شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

خبراء لـ”رصد”: استهداف الصحافة يعكس قلق الأنظمة العربية وفسادها

خبراء لـ”رصد”: استهداف الصحافة يعكس قلق الأنظمة العربية وفسادها
يبدو أنه كُتب على الصحافة العربية المعاناة والاضطهاد والتضييق عبر تاريخها، ولعل ما جرى مؤخرًا بعدد من الدول العربية يؤكد ذلك بوضوح، وأبرز مثال على ذلك واقعة اقتحام نقابة الصحفيين المصريين مؤخرًا للمرة الأولى في تاريخها الممتد

يبدو أنه كُتب على الصحافة العربية المعاناة والاضطهاد والتضييق عبر تاريخها، ولعل ما جرى مؤخرًا بعدد من الدول العربية يؤكد ذلك بوضوح، وأبرز مثال على ذلك واقعة اقتحام نقابة الصحفيين المصريين مؤخرًا للمرة الأولى في تاريخها الممتد عبر 75 عامًا وما تلاها من صدور أحكام بالإعدام من محكمة مصرية ضد صحفيين.

فضلًا عن إغلاق صحف سودانية واستهداف صحيفة جزائرية وغيرها من الممارسات التي تؤكد خوف وقلق الأنظمة العربية من حرية الصحافة والإعلام، وكأنها لم تكتف بما يواجهه الصحفيون والإعلاميون من مخاطر في الحروب والصراعات التي يروح ضحيتها العديد منهم، الأمر جعل من هذه المنطقة من أخطر المناطق على الصحفيين في العالم.

وحمل يوم الأول من مايو الجاري مفاجأة كبيرة عندما اقتحمت قوات الأمن، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ نقابة الصحفيين وتاريخ الصحافة المصرية، نقابة الصحفيين وألقت القبض على اثنين من الصحفيين بحجة صدور أمر ضبط وإحضار لهما، الأمر الذي أثار حفيظة الصحفيين المصريين ومجلس النقابة ونقيبها وجمعيتها العمومية.

أحداث “الصحفيين”

وتوافد الصحفيون المصريون من مختلف المؤسسات والتيارات دفاعا عن بيتهم وحصنهم وتلا ذلك عقد جمعية عمومية تاريخية شهدت حشدا غير عادي أوصت بـ18 مطلبا على رأسها إقالة وزير الداخلية واعتذار الرئاسة والإفراج عن كل الصحفيين المصريين ومقاطعة أخبار الوزير والوزارة وأصدر مجلس النقابة برئاسة النقيب يحيى قلاش مذكرة وضح فيها ملابسات ما جرى، جاء فيها:

1- بتاريخ 30/4/2016، علم نقيب الصحفيين بلجوء صحفي من أعضاء النقابة وآخر متدرب إلى مبنى النقابة، بعد علمهما بتفتيش منزليهما بحثًا عنهما بمقولة إنه صادر بحقهما أمر بضبطهما وإحضارهما.

2- وفقًا للسوابق والتقاليد النقابية المماثلة بادر نقيب الصحفيين بالاتصال بمحامي النقابة وبمحامي الزميلين، كما اتصل بالجهات الأمنية ذات الصلة للوقوف على حقيقة صدور أمر الضبط والإحضار من عدمه، لتنفيذه فور التيقن من صدوره بأن يتم تسليم المطلوبين إلى النيابة العامة بناءً على رغبتهما، كي يتفاديا إجراءات شرطية قد تنال من كرامتهما.

3- بتاريخ 1/5/2016، وبعد أقل من 24 ساعة من تواجد الصحفيين بمبنى النقابة، فوجئت النقابة باقتحام قوات الأمن لمبنى النقابة واقتياد الزميلين إلى خارج المبنى دون تنسيق ولا إبلاغ رغم وجود اتصالات جارية بين النقيب مع المسؤولين بوزارة الداخلية، وفي واقعة غير مسبوقة في تاريخ النقابة عبر 75 سنة من تاريخها، الأمر الذي أثار حفيظة الصحفيين ونال من كرامتهم بما فيه من تعدٍ على مقر نقابتهم بالمخالفة للقانون.

