أجمع عدد من خبراء التعليم والبحث العلمي لشبكة “رصد” على فشل المنظومة التعليمية في عهد نظام السيسي، لافتين إلى أن العام الحالي يكلل كل ملامح هذا الفشل الذي بدأ بإختراع جهاز وهمي لعلاج فيروس سي، وانتهى بتسريب الامتحانات عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
تخفيض ميزانية البحث العلمي
خفضت الحكومة المصرية ميزانية البحث العلمي بنسبة شديدة، ففي مركز البحوث الزراعية، تم تخفيض ميزانيته من 70 مليون جنيه العام الماضى إلى 3 ملايين فقط، وميزانية مشروع تطوير الري الحقلي والثروة السمكية من 160 مليون جنيه إلى 38، ومركز بحوث الصحراء من 32 مليون جنيه العام الماضى إلى 4 ملايين هذا العام.
وقال الدكتور أحمد الجوهري رئيس الجامعة اليابانية المصرية للعلوم والابحاث، أن الدستور حدد 1% من ميزانية الدولة للبحث العالمي، لكن الواقع يؤكد أن ربع الواحد بالمائة من ميزانية البحث العلمي لا يتم انفاقه.
وأضاف الجورهي في تصريح لـ”رصد” إن خيض ميزانية المراكز البحثية يترجم انحدار العملية التعليمية في مصر ويوطد ظاهرة التراجع العلمي وترتيب مصر في هذا المجال عالميا.
وأشار إلى أن الحكومة بإمكانها توفير ميزانيات البدلات التي يتقاضاها كبار الموظفين بملايين الجنيهات سنويا دون أي فائدة، بخلاف مئات الآلاف من الموظفين الذين يعتبرون عبء على الدول.
وطالب الحكومة بالإلتزام بالدستور وتخصيص 1% من ميزانية الدولة في البحث العلمي.
المادة “23” التى تعنى بحرية البحث العلمى والباحثين وتتضمن ما يلى “تكفل الدولة حرية البحث العلمى وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة وترعى الباحثين والمخترعين وتخصص لهم نسبة من الانفاق الحكومى لا تقل عن 1٪ من الناتج القومى الاجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. كما تكفل الدولة سبل المساهمة الفعالة للقطاعين الخاص والأهلى واسهام المصريين فى الخارج فى نهضة البحث العلمى”.
اختراعات وهمية
منذ أن تبنت القوات المسلحة اختراع جهاز علاج فيروس سي والإيدز الذي تحول إلى أضحوكة عالمية وشهدت مصر خلال العامين الماضيين نحو 7 اختراعات لم تثير إلا السخرية.
ويعد اختراع سيارة “الوحش المصري” المزعوم، أحدث الاختراعات المصرية الفاشلة، والذي قيل عنها أنها قادرة على السير في البر والبحر والجو، والإقلاع والطيران بميدان التحرير؛ ثم ثبت فشلها بأول تجربة علنية بزعم وجود خلل في الأجنحة، واكتفى صاحب الاختراع بسير السيارة على الأرض.
أما جهاز علاج فيروس “سي” هو الجهاز الذي أعلنت عنه رسميًا القوات المسلحة، في يونيو 2014، وعقدت لذلك مؤتمرًا صحفيًا، نال سخرية واسعة على المستويين المحلي والعالمي، حتى عرف باسم “جهاز الكفتة”. وأخيرًا، وللآن، لم يظهر الجهاز الذي كان الجيش قد وعد ببدء العمل به أول السنة الجارية (2015).
وتبنى الإعلام المصري، اختراعا لإسراء محمد ابنة الـ16 عامًا عبارة عن جهاز للقضاء على السحابة السوداء من مصر والتي مثلت يدا خانقة تمسك بتلابيب الوطن منذ سنوات بسبب عدم الاستفادة من قش الأرز ولجوء الفلاحين إلى حرقه، ولم تشهد مصر أي فائدة لهذا الاختراع حتى الآن
كما نشرت صحيفة “اليوم السابع” تقريرًا مصورًا، عن اختراع جهاز يعمل على تدمير الجبال في دقيقة.
وتحت عنوان “اختراع القرن” نشرت صحيفة الدستور خبرا عن اختراع طالبة في محافظة مرسى مطروح جهازا يحول غاز الميثان إلى ألماس.
وفي سبتمبر 2014، تضمنت أعمدة صحافة الاختراعات الوهمية، بإعلانها عن طالب يخترع جهازًا قادرًا على توليد الكهرباء عن طريق خزانات الهواء.
