شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

يونيو بين نكبة عبدالناصر ونكسة السيسي

يونيو بين نكبة عبدالناصر ونكسة السيسي
كأنه على موعد مع مصر لتعيش فيه مرارات نكبة و تتجرع حسرات نكسة ليبقى السؤال الحاضر دوما هل باتت مصر على موعد متجدد في يونيو مع النكبات والنكسات تسترجع مرارات الهزيمة وويلاتها وتتجرع مرارات نكبة أخري في الثلاثين من يونيو

كأنه على موعد مع مصر لتعيش فيه مرارات نكبة وتتجرع حسرات نكسة ليبقى السؤال الحاضر دوما هل باتت مصر على موعد متجدد في يونيو مع النكبات والنكسات تسترجع مرارات الهزيمة وويلاتها وتتجرع مرارات نكبة أخري في الثلاثين من يونيو – بعد التمرد والتحول والأنقضاض على ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011  والتي مازالت مصر تعيش فصولها وتداعياتها حتى اللحظة-  كما تجرعتها من قبل في الخامس من يونيه 1967 بيد أعدائها، ولكن الأحداث هذه المرة كانت الأداة فيها نفر مغيب من أبنائها فكانت أشد وأعظم تأثيرا.

 لقد عانت مصر بشدة مرارات هزيمة الخامس من يونيو1967، وسجل التاريخ لعبد الناصر واضع لبنة ديكتاتورية الحاكم الفرد في مصر وصاحب الحرب الضروس على الفكرة الإسلامية وسجان حامليها من جماعة الإخوان المسلمين وشانق رقابهم  أنه كان على علم بالحرب وتوقيتها، وأنه بإدارته وقراراته- التي لا تصدر عن قائد عسكري إلا وكان محل ريبة وينتفي عنه حسن النية أو الخطأ- كان السبب الرئيسي في هزيمة يونيه 1967 التي لم تكبد مصر فقط احتلال سيناء بأكملها حتى قناة السويس وخسائر باهظة من آلاف القتلى والجرحى والأسرى والعتاد الحربي والمعدات والمنشآت بل كبدت الأمة احتلال الجولان والقدس والضفة الغربية ولتتجاوز كل ذلك إلى خسارة الأمة لكرامتها واستقلاليتها، مما دعا حسن التهامى أحد المقربين من عبد الناصر فيما نشرته الأهرام له فى شهر أغسطس 1979 إلى أن يؤكد شكوكه التي تحمله على الاعتقاد بأن هزيمة 1967 كانت وراءها أشياء أخرى غير الخطأ أو حسن النية من عبد الناصر.

لقد مرت مصر منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير بأحداث متكررة تغيرت فيها الشعارات والعناوين ولكن المعطيات كما هى بل صارت أكثر وضوحا ويقينا.

ثورة الخامس والعشرين كانت نتيجة طبيعية لمعادلة معطياتها نظام مستبد قامت قواعده العسكرية العلمانية منذ  1952 -ابتداءً من عبد الناصر وانتهاءً بمبارك-  وبُنيت قواعده على  حساب هوية مصر الإسلامية (وكان البطش وزوار الليل والاستبداد والفساد والمعارضة الديكورية الأعمدة التي قام عليها) فكان نتيجة ذلك الفقر والتراجع الاقتصادي وهدر الكرامة والمواطنة وفقدان العدالة واختلال المنظومة القيمية والأخلاقية وتراجع دور مصر إقليميًا وعالميًا.

لقد كانت نكبة مصر ونكستها أيضا في نخبتها هذه النخبة التي وضع بذرتها النظام منذ عهد عبد الناصر وتربت في محاضن الكراهية للمشروع الإسلامي ومن يمثلونه ورضعت أفكارًا من صدور شتى شيوعية ويسارية واشتراكية وناصرية وليبرالية ورأسمالية وخاصمت هوية أمتها وأبت إلا أن تمعن في العداء لها، وغابت عنهم الرؤية الوطنية  الحقيقية فكانوا وقودًا في معركة العداوة والكراهية تحت شعار المعارضة تارة أو الموالاة تارة أخري، وغاب عن هؤلاء فقه الواقع ومتطلبات المرحلة، وأن مصر بلد مستهدف والمطلوب إعاقتها عن تحقيق استقلالها الوطني فكانوا بقصد أو بغيرقصد  فاعلين في مخطط صهيوغربي يريد لمصر البقاء في حالة الدولة الرخوة  اقتصاديًا والضعيفة أو الهشة سياسيًا وهذه هي الحالة التي هي عليها الآن، فالمطلوب هو ألا تنهار مصر وألا تتقدم لتحقق نهضتها، ولكن تظل في حالة اضطراب وفقدان للإرادة والسيادة الحقيقة مما يجعلها نهبا لفشل دائم حتى تظل لقمة سائغة ومنبطحة دومًا لأعدائها الاستراتيجيين.

