حث صندوق النقد الدولى المانحين على الوفاء بتعهداتهم لمساعدة السلطة الفلسطينية، وأكد أن الاقتصاد الفلسطينى الذى يعتمد على المساعدات دخل "مرحلة صعبة" مع تفاقم أزمة سيولة حادة منذ العام الماضى بسبب انخفاض فى المساعدات من المانحين الغربيين ودول الخليج الثرية والقيود الإسرائيلية على التجارة.
وحذر من أنه إذا لم تصل هذه الأموال قريبا فإن السلطة الفلسطينية ستضطر لخفض رواتب الموظفين العموميين ومزايا اجتماعية لمعالجة أزمة مالية متفاقمة.
فيما قدر تقرير للصندوق بشأن المساعدات الفلسطينية فى بروكسل هذا الاسبوع أن الفجوة التمويلية تبلغ نحو 500 مليون دولار, وتعتمد السلطة الفلسطينية على مساعدات المانحين لتغطية عجز ميزانيتها لعام 2012 والمتوقع أن يصل إلى 1.1 مليار دولار.
وتأتى معظم المساعدات الفلسطينية من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى والدول العربية؛مما يسمح للسلطة الفلسطينية بدفع مرتبات الموظفين العموميين والمزايا الاجتماعية، لكن الولايات المتحدة التى تحاول أن تستأنف محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية قطعت التمويل العام الماضى عندما تحدى الرئيس الفلسطينى محمود عباس دعوات من واشنطن وقام بمحاولة من جانب واحد للاعتراف بدولة فلسطينية فى الأمم المتحدةفى الوقت الذى جمدت فيه الولايات المتحدة اكثر من 150 مليون دولار حسب مسئولين فلسطينيين.
وقال أسامة كنعان رئيس بعثة الصندوق فى الضفة الغربية وقطاع غزة: "إن السلطة الفلسطينية ستجد صعوبة كبيرة فى تغطية عجز ميزانية 2012 بدون وفاء المانحين بالتعهدات الحالية وتقديم مساعدات إضافية".
فى الوقت الذى أكد فيه الصندوق على صرف مليون دولار فقط من تعهدات دعم الميزانية والتى تبلغ مليار دولار فى 2011.
بالإضافة إلى ذلك بلغت مساعدات التنمية 169 مليون دولار فقط مقارنة مع تعهدات من المانحين بقيمة 370 مليون دولار.
وقال كنعان: "تفاقمت المديونية للحد الذى ستعجز معه السلطة الفلسطينية عن تأجيل المدفوعات للقطاع لخاص والبنوك بعد الآن إذا لم تصل أموال المانحين.. فالسبيل الوحيد لخفض النفقات هو خفض الأجور والمزايا الاجتماعية.
وأضاف أن التراجع المطرد فى المساعدات الأجنبية قاد إلى زيادة كبيرة فى المتأخرات فى المدفوعات المحلية بلغت نحو 500 مليون دولار للشركات الخاصة وزادت الديون الحكومية المستحقة لبنوك تجارية لنحو 1.1 مليار دولار.
وطالب صندوق النقد السلطة الفلسطينية بإعداد خطة طوارئ على الفور لتغطية العجز المالى فى ظل الشكوك بشأن تدفق مساعدات دولية.
وينبغى أن تبدأ السلطة فى خفض الإنفاق وزيادة عائدات الضرائب وضمان كبح فاتورة الأجور والتى تشكل أكثر من نصف الإنفاق.
وأكد انه رغم تراجع حجم الأجور فى السنوات الماضية لنحو 18 بالمئة تقريبا إلا أنها مازالت أعلى كثيرا من النسبة المعتادة فى دول ذات نفس الهيكل حيث تتراوح بين عشرة و15 بالمئة.
وحذر الصندوق فى الوقت نفسه من مزيد من التباطؤ لوتيرة النمو فى الضفة الغربية التى تحتلها إسرائيل إذا تدهور الوضع المالى واستمر تراجع مستوى المساعدات.
وتراجع معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى الحقيقى فى الضفة الغربية فى 2011 مقارنة مع متوسط سنوى فى حدود تسعة بالمئة فى الفترة من 2008 إلى 2010 بينما لم يطرأ تغير على معدل البطالة البالغ 17 بالمئة.
وقال الصندوق: "ثمة خطر كبير فى تباطؤ أكبر لوتيرة النمو بسبب الانكماش المالى وتراجع المساعدات وما يعقبه من مصاعب بالغة لتوفير سيولة والتباطؤ الاقتصادى العالمى، فضلا عن عدم تخفيف القيود على الحركة ودخول السلع منذ 2011 نتيجة المخاوف الأمنية لحكومة إسرائيل.