خارجي يمس أمن دول الخليج العربي، مؤكدا أن أمن دول الخليج العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.
وهو ما يعتبره الكثير من السياسيين لم يحدث، وكان سببًا واضحًا في تأثر علاقة دول الخليج العربي بمصر، خاصة السعودية وقطر.
وبشأن الدعم الخليجي لمصر، أكد أبو هنية أن ما يحدث من قِبل أوروبا وأميركا ينطبق أيضًا على مصر، فدول الخليج تُحاول الحفاظ على مصالحها في مصر، وإن كان الأمل عقد على الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، في الضغط على مصر من أجل تغيير ما حدث، إلّا أنه سرعان ما تراجعت المواقف وبدأ الدعم لمصر بسخاء شديد.
وأشار إلى أن مصر تُعاني من صعوبات خطيرة في الأمن والاقتصاد والعلاقات الخارجية، وما يُقدم عليه عبدالفتاح السيسي لن يستطيع إنقاذه أو انقاذ مصر من العثرة التي أوقعها بها، وأضاف: “عبدالفتاح السيسي مصيره إلى الفشل؛ لأنه لن يستطيع تلبية الاحتياجات السياسية والاقتصادية”.
الحرب والنفط تسببا في وقف الدعم
وقال الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي أن الدعم الخليجي لمصر توقف نسبيا بسبب الحرب وانخفاض أسعار البترول، وتحول الدعم من نقدي إلى نفطي لكنه يعتبر دعما كبيرا لمصر؛ لأن النفط أساس الحياة.
وأضاف الفقي في تصريح لـ”رصد” إن مصر حصلت على 6 مليارات دعم خليجي من المؤتمر الاقتصادي، وننتظر 6 مليارات أخرى توقفت مع انخفاض أسعار النفط واضطرار الخليج لزيادة أسعار الوقود والكهرباء في بلدانهم؛ بسبب احتياجهم للمال لشراء الأسلحة.
وأشار إلى أن برميل النفط كان سعره 100 دولار، وانخفض إلى 39 دولارا، مما تسبب في عجز كبير في الأرباح، الأمر الذي أجبر الخليج على ترشيد إنفاقه والتي منها وقف الدعم المالي لمصر.
ووافقه في الرأي الدكتور باسم عالم المحلل السياسي السعودي، الذي رأى أن انشغال الخليج بالحرب في اليمن حد من شلالات الدولارات الخليجية التي تدفقت إلى مصر منذ الإطاحة بالدكتور مرسي في الثالث من يوليو عام 2013.
وأضاف عالم في تصريح لـ”رصد” أن السعودية منزعجة من نظام السيسي، وتعتبره مجرد تحصيل حاصل، وتنتظر لحظة سقوطه، فلن تقف معه إذا ثار الشعب ضده مثلما وقف الملك عبد الله مع مبارك.
وأكد عالم أن الشعب السعودي يرى السيسي مجرد “فتوة” يحصل على الأموال مقابل التدخل في حروب وحمل السلاح ليس أكثر.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الأميركي إليوت أبرامز إن تصريحات سابقة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري عن دعم مصر أظهرت أنه ليس لديه أي اهتمام بتطبيق “الأمن المدني، والديمقراطية، وحقوق الإنسان” في مصر.
وأشار الكاتب، في مقال نشره موقع “مجلس العلاقات الخارجية”، إلى أن تصريحات كيري لم تذكر عبارة “حقوق الإنسان” أو “الديمقراطية”، بل تحدث بدلا من ذلك عن “مصر التي لا توجد إلا في أحلام اليقظة”، قائلا إن مصر “تمر بعملية تحول سياسي”.
واستدرك الكاتب: “لكن ببساطة ليس الأمر كذلك؛ فالدكتاتورية العسكرية التي كانت في عهد مبارك، قائمة الآن تحت حكم السيسي، بل إن وضع حقوق الإنسان أسوأ بكثير اليوم”.
وينقل الكاتب عن كيري قوله: “نحن نحترم كثيرا الدور المهم الذي تلعبه مصر تقليديا في المنطقة، فهي قائدة للعالم العربي بشكل لا لبس فيه”.
مصر لم تكن أبداً أقل نفوذا في المنطقة أكثر مما هي اليوم. إنها ليست على الإطلاق قائدة للعالم العربي، ولا يوجد رئيس دولة عربية يطلب مشورة السيسي الآن”. وينقل الكاتب عن كيري قوله: “إن نجاح التحول الذي يجري حاليا أمر بالغ الأهمية للولايات المتحدة، وبالطبع للمنطقة ولمصر”.
وتساءل الكاتب: “أي تحول يتم العمل عليه في مصر؟ إن الانتقال من جنرال اسمه مبارك إلى جنرال آخر اسمه السيسي ليس تحولا”.
وقال: “ليس هناك إصلاح اقتصادي تحولي على الإطلاق، بل في الواقع تزايدت سيطرة الجيش على الاقتصاد بشكل كبير تحت حكم السيسي”.
وذهب الكاتب للقول: إن مصر اليوم مفلسة، وبمرور الوقت لن تتلقى سوى القليل من المانحين في الخليج، والوضع الأمني في سيناء والصحراء الغربية آخذ في التدهور، لكن كيري لم يذكر ذلك.
وأضاف: “إن حالة حقوق الإنسان مروعة، حيث يواصل السيسي سحق جماعة الإخوان المسلمين، ليس ذلك فحسب، بل كل من بداخل الحياة السياسية”.