لم يدرك الجميع خطورة المرحلة ولم ينتبه حملة جينات هذه النخبة المنكوبة من الآباء إلى الأحفاد وغيرهم أنهم أول المحترقين بنيران انتكاسة السيسي التي  أججوها بكراهية فصيل وطني آخر فكانوا أداة  لطعن الهوية والاستقلالية وعصًا للمستبد الدولي ووكيله المحلي  لوأد فكرة وهوية وثورة شعبية  ليس في مصر وحدها بل في دول الربيع العربي.

لم تفطن هذه النخبة – التي تلاعب بها السيسي وداعموه الأقليميين والدوليين  لازاحة أول رئيس منتخب- إلى أنهم لن يزيحوا رئيسا منتخبا فحسب  لكنهم يزيحوا مصر بأكملها عن استعادة كرسيها الذي ظل شاغرًا لعقود ولا يمكن لغيرها أن يشغله مهما طال الزمن.

كذلك ما فطنوا إلى أنهم لن يذبحوا الإخوان ولكنهم يذبحون مصر بسكين الإخوان كما ذبحها عبد الناصر من قبل على مذبح السلطة والهوى والزعامة وإزاحة المنافسين والكراهية للمشروع الإسلامي والزج بمعارضيه في المعتقلات التي ملأها بالآلاف من أبناء المشروع الإسلامي وجعل التخلص منهم مشروعه الأكبر.

لقد كان الثمن باهظا بنكبة عبدالناصر في يونيو 1967  والتي مازلنا والأمة نسدد فاتورتها حتى الآن ونعاني أثارها وتبعاتها، لكن  الثمن أشد  فداحة بمراحل بعد نكسة السيسي في الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو 2013 حتى بات كثيرون يترحمون على أيام عبدالناصر ويمتدحون عهد السادات  ويتمنون بأنفاس حارة  لو دامت أيام مبارك! ويعضون أصابع الندم على تجربة لم تكتمل لأول رئيس منتخب في تاريخ مصر أراد أن يحقق لمصر حريتها واستقلاليتها وها هي تبعات هذه الأنتكاسة لم تقف عند حدود مصر بل تجاوزتها إلى سائر دول الربيع العربي والمنطقة.

مصر مع نكسة يونيو على يد السيسي والنخبة المنكوبة تحقق لأعدائها مالم يكن يحلم به أشدهم كراهية لها  فهم وإن  فقدوا كنزا استراتيجيا كما قالوا بعد تنحي مبارك فقد فُتحت لهم  من حيث لا يحتسبون مغارة من الكنوز الاستراتيجية لا مثيل لها بعد نكسة السيسي، وسد النهضة وتيران وصنافير وغيرهما خير شاهد ودليل.

لقد اختزل السيسي وصف مصر بعد انتكاسة يونيو ويوليو  في كلمات مست صلب  الواقع الذي قاد مصرإليه عندما وصف مصر بأنها شبه دولة لينضم إليها كلمات أم مفجوعة في فلذة كبدها وهي والدة  الطالب الإيطالي ريجيني عندما قالت ( لقد قتلوه وعذبوه كما لو كان مصريا) ليجد المصريون أنفسهم بين نكبة دولة في عهد عبدالناصر ونكسة شبه دولة في عهد السيسي ، الذي عبر بكلماته العفوية  أو المقصودة عما يسوق مصر إليه ولا ينبؤك مثل خبير، فالواقع أصدق أنباءً من الكتب عن حجم الانتكاسة التي تعيشها مصر في شتى المجالات  كأنما قدر مصر أن تعيش عقودا بين فكى رحى نكبة وانتكاسة غير أن هذا الواقع ليس قدرا مقدورا لا فكاك منه  فالسنن الكونية، وتجارب التاريخ تقودنا إلى نتيجة حتمية وهى أنه لا دوام لنكبة فقد ذهب عبدالناصر ولا ديمومة لنكسة فسيلحق به السيسي كما لحق من سبقوه وأن الأمم مهما طالت انتكاساتها فإنها تنتظر لحظة فواق وانتباهة بعد البلاء والتمحيص وأظن أننا نسير في هذا الطريق



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023