شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

خبراء لـ”رصد”: حزب العدالة والتنمية التركي قادر على تجاوز الأزمة

خبراء لـ”رصد”: حزب العدالة والتنمية التركي قادر على تجاوز الأزمة
لا يزال الغموض يكتنف مستقبل حزب العدالة والتنمية التركي بعد اعلان احمد داود اوغلو استقالته من رئاسة الحكومة ،ورئاسة الحزب علي خلفية خلافات بينه وبين الرئيس رجب طيب اوردغان وسيكون الاجتماع الذي سيعقد في 22 مايو الحالي.

لا يزال الغموض يكتنف مستقبل حزب العدالة والتنمية التركي بعد إعلان أحمد داود أوغلو استقالته من رئاسة الحكومة ورئاسة الحزب على خلفية خلافات بينه وبين الرئيس رجب طيب أردوغان وسيكون الاجتماع الذي سيعقد في 22 مايو الحالي احد المحطات المهمة في تاريخ الحزب ومستقبله فسوف يكون من المقرر انتخاب رئيس جديد للحزب، في ظل رفض أحمد داود أوغلو الترشح للمنصب مرة أخرى. 

بعد لقاء جمع أوغلو بأردوغان في المجمع الرئاسي الأربعاء الماضي استمر ساعة وأربعين دقيقة، بدا واضحا أن طريق حل الخلافات بينهما وصلت إلى أفق مسدود، الأمر الذي ترجمه أوغلو في إعلانه عدم الترشح لرئاسة الحزب، وهي استقالة غير معلنة عن منصبي رئاسة الحزب والحكومة، مؤكدا أن قرار عدم إكمال فترة رئاسته للحكومة لأربع سنوات ليست من اختياره، بل مما فرضه الواقع.

وفي أول تعليق له على كلمة أوغلو أمام قيادة حزب العدالة والتنمية والصحافة، بارك أردوغان خطوة رئيس الوزراء وقال إن القرار توجه شخصي للأخير، وأنه سيترك المنصب لخلفه كما ترك له أردوغان المنصب.

وجاء إعلان رئيس حزب العدالة والتنمية، الدكتور أحمد داود أوغلو، يوم 2016/5/5 بأن الحزب سيعقد مؤتمراً استثنائياً يوم 2016/5/22 لانتخاب رئيس جديد، وأنه لن يترشح إلى رئاسة الحزب، جاء ذلك بمثابة إعلان استقالة من رئاسة الحزب أولاً، واستقالة من رئاسة الوزراء ثانياً، وبالنظر إلى الفترة القصيرة التي شغل فيها داود أوغلو رئاسة الحزب بعد فوز مؤسسه ورئيسه السابق أردوغان برئاسة الجمهورية التركية بتاريخ 2014/8/10، وكذلك شغله لرئاسة الحكومة بعد انتخابات 2015/11/1 في أكبر نسبة انتخابات برلمانية لحزب العدالة والتنمية وهي 49.5%، وبعد صراع مرير بعد الانتخابات الصعبة في السابع من حزيران 2015، والتي أخرجت حزب العدالة والتنمية عن تشكيل الحكومة منفرداً، كما هي عادته منذ استلام السلطة عام 2002، وما صاحب تلك الانتخابات من تحديات للحزب ورئيسه الجديد داود أوغلو، حتى ظن البعض بأن شخصه أحد أسباب التراجع في تلك الانتخابات، لأن داود أوغلو لم يكن من مؤسسي حزب العدالة والتنمية، ولا من رجاله الأوائل، ولكن عمله الدؤوب ونجاحه الكبير في الأول من نوفمبر 2015 قد غير النظرة إليه، وجعله يتربع على عرش حزب العدالة والتنمية بكل جدارة وثقة، وقد استطاع خلال السنة الماضية من حكمه كرئيس وزراء ناجح أن يحقق الكثير من النجاح الداخلي والخارجي، كان آخرها توقيع اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، وتحقيق مكاسب للشعب التركي بشموله اتفاقية التأشيرة الشنغن، لم تستطع الحكومات السابقة تحقيقها.

