شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

محاكمة آخر الجنرالات

محاكمة آخر الجنرالات
نتابع، نحن العرب، محاكمة الجنرالات السابقين في أميركا اللاتينية، ولدينا أملٌ بأن يأتي يوم تشهد فيه دولنا ومجتمعاتنا محاكمات لكل الجنرالات والساسة الذين تورّطوا في قتل شعوبهم وتعذيبهم وتشريدهم، على غرار ما يحدث في مصر وسورية و

نتابع، نحن العرب، محاكمة الجنرالات السابقين في أميركا اللاتينية، ولدينا أملٌ بأن يأتي يوم تشهد فيه دولنا ومجتمعاتنا محاكمات لكل الجنرالات والساسة الذين تورّطوا في قتل شعوبهم وتعذيبهم وتشريدهم، على غرار ما يحدث في مصر وسورية واليمن.

قضت محكمة فيدرالية في الأرجنتين، قبل أيام، بالحكم على آخر جنرالات الحكم العسكري الذين حكموا البلاد، بعد الانقلاب العسكري الذي جرى في عام 1976. ومن بين المحكوم عليهم الجنرال رينالدو بينيوني الذي حكم البلاد عامي 1982 و1983، بعد قضية الهزيمة من بريطانيا في حرب الفوكلاند، والتي كانت سبباً في إطاحة الديكتاتور السابق ليوبولدو جالتيري. وكلاهما كان من أهم المتورطين في جرائم القتل والتعذيب والاختفاء القسري التي كانت تتم ضمن فرق الموت التي سميت عملية كوندور. وقد حُكم على بينيوني بالسجن عشرين عاماً، علماً أنه يمضي فعلياً فترة سجن مدى الحياة في الأرجنتين. كان بينيوني وجالتيري، ومن قبلهما سفاح الأرجنتين الجنرال خورخي فيديلا الذي حكم الأرجنتين بعد الانقلاب على الرئيسة المنتخبة آنذاك، إيزايبيل مارتيزن دي بيرون، عام 1976، كانا من أبرز الوجوه التي ساهمت بكثافة في العمليات الإجرامية ضد المعارضين. حيث عاشت الأرجنتين من 1976 إلى 1983 واحدةً من أحلك الفترات في التاريخ الحديث، في ظل كثيرٍ من إرهاب الدولة ضد المعارضين والمخالفين، وذلك ضمن خطة “كوندور” المشار إليها، والتي كانت تعكس تحالفاً بين الأنظمة الديكتاتورية اليمينية في أميركا اللاتينية، وتضم دولاً كتشيلي وأوروغواي وباراغواي والبرازيل وبوليفيا، والتي راح ضحية جرائمها نحو 60 ألف شخص بين قتيل ومختفٍ قسرياً. 
المثير في قضية عملية كوندور، وإن لم يكن مفاجئاً، أن عملياتها كانت تتم بمعرفة أجهزة الاستخبارات الأميركية وعلمها، وذلك حسبما يشير الصحافي والباحث، جون دينجز، الذي ألّف كتاباً موسوعياً “سنوات كوندور: كيف أحضر بينوشيه وحلفاؤه الإرهاب إلى القارات الثلاث”، واستند إلى كم كبير من الوثائق الأميركية التي تم الإفراج عنها أوائل العقد الماضي، وكانت سبباً في كشف كثير من عمليات “فرق الموت” التي كانت تموّلها وتدعمها الأنظمة السلطوية في أميركا اللاتينية، والتي كانت تقوم بعمليات اختطاف آلاف المعارضين لهذه الأنظمة، وقتلهم وإخفائهم. وبل قامت ببعض العمليات في الولايات المتحدة على نحو ما حدث مع أورلاندو ليتيلر، المعارض الرئيسي للجنرال التشيلي بينوشيه، وكان يقيم في الولايات المتحدة، وتم اغتياله بقنبلة زُرعت أسفل سيارته عام 1976. 
وعلى مدار العقدين الماضيين، رفع أهالي المعتقلين والمختفين قسرياً، وأولئك الذين قتلوا على أيدي فرق الموت، قضايا على الجنرالات السابقين في البلدان المشار إليها، وتم بالفعل اعتقالهم ومحاكمتهم وإدانتهم بالسجن مدى الحياة، مثلما حدث مع فيديلا الذي مات في سجنه عام 2013. وجاء الحكم في قضية كوندور، أخيراً، في حضور كثيرين من هؤلاء الأهالي الذين شعروا، لأول مرة، بأن العدالة أخذت مجراها، وأن دماء أبنائهم لم تذهب هدراً. بيد أن هذا الحكم لم يكن ليأتي، لولا انتقال دول أميركا اللاتينية من ظلمات الاستبداد إلى نور الديمقراطية، ولولا وجود جهاز قضائي مستقل، فضلاً عن دعم المنظمات الحقوقية المحلية والدولية التي قدمت الوثائق والأدلة المطلوبة لمحاكمة المتهمين. 
نتابع، نحن العرب، محاكمة الجنرالات السابقين في أميركا اللاتينية، ولدينا أملٌ بأن يأتي يوم تشهد فيه دولنا ومجتمعاتنا محاكمات لكل الجنرالات والساسة الذين تورّطوا في قتل شعوبهم وتعذيبهم وتشريدهم، على غرار ما يحدث في مصر وسورية واليمن، وأن تنتصر العدالة لأولئك الأهالي الذين فقدوا فلذات أكبادهم، تحت وطأة الإجرام السلطوي.


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023