واعتبر الكاتب أن الرسالة التي نقلها كيري في هذه التصريحات هي أنه لا يعرف إلا القليل عن مصر الحقيقية، أو أنه لا يهتم كثيرا، أو أنه خائف من قول أي شيء قريب من الحقيقة.
صحفي سعودي يهاجم السيسي
شن الكاتب سعود الريس، رئيس تحرير صحيفة “الحياة”، وهي من أشهر صحف السعودية، هجوما على نظام السيسي وإعلامه.
وقال: “التناقض المصري- المصري تجسد في مواقف متعددة لا يخرج عنها اليمن، وما صاحب “عاصفة الحزم” من ردود فعل متباينة، وأيضاً سوريا بفلسفة إنقاذ شعبها، من خلال تثبيت النظام الحاكم، وهو ما أعلن عنه صراحة وزير الخارجية المصري ومن ثم نائبه في غير مناسبة “أننا ضد التدخل العسكري في سوريا”، بحجة أن “الحل العسكري في سوريا أثبت عدم جدواه خلال الأعوام الماضية، وأن الحلول السلمية هي المثلى”.
أزمة مع دول عالمية
وتواجه مصر أزمة مع 3 دول كبرى في مقدمتها أميركا بسبب سياسة الأولى تجاه انتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن بيان البرلمان الأوروبي الأخير أثار قلق النظام المصري، حيث أوصت دول الاتحاد الأوروبي بوقف المساعدات عن مصر بسبب عمليات القمع والتعذيب التي تشهدها مصر والتي تكللت بمقتل الباحث الإيطالي “جوليو ريجيني”.
ودخلت مصر في سجال مع ممثلة الولايات المتخدة الأميركية بالأمم المتحدة سامنثا باور التي وصفت امتناع مصر عن التصويت على المقترح الأميركي بشأن “ترحيل المتورطين من قوات حفظ السلام حال الاشتباه بارتكابهم جرائم انتهاكات جنسية”، بـ”المحزن”، وذلك عبر تغريدة لها على “تويتر”.
كما أعربت بريطانيا عن قلقها الشديد من الاعتقالات والتعذيب وأوضاع المجتمع المدني في مصر.
ونشر “جون كاسن”، السفير البريطاني لدى القاهرة من خلال تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي بموقع التغريدات القصيرة “تويتر” تصريح بريطانيا في الأمم المتحدة، والذي يعبر عن “القلق الشديد، من الاعتقالات والتعذيب في مصر وأوضاع المجتمع المدني.
وبرعاية إيطالية أدان البرلمان الأوروبي بشدة ما وصفه بالتعذيب والاغتيال تحت ظروف مريبة للشاب الإيطالي جوليو ريجيني البالغ من العمر 28 عاما، والذي عثر عليه مقتولا على جانب أحد الطرق في 3 فبراير الماضي، مطالبا بوقف المساعدات لمصر.
وقال البرلمان في قرار له، الخميس الماضي، عقب جلسته الطارئة في مقره بستراسبورغ، إن جثة ريجيني وضحت عليها علامات الضرب الشديد و”العنف غير المقبول”، وأن نتائج الفحص الطبي والتشريحي للجثة، والتي أجريت بواسطة السلطات المصرية والإيطالية لم يتم إعلانها بعد.
كما دعا البرلمان الأوروبي الحكومة المصرية إلى إلغاء قانون التظاهر الذي وصفه بالقمعي، داعيا إياها إلى إلغاء الحظر المفروض على حركة 6 أبريل، ووقف حظر السفر المقرر على بعض النشطاء الحقوقيين، وإلغاء قانون مكافحة الإرهاب، وقانون الكيانات الإرهابية، وكذلك قانون الجمعيات.
وأعرب البرلمان عن استيائه من اتفاقيات التعاون الأمني المتواصل، وبيع الأسلحة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمصر، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى تبني قائمة إصلاحات، تكون بمثابة عناصر يمكن على أساسها تحديد مستقبل ومصير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر.
ووصل المدعي العام الإيطالي إلى القاهرة أمس للوقوف على نتائج تحقيقات النيابة في واقعة مقتل ريجيني، وسبق وأرسل فريق تحقيق لمتابعة القضية.
وقال حازم حسني أستاذ العلوم السياسية، إن المصريين يعيشون تحت رعاية نظام لا يحترم نفسه، ويسيء لسمعة أي مواطن مصري بالخارج حيث ينظر إليه العالم بأنه “المواطن المتسول والهمجي” ونحن الآن في موقف جد خطير بسبب تورط النظام في وقائع “انتهاكات حقوق الإنسان”.
وأضاف حسني في تصريح لـ”رصد” أن الغرب ينظر لمصر الآن كدولة مضطربة غير مستقرة فأوقف عنها توافد السياح، وفرض عليها القيود والأوامر بسبب ولائها لروسيا الذي لم يغنيها عن بقية الدول، وأصبح هناك حالة من الترقب والانتظار، مؤكدًا أن السيسي سيواصل حملات محاربة الإرهاب لضمان مساعدة الغرب له.
على الرغم من المؤشرات السابقة على صعوبة الوضع الذي يعيشه نظام السيسي داخليا وخارجيا إلا أن كل هذه العوامل لا تجعل من تغيير رأس النظام (السيسي) أو حتى قيام ما يسمى بالثورة الثالثة أمرا حتميا وقريب الحدوث، إذ تبقى محاولات الخبراء والمختصين في قراءة الواقع تبنؤات، قد تحدث أو لا.. بناء على العديد من العوامل المؤثرة على عملية التغيير في أي دولة.