لكل هذه الأسباب كانت فكرة استقالة داود أوغلو من رئاسة الحزب وما سيترتب عليها من استقالة من رئاسة الحكومة التركية مفاجئة للشعب التركي، ولأوساط سياسية داخلية وخارجية، فلم يكن هناك مؤشرات تذهب إلى هذا الخيار قبل يوم واحد فقط، فما الذي حصل؟ وما هي خفايا هذه الاستقالة؟ وهل تركيز داود أوغلو في مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه عن موعد المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية يوم 2016/5/22، وتركيزه على رفض أي إشارة على وجود خلاف بينه وبين رئيس الجمهورية أردوغان، هي بحد ذاتها مؤشر على نوع الخلاف الكبير بينهما، فالموعد قريب جداً، وتركيز أوغلو على عدم وجود أي حقد تجاه رئيس الجمهورية أردوغان هو نوع من الحديث عن طبيعة الخلاف، وأنه مع أردوغان شخصياً، ونفي الشيء هي طريقة في إثباته إلى حد ما، أم أن هناك أسباباً أخرى قد تتضح في الأيام المقبلة؟

قبل تاريخ 22 مايو 2016 موعد استقالة داود أوغلو الرسمي من رئاسة حزب العدالة والتنمية، وانتخاب رئيس جديد هذا الإيثار الذي قدمه أوغلو من أجل وحدة الحزب وحماية وحدة البلاد والاستقرار للقيادة السياسية في تركيا، هو الذي أقدم عليه الرئيس عبد الله غول من قبل، وهو الذي أقدم عليه بولنت أرينج من مؤسسي حزب العدالة والتنمية ومن نواب رئيس الوزراء أردوغان سابقاً، وغيرهما، فهؤلاء من الرعيل الأول لتأسيس الحزب واستلامه السلطة وتولي المناصب فيه، ولم يظهر من أحد منهم دواعي انشقاق عن الحزب لا بمفرده ولا مع جماعة معه، وهذا الأمر ينطبق على داود أوغلو فهو وإن اختلف مع اللجنة المركزية للحزب في سياسته المستقبلية أو مع سياسة أردوغان، أو أن أردوغان أيد سياسة شخصيات أخرى من داخل حزب العدالة والتنمية أكثر من تأييده لسياسة أوغلو المستقبلية، فإن ذلك دلالة قوة وصحة وسلامة في قيادة الحزب وإدارة قراراته بالتشاور والحوار، حتى لو أدى ذلك إلى تخلي أحدهم عن دوره في السلطة السياسية، كما حصل مع داود أوغلو.

الاحتمال الأخير أن تكون التغيرات القادمة في مجلس النواب بعد رفع الحصانة عن النواب المؤيدين للارهاب، وكذلك القضية الأخرى التي تشغل الشعب التركي والبرلمان أيضاً وهي مسألة تعديل الدستور أو وضع دستور جديد لتركيا الجديدة، وبالأخص في مجال النظام الرئاسي، وعدم قدرة أوغلو على إقناع أحزاب المعارضة على المشاركة في لجنة تعديل الدستور، وبقاء اللجنة من نواب حزب العدالة والتنمية فقط، وتقديمها لمسودة الدستور خلال الأيام القادمة لمجلس النواب، قد تكون كل هذه المسائل من الإشكاليات التي أوجدت تناقضاً في وجهات النظر.

هذا التناقض تولد من التناقض القائم في الدستور الحالي الذي وضعه العسكر عام 1982، حيث أن بعض الصلاحيات عند رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء تتناقض مع بعضها، ما لم يتنازل رئيس الجمهورية عن بعض صلاحياته، أو يتم التنازل عن بعض الصلاحيات من رئيس الوزراء، وبالأخص أن التناقض القائم أوجده الانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية أردوغان لأول مرة في تاريخ الجمهورية التركية، فأردوغان يرى بأن الشعب التركي عندما صوت لصالح تعديل طريقة انتخاب رئيس الجمهورية عام 2007 بأن تكون مباشرة وليس عن طريق البرلمان، فإن ذلك الاستفتاء كان يعني رغبة الشعب التركي بالنظام الرئاسي أيضاً، وإلا فما معنى انتخاب الشعب لرئيس الجمهورية مباشرة ولا صلاحيات له، أو لا يتحمل مسؤولياته أمام الشعب؟ .