4- بعد واقعة الاقتحام انتشرت قوات الأمن لتحاصر مقر النقابة، ما جعل الأزمة تتجه نحو التصعيد لاستثارة جموع الصحفيين، وهو ما لم تكن تأمله النقابة ولا الصحفيون.

5- استجلب الأمن حشودًا يستعين بهم في مثل هذه المناسبات، من أرباب السوابق والمسجلين خطر، لإيهام الرأي العام أنهم “مواطنون شرفاء” يستنكرون موقف النقابة، فاعتدوا على الصحفيين بدنيًا وقوليًا وبإشارات بذيئة وفاضحة، وبإلقاء الحجارة على مبنى النقابة، وجرت كل هذه الأعمال المخالفة للقانون والمنافية للآداب العامة تحت سمع وبصر قوات الشرطة وفي ظل حراستها، والغريب أن قوات الشرطة، التي حاصرت النقابة غضت الطرف عن القبض على هؤلاء في أقل القليل بتهمة التظاهر دون تصريح، ويشهد على ذلك ما سجلته الكاميرات من شرائط وصور وأفلام أذاعت بعضها وسائل الإعلام، ولعل ما حدث للصحفي خالد داود، وهو مسجل بالصوت والصورة يقدم واحدة من النماذج لما كانت تقوم به تلك الكتائب من البلطجية وأرباب السوابق حول نقابة الرأي، نقابة الصحفيين.

6- تقدمت النقابة ببلاغ إلى النائب العام تتضرر فيه مما أسلفناه، بتاريخ 1/5/2016، وقُيد تحت رقم (6380) لسنة 2016 عرائض النائب العام، وذلك بتاريخ 4/5/2016. مشيرا في نهاية المذكرة إلى المادة 70 من قانون النقابة الذي ينص علي عدم اقتحام النقابة أو دخولها في أي واقعة إلا بحضور عضو نيابة وعضو مجلس نقابة أو نقيب الصحفيين وهو ما يعد مخالفة ارتكبتها وزارة الداخلية فيما جري مؤخرا وبعد واقعة النقابة بعدة أيام أصدرت محكمة مصرية حكما بالإعدام على ستة صحفيين فيما يسمى بقضية “التخابر مع قطر” وتحويل أوراقهم إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي في إعدامهم بالقضية التي اشتهرت في الإعلام المصري باسم قضية “التخابر مع قطر”، مع تحديد جلسة الـ18 من يونيو المقبل للنطق بالحكم عليهم وعلى خمسة آخرين متهمين في القضية، من بينهم الدكتور محمد مرسي.

ومن بين الستة المحالة أوراقهم إلى المفتي، الصحفيان في الجزيرة إبراهيم هلال وعلاء سبلان، إضافة إلى الصحفية في شبكة “رصد” الإخبارية أسماء محمد الخطيب (غيابيا)، وأحمد عبده عفيفي ومحمد عادل حامد وأحمد إسماعيل، (حضوريا).

صحف مصادرة في السودان

وفي السودان، صادر جهاز الأمن والمخابرات السوداني، مؤخرا نسخ صحيفة “الجريدة” بعد الطباعة يومين متتاليين كرابع صحيفة تطبق بحقها عقوبة المصادرة المزدوجة. ونشط جهاز الأمن منذ إبريل الماضي في مصادرات مزدوجة طالت صحف “آخر لحظة” و”الصيحة” و”التغيير”، كنهج جديد بمضاعفة عقوبة مصادرة الصحف ليومين بدلا عن يوم واحد، وهو ما يترتب عليه خسائر مادية ومعنوية فادحة للصحف. وقال رئيس تحرير صحيفة “الجريدة” أشرف عبدالعزيز، ، إن جهاز الأمن صادر 12 ألف نسخة هي جملة المطبوع من دون إبداء أسباب كالعادة.

