طالبت جريدة “الأهرام”، في افتتاحيتها، بإقالة وزير الداخلية بحكومة شريف إسماعيل؛ على خلفية اقتحام ضباط الشرطة مقر النقابة والقبض على صحفيين، أحدهما عضو نقابة، وذلك دون إخطار نقابة الصحفيين.
وجاء “رأي الأهرام” في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، تحت عنوان “اقتحام بيت الصحفيين”، حاملًا رسالة قوية حول رفض ما فعلته وزارة الداخلية، وكيف أن بعض قادتها يصورون للقيادة السياسية أنهم بذلك يحمون أمن الدولة.
وجاء نص الافتتاحية كما يلي:
في الوقت الذي أزاحت فيه وزارة الداخلية الحواجز الإسمنتية بمحيط مقرها القديم في ميدان لاظوغلي، في خطوة من شأنها تخفيف التكدس المروري في هذه المنطقة، وما كاد سكانها يشعرون بحرية الحركة، حتى كانت أجهزة الوزارة ترتكب عملًا غير مقبول ضد الحرية، فلم يعِ قادة الوزارة ومن يحركهم أن تصرفهم المشين باقتحام نقابة الصحفيين عمل غير مسبوق وغير مقبول على مستوى زملاء المهنة وبقية النقابات وكل المجتمع.
لقد ارتكبت وزارة الداخلية أخطاءً عدة خلال الفترة الماضية واختتمتها بتصرفها المؤسف في حق الصحفيين والإعلاميين، فهي لن تنجح في مرادها الخبيث بتكميم الأفواه وكبت حريات الرأي والتعبير التي نص عليها الدستور الذي لم يقرأه بعد قيادات الأمن الذين يصدرون للقيادة السياسية تصورًا مخادعًا بأنهم يحافظون على كيان الدولة وأمنها، وإذا كانوا اليوم يحتلون مناصب قيادية، فما يدريهم بمكانهم غدًا، لقد علمتنا التجارب التي لم تدركها أجهزة الأمن للأسف، أن الشعب هو الذي يختار مصيره بإرادته وليس القيادات، وإذا هب هذا الشعب لنيل حريته لا يوقفه أحد ولا أعتى متاريس الأمن وسلاحه.
أخطأت وزارة الداخلية بكل أجهزتها في اقتحام نقابة الصحفيين معقل الحرية في مصر، وللأسف في وقت يحتفل فيه الصحفيون بالعيد الماسي لتأسيس نقابتهم الجامعة التي تحوي كل أطياف العمل السياسي والحزبي، فالصحفيون ليسوا إرهابيين كي يقتحم ثلة من رجال الأمن بيتهم العتيق، مهما تكن الأسباب، ثم يخرج علينا المتحدث باسم الداخلية ويدعي أن الأمن لم يفعل كذا وكذا؟!
ثمة خطوة متوقعة، وهي إعلان إقالة وزير الداخلية ردًا على هذا العمل البشع الذي أصاب مصر كلها بالغثيان، في وقت تئن فيه عائلات كثيرة غاب شبابها وراء جدران السجون بلا قضية، وإنما أيضًا تحت وهم العمل ضد الدولة ونحن هنا لا نعرف بعد ما هذه الدولة التي يتحدث عنها الأمن ويدعي أنه يجتهد لتأمينها، وهل أصبحنا وشبابنا أعداءً للدولة؟
على هؤلاء الكف عن هذه اللعبة القديمة، فهي إن فلحت فمؤداها في النهاية التهلكة، ليس لنا ولشبابنا ولشعبنا، وإنما لمن يلعب بهذه اللعبة، وعلى الدولة الحقيقية التي يعشق الصحفيون ترابها، أن تلملم الجراح وتجري تحقيقًا سريعًا لنزع فتيل الأزمة بين الصحفيين والسلطة.
فكثيرًا ما أكد الرئيس في كل كلماته وخطبه حرية الرأي والتعبير، وهو مبدأ أساسي من الدستور أيضًا الذي انتهكه رجال الأمن بحجج واهية عفا عليها الزمن.. وعليه، فنحن لا نريد سوى إصلاح لهذا البلد الذي لن يتقدم سوى بحماية حرية الرأي، هذا العنصر الأساسي لتقدم الشعوب، وإلا فإن الدولة ستكون أول من يدفع ثمن انتهاك هذه الحرية والتضحية بمبادئ تقدم الإنسانية.
إن الموقف يستدعي التعامل مع الأزمة بحكمة لقطع الطريق على دعاة الفوضى والفتنة لاستغلال هذه الأزمة للإضرار بالدولة.