بدأت بوادر جديدة لأزمة نقص الغاز التي تهدد بانقطاع الكهرباء الصيف المقبل، أو وقف العمل بآلاف المصانع، ومؤخرًا طالبت وزارة الكهرباء نظيرتها “البترول” بتوفير كميات من الغاز تتراوح ما بين ٤ إلى ٤.٢ مليار قدم مكعب من الغاز يوميًّا؛ حتى تفي باحتياجات محطات إنتاج الكهرباء، لتوليد 37 ألف ميجاوات، الأمر الذي يؤكد وجود أزمة غاز ستطل برأسها خلال أشهر الصيف، يتحمل فاتورتها المواطن المصري البسيط.
وقال الدكتور عزت عبدالعزيز، رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق، إن ما طالبت به وزارة الكهرباء من الغاز فوق طاقة الإنتاج المحلي، الذي يبلغ ٣.٨٥ مليار قدم مكعب، وفي هذه الحالة ستضطر مصر لاستيراد كمية كبيرة من من الغاز وهو مليار متر مكعب وذلك أيضا يترتب عليه خلل جديد في الميزانية الجديدة.
وأشار عبد العزيز في تصريح لـ”رصد” إن الغاز حاليا يتم جلبه من الخارج في صورة سائلة ويتم تحويله إلى صورته الغازية في باخرتين مخصصتين لهذا الغرض سعتهما التخزينية لا تتعدى تلك الكمية، لافتًا إلى أن مصر، في أحسن الأحوال، لا تستطيع توفير أكثر من ٥ مليارات قدم مكعبة من الغاز في الصيف.
وأوضح الدكتور إسلام عبد الله أستاذ الطاقة بجامعة عين شمس، أن أزمة الغاز ليس لها حل إلا بتوفير الغاز من مصادر متعددة؛ لأن الغاز يُستخدم في الصناعة، وتوليد الكهرباء، الأمر الذي يحتم على مصر توفير 5 مليارات متر احتياطي هذا العام.
وأشار إسلام في تصريح لـ”رصد” إلى أن الحكومة لن تكون وحدها المسؤولة عن الأزمة المتوقعة فأيضا البرلمان سيتحمل عبئا كبيرا بدوره جهة رقابية تراقب أداء الحكومة، وسيكون الإيفاء باحتياجات محطات التوليد أمر صعب في حال فشر مصر في توفير مليارات الأمتار المكعبة من الغاز.
وتوقع إسلام أن تضطر الحكومة لقطع الكهرباء المخصصة لإنارة المنازل خلال فترة الصيف وفق خطة تشمل محافظات الجمهورية بكل مناطقها، ذلك إذا أراد المسؤولون الحفاظ على القوة الإنتاجية لمصانع الأسمدة والحديد والأسمنت وخلافه من السلع المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على أسعار باقي السلع الاستهلاكية من غذاء ومسكن وملبس، لكن القرارات تتخذ وفق رؤية سياسية، دون النظر إلى الظروف الاقتصادية.
وأكد الدكتور أحمد المسيري خبير الطاقة أن التراجع الحاد في إيرادات العملة الصعبة يعوق إمكانية شراء الغاز المسال، وهو ما يثير مزيدا من القلق.
وقال المسيري في تصريح لـ”رصد” إن أي زيادة في ضخ الغاز لصالح وزارة الكهرباء سيكون على حساب الصناعة، مما يؤثر على إنتاجها، وهو ما حدث بالفعل العام الماضي، وقد يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الغاز المستورد، الذي يبلغ 2.5 مليار دولار لـ500 مليون قدم مكعب يوميًّا، مما ينعكس على أسعار المنتجات الصناعية، وارتفاع نسب تضخمها، وتترتب عليه أزمة جديدة في الدولار غير المتواجد أساسًا في السوق.
وأكد أن الأمر في غاية الخطورة، في ظل عجز الكهرباء عن توفيرنحو 2000 ميجا وات بشكل يومي، والتي تتطلب ما يزيد على 500 مليون قدم مكعب من الغاز لإنتاجها، مضيفًا أن التوجه إلى سد العجز بزيادة الاستيراد لأكثر من 600 مليون قدم مكعب يوميا، سيدخلنا في أزمات جديدة، والتي تنعكس على الوضع العام بشكل مباشر في ارتفاع سعر الدولار.
وأضاف أن الحل الوحيد هو في إتمام محطة الضبعة النووية، في مدة لا تزيد على عامين؛ لأن استمرار الوضع هكذا سيولد كوارث كبيرة في مصر نحن في غنى عنها.