ووفقًا لمنظمة صحفيون لحقوق الإنسان (جهر)، فإن جهاز الأمن أجبر الصحف في 28 إبريل الماضي على عدم نشر معلومات وأخبار تتعلق بالمظاهرات المندلعة بالعاصمة، وتفاقم قضية جامعة الخرطوم وطلابها المعتقلين والمفصولين سياسيا إلّا أن عددا قليلا من الصُحف، بينها صحيفة “الجريدة”، لم تستجب للأمر الأمني.

وبعد أن رفع جهاز الأمن الرقابة على الصحف، عمد إلى معاقبتها بأثر رجعي عبر مصادرة المطبوع من أي صحيفة تتخطى “المحظورات”، حيث يتهم الجهاز بعض الصحف بتجاوز “الخطوط الحمراء” بنشر أخبار تؤثر على “الأمن القومي”.

إلى ذلك حققت دائرة التحقيق الجنائي لجرائم المعلوماتية السودانية، يوم الإثنين، مع الصحفية في صحيفة “الجريدة” سارة تاج السر، للمرة الثانية بسبب مادة نشرها موقع “الراكوبة” نقلا عن الصحيفة.

ونشرت صحيفة “الجريدة” -التي تعمل فيها سارة- مادة صحفية حول “انتحال أربعة مدراء إدارات بالبرلمان صفات رؤساء لجان”، وقام موقع “الراكوبة” بإعادة نشر المادة الصحفية بالإشارة إلى مصدرها (سارة تاج السر- صحيفة “الجريدة”).

غليان جزائري

وفي الجزائر، تشهد الساحة السياسية والإعلامية الجزائرية غليانا على خلفية دخول السلطة في مواجهة مع جريدة الخبر عميدة اليوميات الخاصة الناطقة بالعربية؛ على خلفية اعتراض الدولة على بيع الصحيفة والمؤسسة، ورفعها دعوى قضائية لإبطال الصفقة، بدعوى أنها تنافي القانون الجزائري.

وكان رجل الأعمال الجزائري يسعد ربراب (الذي يصنف كأغنى رجل في الجزائر) عقد صفقة مع مالكي مؤسسة الخبر (وتتضمن صحيفة يومية سياسية وأخرى رياضية وقناة تليفزيونية وخمس مطابع) اشترى بموجبها المؤسسة، قبل أن تعترض الدولة ممثلة في وزارة الاتصال عليها. ويقول رئيس تحرير صحيفة الخبر، محمد بغالي، إن وزير الاتصال حميد قرين خاصة، والسلطة عموما، لم يخف منذ تعيينه قبل عامين سعيه لخنق الجريدة “على نار هادئة” عبر تهديد المعلنين من القطاع الخاص بالضرائب في حال استمرارهم في نشر إعلاناتهم في الخبر.

وأشار بغالي إلى أن محاصرة الصحيفة بهذا الشكل دفع مالكيها إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة تضمن بقاءها واستمرارها، وهو ما أدى إلى الصفقة مع رجل الأعمال يسعد ربراب “الذي كان يحلم بشراء الخبر ويؤكد بغالي أن الصفقة تمت في شفافية، وهو ما أثار وزير الاتصال حميد قرين ومن يقف وراءه، و”اتهم السلطة بالسعي إلى خنق الحريات كافة في البلاد”، مشيرا أنه سبق لها خلال العامين الماضيين إغلاق قناتين تلفزيونيتين هما “الوطن” و”الأطلس” وأربع صحف يومية.

ورأى “بغالي” أن السلطة لم تعد تتحمل أي نقد، خاصة أن قضايا الفساد الصادرة عنها تكبر يوما بعد يوم، على حد تعبيره وتعليقا علي ما تشهده الساحة الصحفية المصرية والعربية.