و نشرت جريدة الوطن خبرًا عن اختراع صف ضابط لكلب إلكتروني يكتشف المتفجرات.
ومن قائمة الاختراعات الوهمية ما قيل عن طالب بالمنوفية يخترع مركبة فضاء تصل الكوكب الجديد في 5 سنوات بدل من 25 مليون سنة.
وتطول قائمة الوهم الذي يبيعه إعلام 30 يونيو للمواطنين والذي لو صدق نصفه لأخذت مصر موقعا سباقا في المراتب العالمية ولما ظلت في أواخر قوائم التعليم والشفافية .
الترتيب قبل الأخير
أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي تقريره عن مؤشر التنافسية السنوي لعامي 2015 / 2016 في مجال التعليم، واحتلت مصر المرتبة قبل الأخير لتسبق “غينيا”، على مستوى 140 دولة في العالم.
وحصلت سنغافورة على المرتبة الأولى في العالم بالتقرير، ثم سويسرا، بينما احتلت قطر على المركز الرابع، والإمارت في المركز العاشر، وإسرائيل في الـ37.
ويستند ترتيب تنافسية الدول في تقرير التنافسية العالمية إلى مؤشر التنافسية العالمي الذي حدده المنتدى الاقتصادي العالمي، للمرة الأولى عام 2004، ويتم احتساب درجات المؤشر في إطار تعريف التنافسية بوصفها مجموعة من المؤسسات والسياسات، والعوامل التي تحدد مستوى إنتاجية الدولة، عن طريق جمع البيانات العامة والخاصة المتعلقة بنحو 12 فئة أساسية، تمثل الدعائم الأساسية للتنافسية، والتي تكون جميعها صورة شاملة للوضع التنافسي للدولة.
وتضم الدعامات الـ12 للمؤشر، “المؤسسات، والابتكار، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم الأساسي، والتعليم الجامعي والتدريب، وكفاءة أسواق السلع، وكفاءة سوق العمل، وتطوير سوق المال، والجاهزية التكنولوجية، وحجم السوق، وتطور الأعمال والابتكار”.
ويعتبر المنتدى الاقتصادي العالمي منظمة دولية مستقلة تسعى لتعزيز الواقع العالمي من خلال تمكين تفاعل قطاعات الأعمال، والسياسة، والقطاع الأكاديمي، والمفكرين وصناع القرار، لتشكيل أجندات عالمية وإقليمية وأجندات للقطاعات الصناعية، وتأسس المنتدى كمنظمة غير ربحية في عام 1971، ويقع مقره الرئيسي في مدينة جينيف السويسرية.
تسريب الامتحانات
ولعل أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة هي الأبرز الآن، حيث أصبحت ظاهرة تسريب الامتحانات تحديا كبيرا للمنظومة التعليمية في مصر، ودفع أولياء الأمور للشكوى.
وتبنت التسريبات صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تطلق على نفسها “شاو مينج بيغشش ثانوية عامة” تم إنشاؤها منذ نحو أربع سنوات.
وقد هددت المجموعة المسؤولة عن الصفحة باستمرار تسريب الامتحانات ما لم تنفذ الحكومة عددا من المطالب أبرزها إعطاء المعلم حقه ماديا واجتماعيا وثقافيا، وإلغاء نظام تنسيق الجامعات، وهو النظام الذي يعتمد فقط على الدرجات بغض النظر عن قدرات ومواهب الطلبة.
وتطالب الصفحة أيضا بتحديث مناهج التعليم قبل الجامعي للقضاء على التبلد الفكري، حسب وصف القائمين عليها، وأخيرا طالبت بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في التعليم.
وبدأت الصفحة نشر أسئلة الامتحانات المسربة وأجوبتها النموذجية، وكانت البداية بامتحانات مادة اللغة العربية ثم تلتها مادتا التربية الدينية واللغة الإنجليزية، مما دفع وزارة التربية والتعليم لإعادة اختبار التربية الدينية والتعهد بإعادة أي امتحان آخر قد يثبت تسريبه.
وزارة الداخلية المصرية نشرت عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك صورا لمجموعة شباب قالت إنهم المسؤولون عن التسريبات، لكنها لم تذكر شيئا عن صفحة شاومينغ.
وأعلنت القبض على فتاة من بورسعيد، أحيلت إلى النيابة العامة بتهمة إدارة صفحة إلكترونية لتسريب أسئلة امتحانات الثانوية العامة وإجاباتها. غير أن اللافت هو أن الصفحة لا تزال تعمل وتحدث محتوياتها بشكل مستمر.