القرض الروسي لمصر بقيمة 25 مليار دولار، وهو بالمناسبة الأضخم في تاريخ الدولة المصرية ويعادل وحده أكثر من نصف إجمالي الدين الخارجي لمصر، سيرهن مقدرات الدولة تمامًا ويكبل أجيالها القادمة لسنوات طويلة حتى بعد رحيل طبيب الفلاسفة عن قصر الاتحادية بل عن الحياة الدنيا بأسرها!
وليس بمستبعد أن يمهد لتدخل روسي مباشر لقضم ما تشتهي من كعكة مصر في أية ترتيبات إقليمية كبرى مقبلة على غرار سايكس بيكو.
– التنازل عن حصة مصر التاريخية من مياه النيل والإقرار بحق دول الحوض وعلى رأسها إثيوبيا بإنشاء ما تريد من السدود سيؤدي مستقبلًا إلى تداعيات رهيبة. ومن السيناريوهات المرعبة التي لا يستبعدها العقلاء حدوث مجاعات كبرى تؤدي إلى موجات نزوح بعشرات الملايين، يغدو إلى جوارها ما يجري في سوريا والعراق مجرد بروفة ثقيلة الظل لحدث أفدح من ذلك بكثير!
– التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية يحول مضيق تيران من مياه مصرية خالصة إلى ممر ملاحي دولي، ويجعل من خطط إسرائيل لإنشاء قناة موازية لقناة السويس مشروعًا ممكنًا من شأنه أن يفاقم بشدة محنة القناة المأزومة أصلًا ويحرم مصر واحدًا من أهم مواردها.
– الشرخ الهائل الذي أصاب بنية المجتمع المصري المعروف بتماسكه على مدى التاريخ كفيل بعرقلة أي مشروع للنهوض بالدولة من عثرتها التي استفحلت على مدى سنوات حكم العسكر الطويلة. أرعبتهم صورة المصريين الرائعة في ثمانية عشر يومًا مطلع 2011 فاستفرغوا على مدى السنوات الخمس الماضية كل ما في جعبتهم من حيل قذرة ودعايات رخيصة واستعانوا بأصدقائهم -أو إن شئت الدقة “أبناء عمومتهم”- بما لديهم من خبرات واسعة في بث الشائعات والحرب النفسية لتمزيق المجتمع وتأليب مكوناته، حتى صار العقلاء من كل الأطراف في حالة من التشويش والإرهاق لا تسمح لهم بتمييز الأخ المنافس من العدو المحارب، وإن قدروا على التمييز لا تمهلهم للتركيز في ميدان المعركة الحقيقية!
– سيناء.. وما أدراك ما سيناء!!! سار بدقة متناهية على الخطة ذاتها التي سبق وحذر منها بوصفها النهج الأسوأ للتعامل مع الإرهاب في تلك البقعة الغالية من أرض مصر.. قتل من أهلها من قتل واعتقل أو هجر من تبقى منهم وهدم بيوتهم واستباح حرماتهم ونكل بهم وصنع منهم قنابل جاهزة للانفجار في أي اتجاه. وبالتوازي مع ذلك تمكن من تحويل الإرهاب “المحتمل” في سيناء إلى إرهاب “واقع” في طول البلاد وعرضها وأضرم ثارات في نفوس مئات الآلاف -بل قل الملايين وأنت في مأمن من المبالغة- من ذوي الشهداء والمعتقلين والمعذبين والمظلومين، لا أظن -وأضرع إلى الله أن أكون مخطئًا- أن ما تبقى في أعمارنا من سنوات كفيل بإخمادها.
إن الخائن الكذوب لا يؤتمن على مصير الوطن وإن تلا على مسامعك مزامير الوطنية آناء الليل وأطراف النهار!
فلا تغالط نفسك واحذر أن تجافي المنطق فإن حقيقة البشر تحددها أفعالهم لا أقوالهم. فقط اقلب الصورة على وجهها الآخر أو اقرأ ما تحتها من الشمال إلى اليمين وسترى الحقيقة ناصعة جلية.. هذا الرجل لم يفشل وإنما أحرز نجاحًا باهرًا. وفي ظني أنك أذكى كثيرًا من أن تسأل: لمصلحة من حقق هذا النجاح؟؟!!