محاولات للتخويف

وقال محمد عبدالقدوس، مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين سابقًا لعدة دورات، في تصريحات لـ”رصد”، إن ما يجري للصحافة المصرية والعربية يؤكد بوضوح الهجمة الشرسة على المهنة ومن يمتهنها في محاولة للتخويف عبر القتل والقمع وإصدار الأحكام الجائرة التي تصل إلى حد الإعدام وإن دل هذا على شيء إنما يدل على فساد هذه الأنظمة وخوفها من كشف الحقيقة وطالب عبدالقدوس بوقف هذه الهجمة وتدخل كافة المؤسسات الدولية والمحلية المعنية بحرية الصحافة وحقوق الإنسان بالتصدي لمثل هذه الهجمة الممنهجة على الصحافة والصحفيين في مصر والعالم العربي، مستنكرًا جرأة النظام في اقتحام مقر نقابة الصحفيين المصريين والذي لم يحدث على مدار تاريخها ومستشهدا بتاريخ النقابة الذي قارب على العشرين عاما نافيا حتى مجرد أي محاولة لاقتحام النقابة، ولكن ما جري في رأيه يشكل منعطفا خطيرا في تاريخ النقابة والصحافة المصرية.

سجل أسود

أما الكاتب الصحفي قطب العربي، مدير المرصد العربي لحرية الإعلام، فقال -لـ”رصد”- إن ما يجري في العالم العربي يعكس حال حرية الصحافة وأسلوب الحكم بشكل عام، الأمر الذي أقل ما يوصف به أنه حكم ديكتاتوري شمولي لا يسمح ولا يتحمل مجرد الرأي الآخر ويحاول طوال الوقت أن يكون الرأي الأوحد خاصة في حالة مصر مستنكرا ما يجري بها من قمع ممنهج انتهى باقتحام النقابة العريقة فضلا عن صدور أحكام بالإعدام على صحفيين في قضية ملفقة وليس لها سند قانوني.

وأضاف “العربي” أن المرصد أصدر بيانًا في حينه استنكر واقعة اقتحام النقابة وأحكام الإعدام كما يدين أيضا أية محاولات قمع أو تكميم سواءً ما يجري بالسودان أو الجزائر أو أي بلد عربي آخر معربا عن استيائه أن تكون منطقتنا العربية ذات سجل أسود في قتل وقمع الصحفيين وإصدار أحكام جائرة عليهم لافتا إلى أنه كان هناك تفاؤلا بحرية الصحافة العربية بعد الربيع العربي ولكن الثورات المضادة انقلبت علي هذه المكاسب وإعادتنا إلى عصور الديكتاتورية والقمع مرة أخرى.

ومن جانبه، قال مدير قناة الجزيرة، ياسر أبو هلالة، في تصريحات صحفية، إن يوم الحكم على الزملاء هو يوم أسود في تاريخ الصحافة، ولم يسبق صدور مثل هذا الحكم حتى في الدول “ذات السجل الأسود في حقوق الإنسان وملاحقة الصحفيين”.

وأشار إلى أن القضية الأساسية هي حرية الصحافة في مصر، وأن الأحكام الصادرة لا تقل عن الاغتيال المعنوي للصحفيين الذي يحصل حاليا في مصر، معتبرا أن إصدار حكم الإعدام من أجل نشر مواد صحفية يشكل توجها خطيرا لضرب حرية الصحافة. وأكد أن قناة الجزيرة ستواصل عملها بمهنية وحرفية، لنشر المعلومات للمشاهد العربي بكل استقلالية وموضوعية، مؤكدا أن الشبكة تدفع الثمن الأكبر بحكم أنها الأكثر حضورا وانتشارا، كما أن الصحفيين المصريين يدفعون أيضا ثمنا كبيرا وهذا واضح من خلال أحداث نقابة الصحفيين الأخيرة بمصر.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023