عادت ظاهرة حصد أرواح الشباب المصري المهاجرين بطريقة غير شرعية من خلال قوارب إلى بلاد أوروبا مجددا، في العام الذي وصفه عبد الفتاح السيسي بأنه “عام الشباب”، فقد تعرض مركب كان يستقله 25 شابا مصريا للغرق بمياه البحر المتوسط أثناء رحلة هجرة غير شرعية إلى أوروبا، بحسب مصادر أمنية بمحافظة الشرقية، وأغلب الغارقين يقيمون بمركز بلبيس في محافظة الشرقية.

وكان السيسي قال إن تعبير “تحيا مصر بشبابها” أصبح واقعًا حقيقيًا نعيش به ومن أجله، مؤكدًا أنه يتحدث إلى أبناء مصر بقلب أب، وكلامه عن الأمل ليس مجرد كلمات بلاغية في مناسبة رسمية، ولكن محاولة لإعادة الأمور لنصابها وتصحيح خطوات الوطن نحو التقدم والرقي.

وقال السيسي -خلال كلمته بحفل إطلاق الموقع الإلكتروني لمشروع “بنك المعرفة” بدار الأوبرا، في يناير الماضي- إن مصر ليست سكنا نعيش فيه ونعمل من أجلها فقط، وليست مجرد نهر وبحر وصحراء، ولكنها حالة من العشق يتحول فيها حب الوطن إلى جزء لا يتجسد من نسيج الروح.

وأعلن الرئيس السيسي عام 2016 عاما للشباب المصري، نبدأ من خلاله بتأهيل حقيقي للشباب، من خلال منظومة ممنهجة على أسس علمية ووطنية، لافتًا إلى أن البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة نموذج لهذا التأهيل الذي سيكون قاعدة تشمل جميع هيئات ومؤسسات الدولة.

وبعد كل هذا تم اعتقال نحو 300 شاب، ووجهت لهم تهم عديدة، منها الانضمام لجماعة إرهابية، بعد مشاركتهم في تظاهرات “جمعة الأرض هي العرض” التي احتجوا خلالها عن تنازل نظام السيسي عن جزيرتي “تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية”.

وفي الدقهلية اختفى 4 شبان، توجهوا إلى الإسكندرية قبل 3 أسابيع، في طريقهم إلى إيطاليا في هجرة غير شرعية.

والشباب هم: “عبدالعزيز أحمد عبدالعزيز سالم، 18 عاما، وأمير محمد أحمد المنجي، 19 عاما، ورضا محمد بركات، 19 عاما، والسيد محمود السيد محمد، 17 عاما”.

ومن مركز بلبيس في محافظة الشرقية، تم الاعلان عن اختفاء 8 من أبناء هذا المركز أثناء توجههم لإحدى الدول الأوروبية عن طريق الهجرة غير الشرعية.

وقال ناصر عبدالغني، أحد أهالي قرية كفر العرب مركز بلبيس: إن نجله عبدالغني 16 عاما و7 آخرين اختفوا منذ فترة عقب ورود اتصال هاتفي منهم؛ أكدوا خلاله أنهم موجودون بإحدى الدول الأوروبية على متن مركب في إطار هجرة غير شرعية.

في الوقت نفسه ناشد أهالي الغارقين السلطات المصرية التدخل لإنقاذ ذويهم أو انتشال جثثهم.

ونستعرض لكم الأسباب التي دفعت الشباب للهجرة عبر هذه القوارب:

(1) البطالة

تعد البطالة أحد أسباب لجوء الشباب المصري إلى الهجرة غير الشرعية؛ حيث أشار الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي إلى أن عدم توافر فرص العمل تعد أهم دوافع الشباب للهجرة إلى الخارج بنسبة 70%، مشيرا إلى أن أغلب الشباب يسافرون بدون عقود عمل، سواء بهجرة شرعية أو تأشيرة سياحية.

وأكد الفقي -في تصريح لـ”رصد”- أن البطالة مرض مجتمعي يدمر الشعوب معنويا؛ ما يؤثر بالسلب في الإنتاج وتصبح الدول التي تعاني من بطالة إلى دولة فقيرة الإنتاج غنية العدد.

وقال محمد سعفان، وزير القوى العاملة: إن أزمة البطالة في مصر أصبحت حادة للغاية خلال المرحلة التي تمر بها الدولة حاليًا؛ نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها الدولة في السابق.

وأضاف “سعفان” -في تصريحات له أمس الخميس- أن أزمة البطالة تعد مشكلة عالمية، وتعاني منها الكثير من الدول، مؤكدًا أن الحكومة وضعت برنامجًا لخفض معدلات البطالة وتقليل النسبة التي ارتفعت مؤخرًا لـ12.7%.

وتابع: “مشكلة البطالة موجودة في كل بيت مصري، وهدفنا وضع حلول على المديين البعيد والقصير؛ لأنه لا توجد مشكلة تحل بين يوم وليلة، بل يجب العمل عليها ووضْع خطط واقعية تساعد في الحل وتأتي بنتائج ملموسة بشكل سريع”.

(2) هروب الشركات

وقال ممدوح الولي، الخبير الاقتصادي: إن تصفية الشركات الكبرى والمستثمرين أعمالهم في مصر سبب كاف لبحث الشباب المصري عن العمل في الخارج، خاصة أن الشركة سرَّحتهم وطردتهم من العمل، سواء للإغلاق أو لتقليل العمالة.

وأشار الولي إلى أن ظاهرة إغلاق المصانع زادت حتى وصلت إلى 10 آلاف مصنع ما بين كبير وصغير، بعد رفع الدعم عن الوقود؛ ما جعل أصحاب هذة المصانع للإغلاق وتسريب العمال للخارج؛ ما يدفعهم للهجرة خارج الدولة.

(3) إحباط الشباب

وأكدت الدكتور هبة العيسوي، أستاذة الطب النفسى بجامعة عين شمس، أن الشباب المصري أصبح وحيدا في مجتمع يحكمه العواجيز، فقد قام بثورتين لم يجن منهم سوى الفقر والقمع، لذلك فقد قرر اللجوء إلى الهجرة، سواء الشرعية أو الغير.

وأشارت هبة إلى أن الهجرة غير الشرعية هي الطريقة الأسهل للشباب للهروب من ذلّ الفقر وحملات الاعتقال وغيرها والحالة الأمنية في البلاد، فهو يعاني الآن من الإحباط النفسي والاكتئاب.

ودعت هبة الدولة إلى سرعة توفير استثمارات كبرى وتسهيل عمليات الاستثمار من أجل إتاحة فرص عمل مجزية خاصة لفئة الشباب واستغلال طاقاتهم.

(4) القمع

ورأى ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن القمع وانتهاك الحريات أحد أسباب هروب الشباب للخارج، فقد أصبح مطاردًا أثناء جلوسه على المقهى، وليس مشاركا في مظاهرة، فالشباب الآن يشعرون أن حياتهم مهددة لذلك؛ فقرر العديد منهم الهروب.

(5) الواسطة

وقال أمين -في تصريح لـ”رصد”-: إن مصر تفتقر لمشروع قومي يلتف حوله الشباب؛ فالرئيس السيسي وعد بأن يكون عام 2016 هو عام الشباب، لكن الحقيقة عكس ذلك فلا يزال مبدأ الواسطة والمحسوبية يسود الدولة ويحرم المواطن من حقه.