أثار قرار نظام السيسي ممثلاً في مجلس الوزراء ووزارة الصحة، برفع أسعار الأدوية للأصناف الأقل من 30 جنيهًا بنسبة 20%، غضب المواطنين في ظل اختفاء عدد كبير من الأدوية الضرورية أو الأساسية من السوق، وتشمل أدوية هامة جدًا مضادة للفيروسات، وأمراض الكلى والقلب والصدر وأمراض النفسية والعصبية وأودية الأطفال، واعتبر خبراء اقتصاد أن هذا المشهد دليل على سوء الإدارة المصرية في حل الأزمات واللجوء لرفع الأسعار على حساب المواطن.
ظهر ذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، حيث عبر الرواد والنشطاء عن غلاء تلك الأدوية.
موافقة البرلمان
وصدر قرار وزارة الصحة الذي طبق أول أمس، دون أن يمر على البرلمان أو يناقشه، رغم أن أي قرارات في رفع أي سلعة تستلزم موافقة مجلس النواب أولا، لكن القرار طبق دون حتى عرضه.
وأعلنت اللجنة الصحية في البرلمان موافقتها لهذا القرار، رغم عدم أخذ رأيها في الزيادة، إذ اعتبر الدكتور مجدي مرشد رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، أن تسعيرة الدواء بمصر منذ عام 1995م، ثابتة وارتفاعها بنسبة 20% ليس محل اعتراض، خاصة أنه ليس رقمًا مبالغ فيه لأدوية لا يتعدى سعرها الـ30 جنيها.
وأضاف مرشد، أن شركات الأدوية بدلا من أن تغلق أو تحجب عن إنتاج دواء ينقذ حياة مواطن وأسعارها غير متجاوزة الـ30 جنيها، فلنستجيب لطلبها برفعه حتى تكون ملزمة بإنتاجه، لافتًا أن هناك 1470 دواء غير متوفر، و4000 دواء تحت سعر الـ30، والزيادة تتراوح بين 2 لـ6 جنيهات.
صفقة مع نقابة الصيادلة
وأكد محمود فؤاد مدير المركز المصري “الحق في الدواء”، أن هناك صفقة تمت بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة وشركات الأدوية لرفع سعر الدواء، خاصة أن نقابة الصيادلة كان لديها إشكالية في تنفيذ القرار 499 الذي يؤكد تعاظم أرباح الصيدلي من 15% إلى 50% للأدوية المحلية، ومن 25% إلى 80% في الأدوية المستوردة، والصيادلة كانوا يحاربوا من أجل تنفيذ ذلك القرار، لذا فزيادة أسعار الدواء تغنيهم عن الحرب بتنفيذ القرار؛ نظرًا لزيادة أرباحهم بعد الزيادة، فالأمر ليس له علاقة بإنعاش الاقتصاد وإلَّا كانت هناك بدائل أخرى.
نقص 1200 صنف
وكشف التقرير الصادر من غرفة صناعة الأدوية وجود نقص في عدد من الأدوية يبلغ عددها 1200 صنف، مما يشير إلى وجود أزمة في سوق الدواء في مصر في ظل حالة من التجاهل من جانب الدولة التي تركت الباب على مصراعيه لمافيا صناعة الأدوية لتسيطر نحو 130 شركة تمثل اتحاد صناعات الأدوية على 80% من سوق الدواء في مصر.
سوء إدارة من الدولة
وقال الدكتور أحمد غنيم خبير اقتصادي، إن ارتفاع أسعار الدولار كان السبب في زيادة سعر الأدوية رخيصة الثمن، وهي نحو 600 صنف، ولكن شركات الأدوية استغلت الأزمة وقررت إخفاء أدوية آخرى لم تكن تحت قوائم المطلوب زيادة سعرها، لكنها عاقبت الشعب على حساب مصلحتها والضغط على الحكومة من أجل تنفيذ قرار الزيادة.
وأشار غنيم في تصريح لـ”رصد” الحكومات السابقة كانت تتعامل مع مطالب رفع أسعار الأدوية باللجوء إلى تقديم الدعم غير المباشر على هذه الأدوية، من خلال شرائه من الشركات بسعر التكلفة الحقيقة وبيعه للمواطنين في المستشفيات العامة، لكن الآن أبعدت الدولة يديها بشراء الأدوية في إطار خطة تخفيض الدعم.
وأوضح أن 50% من خامات ومستلزمات الأدوية معظمها مستوردة من الخارج، هى ومادة تغليفها أيضًا، مؤكدًا ان السبب الرئيسى للجوء إلى تلك المستوردات، هي إغلاق مصنع الخامات الدوائية والكيميائية في مصر والذي توقف منذ 10 سنوات وإلى جانب هذا كله نحن لانستطيع رفع سعر الدواء.
معاناة المواطنين
وأكد الدكتور محمد عبد الهادي صاحب إحدى الصيدليات بالهرم، أن المواطن هو الذي سيدفع هذه الزيادة، فهناك عملية ترضية لشركات الأدوية على حساب المواطن، والحكومة ستستفيد من زيادة الضرائب وفقا للنسبة الجديدة، والشركات ستعوض ما تزعم أنها “خسائر” في تلك الزيادة، والطرف الثالث وهو المواطن هو المتضرر.
وفي تصريح لـ”رصد” قال عبد الهادي نعاني منذ 4 أشهر في البحث عن أدوية للأمراض المزمنة والتي يتناولها المرضى بشكل دوري، ولا تورد لنا الشركات سوى الأدوية باهظة الثمن والعديد من المرضى لا يستطيعون شراءها إما لزيادة سعرها أو تشديد الطبيب المعالج لهم على تناولها دون غيرها.
وكانت شركات الأدوية، قد أعلنت أنها تعاني من تراكم خسائر ضخمة، بسبب تراكم الأدوية منتهية الصلاحية لفترة طويلة، ثم تفاجأ المصريون بنقص العديد من الأدوية الهامة، والتي لا يوجد لها بدائل فعالة، ومن ثم اختفت هذه الأدوية من الصيدليات وظهرت أدوية بديلة مستوردة ولكن يفوق سعرها عن الأدوية القديمة 4 أضعاف.