وقف الشاب العشريني محمد حائرًا، يتملكه القلق من كل جانب بعد سماعه القرار “الإسرائيلي”، بمنع توريد الأسمنت إلى قطاع غزة المحاصر، أسابيع معدودة تفصل محمد عن موعد زفافه الذي حدده قبل شهر رمضان المبارك، وهو بحاجة إلى الأسمنت لتشطيب شقته وتجهيزها “لعش الزوجية”.
قال وقد بدا التوتر في عينيه “الشغل كله واقف على كيس الأسمنت”، مؤكدًا أنه لا يستطيع أن يقدم على أي خطوة في تجهيز شقته قبل توفير الأسمنت”.
وأضاف “بدك تبني ، بدك أسمنت ، بدك تعمل كهربا بدك أسمنت، بدك تبلط ، كل حاجة متوقفة على الأسمنت”.
و اشتكى محمد، من ارتفاع سعر طن الأسمنت بعد القرار “الإسرائيلي”، حيث وصل إلى 2200 شيقل “550 دولار”، رغم أن سعره الحقيقي في الظرف العادي يصل إلى 560 شيقل “150 دولار”.
حال محمد هذا ينسحب على مئات غيره ، فضلًا عن مشاريع البنى التحتية والاسكانية الخاصة منها والعامة التي تتوقف عجلة عملها على “كيس الأسمنت”، الأمر الذي أدى إلى شل حركة البناء بالكامل في القطاع، وانعكس سلبا على مختلف القطاعات المرتبطة بالبناء والأيدي العاملة.
وفي حال استمر الوضع على حاله بمنع دخول الأسمنت سيضطر آلاف العاملين في قطاع البناء للجلوس في منازلهم، وبالتالي ستسوء أوضاعهم الاقتصادية.
ودمر الاحتلال في عدوانه الأخير على غزة صيف عام 2014 ، أحياء سكنية كاملة في الشجاعية ورفح وخانيونس وشمال قطاع غزة ، الأمر الذي تسبب بتشريد مئات الأسر الفلسطينية.
أوضاع مأساوية للعمال
وتزامنًا مع يوم العمال الفلسطيني في الأول من مايو القادم، قال اتحاد نقابات العمال في قطاع غزة اليوم الأحد إن أعداد العمال المتعطلين عن العمل وصلت لنحو 213 ألف عامل، فيما بلغت نسبة الفقر 70% والبطالة 60% في صفوف الشريحة الأكبر في المجتمع الفلسطيني.
وأضاف رئيس الاتحاد العام سامي العمصي، في تصريح صحفي وصل “رصد” نسخة عنه: “أن يوم العمال العالمي سيقبل على العمال الفلسطينيين وهم يعيشون معاناة متراكمة سببها الاحتلال الإسرائيلي نتيجة تشديد الحصار وإغلاق المعابر ومنع إدخال المواد الخام”.
وحذر من الوصول لمستويات معيشية كارثية في ظل سياسية تشديد الحصار، مؤكدا أن واقع العمال في غزة هو الأسوأ منذ عشر سنوات.
وناشد العمصي مصر بفتح معبر رفح أمام جميع المستلزمات والمواد الأساسية لإنهاء الحصار، داعيا الدول العربية والأمم المتحدة وأصحاب الضمائر الحية بالضغط على الاحتلال لرفع الحصار وإدخال مواد البناء إلى القطاع وتسريع عملية الإعمار.
وأشار العمصي إلى أنه ومنذ تولي حكومة الوفاق لمسؤولياتها لم تقم بتشغيل أي عامل، وقال: “لم يتلق العمال سوى بعض الوعود الوهمية التي لم تتحقق، وأطلقتها الحكومة على لسان وزير العمل مأمون أبو شهلا”.
وطالب بإقرار الحد الأدنى للأجور حسب ما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية في غزة، لافتا لوجود عمال يعملون ساعات طويلة برواتب متدنية في مخالفة واضحة لقانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000م.
ودعا العمصي إلى تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام لما له من مصلحة وطنية تعود على كافة فئات المجتمع ومن بينهم شريحة العمال.
تحذير من انفجار غزة
إلى ذلك حذرت حركة “حماس” من التشديد المستمر للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي كان آخر أمثلته منع دخول الأسمنت واستمرار سياسة الخنق والإغلاق ومحاولة شل كل أوجه الحياة في القطاع.
وقال سامي أبو زهري، الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس في تصريح وصل “رصد” إن استمرار الوضع في غزة بهذه الطريقة لم يعد ممكناً وأنه على كل الأطراف الإقليمية والدولية تحمل مسؤولياتها إزاء هذا الوضع المتدهور”.
من جهته، توقع رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين أسامة كحيل استئناف الاحتلال إدخال الاسمنت إلى قطاع غزة خلال الأسبوع الجاري بنفس الآلية السابقة التي كانت عليها قبل قرار المنع.
وقال “كحيل” في تصريحات صحفية إن استئناف إدخال الأسمنت للمتضررين عبر آلية الأمم المتحدة سيكون بشكلٍ تدريجي وصولاً للكميات التي كانت تدخلُ القطاع قبل قرار المنع.
وأوضح أن اسرائيل استأنفت إدخال مادة السيلو إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم مشيراً إلى أن المستفيدين منه هم أصحاب مصانع الباطون وصناعة البلوك، فيما أشار إلى استمرار ادخال الأسمنت لصالح المشاريع القطرية والتركية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين -الأونروا.
زأعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن وقف توريد الأسمنت إلى غزة ، متهما حماس باستخدامه في بناء الأنفاق الهجومية وهو ما تنفيه الحركة وتعتبره ذريعة لاستمرار الحصار والتضييق على قطاع غزة.
يشار إلى مصر تسمح بإدخال كميات كبيرة من الأسمنت عبر معبر رفح عقب فتحه على فترات متباعدة لأيام معدودات.
ولم تفتح السلطات المصرية معبر رفح إلا ثلاثة أيام منذ بداية هذا العام ، على الرغم من زيارة وفد حماس إلى القاهرة والحديث عن اذابة الجليد في العلاقة بين الجانبين.