قال الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، إن الحكومات الغربية لم تعد تخجل من دماء السوريين التي يستبيحها الديكتاتور السفاح، ولا من مشاهد الدمار التي ترتبها جرائمه ضد الإنسانية.
مشيرًا -في مقال له بعنوان “حلب تحترق”، والذي نشرته جريدة “الشروق” المصرية، اليوم الأحد- إلى أن السياسة الغربية تراوح بين ترك الشعب السوري لمصيره المحتوم “نظرًا للتعقد البالغ للصراع الدائر هناك”، وبين إعطاء الأولوية “لمنع اللاجئين من قدوم الأراضي الأوروبية” والإبقاء عليهم في الجوار الإقليمي أو في الداخل السوري، وبين “التوافق مع روسيا الاتحادية على حل تفاوضي” يبقي على الكثير من حكم الديكتاتور المدعوم روسيًا ويحقق القليل للمعارضة المدعومة غربيًا وخليجيًا ويتجاهل أهل البلاد الذين انتفضوا ضد حكم الديكتاتور طلبًا للحرية وللحق في وطن يسوده العدل.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية “لم تعد الحكومات الغربية تخجل من تواصل جرائم الديكتاتور بشار الأسد، ومن استمرار عجزها ومعها الجماعة الدولية عن ردعه، فالغرب يرفض التدخل العسكري في (الصراع السوري)، ويرفض منذ بدأت الجرائم ضد الإنسانية في 2011، الضغط الجاد لانتزاع قرار أممي يحمي المدنيين بحظر طيران مقاتلات الأسد التي تنفذ ببراميلها المتفجرة وقنابلها الحارقة هولوكوست (رخيص الكلفة المادية) مكوناته الإبادة والقتل والدمار، ويرفض مواجهة روسيا التي سبق لطائراتها وصواريخها قتل المدنيين السوريين بل يسلم بحساباتها التفاوضية التي تحتفظ للديكتاتور بمقعد الرئاسة”.
وتابع: “لا يبحث الغرب في سوريا سوى عن أوهام (الحرب على الإرهاب) متناسيًا استحالة القضاء على عصابات الإرهاب دون الخلاص من الاستبداد، وممارسًا لاستعلاء مقيت إزاء حق الشعب السوري في ألا يحكمه قاتل وألا تتسلط عليه مجموعات إجرامية تدعي الدفاع عن دولة وأرض، لا تبحث الحكومات الغربية في سوريا سوى عن القليل من (التجمل) عندما تقيم سياساتها من قبل المنظمات الحقوقية وفاعليات المجتمع المدني في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، فتدعي دعم (المعارضة المعتدلة) وتوفير (المساعدات اللوجستية والمالية) للحركات التي تحارب الديكتاتور وترفض الالتحاق بالجماعات المتطرفة كداعش وغيرها، لا يبحث الغرب في سوريا عن إنقاذ الناس من أخطار الإبادة والقتل والدمار، فالأهم هو ألا يسمح لهم بالابتعاد عن الأراضي السورية أو الجوار الإقليمي لكي لا تتكرر كارثة (اللجوء الجماعي) وتجبر الحكومات الغربية على استيعاب لاجئين لا يريدهم أحد”.
وعن الحكومات العربية، قال حمزاوي: “غير أن الحكومات العربية لم تعد تخجل أيضًا من دماء السوريين، ولا تقلق سكونها فيما خص سوريا مشاهد دمار أو خراب، فالعرب بين تقديم البعض لدعم عسكري ومالي لحركات متطرفة تناهض الديكتاتور أفسدت الثورة السورية بتورطها في حمل السلاح والعنف وممارسات أخرى بالية، وبين فعل عسكري مباشر لحماية الديكتاتور ينفذه حليف إيران حزب الله اللبناني، وبين انكفاء على الداخل لأغلبية الحكومات العربية التي لا يتعدى اهتمامها بالشأن السوري بيانات الإدانة”.
وأضاف “بل إن بعض الأبواق الإعلامية للحكومات العربية لا يخجل من توظيف المقتلة السورية إما للمتاجرة (بأعداد اللاجئين السوريين) الذين تم استقبالهم والمطالبة بحصص إضافية من المساعدات المالية الخليجية والغربية (لبنان والأردن)، أو للترويج البائس للحكم السلطوي ومظالمة المتراكمة وانتهاكاته المتكررة كضرورة لتجنب مالات سوريا ومآسيها”.
وأنهى “حمزاوي” مقالته قائلًا: “والبعض الآخر لا يخجل في إلغاء لكل قيمة أخلاقية وإنسانية من المساواة المتهافتة بين مسؤولية الديكتاتور الأسد وشبيحته عن جرائم الإبادة والقتل والدمار، وبين مسؤولية معارضيه الذين مهما بلغ بهم العنف والتطرف والجهل والتبعية لقوى إقليمية أو دولية لم يتورطوا في جرائم ضد الإنسانية كتلك التي تحرق حلب اليوم وتودي بحياة أطفالها ونسائها ورجالها بينما ضمير البشرية يغط في نوم لا استفاقة قريبة منه”.