مع هذه الاحتمالات فإن الوضع السياسي في تركيا غير مقبل على توتر في المجال السياسي، فمجرد استمرار الرئيس أردوغان في تطبيق صلاحياته الدستورية والقانونية قادرة على حفظ حالة الاستقرار السياسي، والحزب الحاكم متماسك جداً، واستطلاعات الرأي تشير إلى أن شعبية حزب العدالة والتنمية في أعلى مستوياتها عند الشعب التركي وقد وصلت الأسبوع الحالي إلى 55%، وهذا بحكم نجاح سياسات حزب العدالة والتنمية أولاً، وثقة الشعب التركي بحكمة الحزب وقيادته في الرئاسة واللجنة المركزية، إضافة إلى ذلك تردي أوضاع أحزاب المعارضة التركية، فحزب الحركة القومية أمام انشقاق كبير، وتحول قسم منه إلى حزب العدالة والتنمية، ونفس الحال عند حزب الشعوب الديمقراطي، وحزب الشعب الجمهوري ليس أحسن حالاً، ولعل ردة الفعل الباردة لزعيم المعارضة التركية كلجدار اغلو على فكرة الاستقالة لداود أوغلو دليل على حالة الاستقرار السياسي في تركيا، وأنه ليس لحزب الشعب الجمهوري دور يلعبه في هذا التغيير داخل حزب العدالة والتنمية، فقد كان تصريحه بأنه: “يتمنى أن تكون في هذه الاستقالة ما يفيد تركيا”، ما يعبر عن موقف حيادي.

إن الصورة الإيجابية لهذه الاستقالة بدلالة هدوئها هي بحد ذاتها دليل على أن أهم أسباب الاستقالة هي وجود وجهات نظر عديدة داخل حزب العدالة والتنمية في إدارة شؤون مستقبل تركيا، والدليل على ذلك أن هذه الاستقالة جاءت ورئيس الحزب داود أوغلو في قمة عطائه ونجاحة وقوته داخليا وخارجياً، وبالتالي فإن حزب العدالة والتنمية أمام قيادة تاريخية تحسن انتقال السلطة السياسية بالطرق السلمية والديمقراطية، وإن فيه من يؤثرون على أنفسهم سياسياً ولو كان لديهم رغبة أكبر في خدمة شعبه ودولته وحزبه، حزبه الذي لم يعد حزباً قيادياً في تركيا فقط، وإنما حزباً سياسياً قائداً لمسار النهضة الإسلامية في العالم أجمع ومن جانبه قال مصطفي الخضري.

يقول مصطفى الخضري ،رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام ” تكامل مصر”لـ “رصد”: أصبح حزب العدالة والتنمية أكثر نضجاً من أي وقت مضى، فالحزب الذي يسيطر على مقاليد الحكم لأكثر من ١٣ عاماً في ظل صراع مميت مع قوى عالمية وإقليمية ومحلية؛ لن يتخلى عن طموحه السياسي بسبب خلافات فكرية يمكن التعايش معها و أي كيان سياسي مهما كان حجمه لابد وأن يتأثر بالخلافات الفكرية والحركية لأعضائه، و أعتقد أنّ العدالة والتنمية سيخرج فائزً من هذا الخلاف، على الأقل سيفوز باحترام مؤيديه لقدرة الحزب على إدارة خلافاته باحتراف .

ويضيف خضري لا توجد خلافات جوهرية من شانها مثلا ان تؤدي الي انقسام حقيقي داخل الحزب فالخلاف بين اردوغان وأوغلو؛ ليس خلافاً على الهدف ولكنه خلاف على طريقة الوصول، كلاهما يرغب في بناء دولة قوية حضارية ذات مرجعية إسلامية، ولكن الفرق بينهما هو الفرق بين يوتيوبيا المفكر وخبرة السياسي.

اما الصحفي التركي  أوزغان تيكيت قال في تصريحات صحفية :إن قرار رئيس الوزراء لم يكن مفاجئا أبدا، وكان واضحا وجود خلافات بين أردوغان وأوغلو في كثير من المسائل وعلى رأسها النظام الرئاسي، وجود لوبي قوي داخل حزب العدالة والتنمية لا يرى أن تحركات أوغلو كانت تسير وفق رؤية رئيس الجمهورية، الأمر الذي أوصل العلاقة إلى الطريق المسدود.

وأكد تيكيت أن المشكلة ليست خاصة بين أوغلو وأردوغان بقدر ما هي إشكال في طبيعة النظام السياسي وعدم وضوح الصلاحيات داخله، الأمر الذي يفتح باستمرار الطريق أمام مثل هذه الأزمات السياسية، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية ليست نتاج إهمال أو فشل من رئيس الوزراء، بل نتاج محاولته استخدام كافة الصلاحيات الممنوحة فحصل التضارب مع صلاحيات رئيس الجمهورية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023