يقبع أكثر من 40 ألف معتقل سياسي داخل سجون عبدالفتاح السيسي، وهؤلاء جميعهم يعاني أسرهم من تعنت قوات أمن النظام من تضييقات أمنية تصل إلى حد إلغاء الزيارات، إلى جانب انتظارهم بالساعات قبل السماح لهم بزيارة قصيرة لا تتعدى عشر دقائق، “رصد” تكشف عن واقع أسر المعتقلين المؤلم، ومعاناتهم المستمرة، من خلال التقرير التالي.
العلاج ممنوع
تسرد “أم عبدالله” معاناتها مع سجون السيسي، والتي تقوم بدور الأم والزوجة، فتقول أنه مر عليها أكثر من 3 سنوات بدون زوجها مختار محمد حسن، الذي تعرض لاعتداء من البلطجية هو وابنها عبد الله في 16 أغسطس 2013م، بعد صلاة الجمعة في المنصورة، قبل أن يتم اعتقالهما من داخل مستشفى المنصورة العام بعد إصابتهما بجروح خطيرة.
وتم الحكم على زوجها بالسجن 25 عامًا، وعلى ابنها 3 سنوات بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية، وارتكاب أعمال شغب، لافتة إلى أنهما لا ينتميان لأي فصيل سياسي.
وتقول أم عبدالله، في تصريح لـ”رصد”: “أصعب شيء أني أرى الجيران والمعارف متجمعين في يوم العيد، وأنا انتظر بلهفة لقضاء مشوار بالساعات لرؤية زوجي الذي لم أره في العيد الماضي”، وأوضحت أن زوجها مصاب بفيروس “سي”، وكانت تقوم بتهريب الأدوية له عن طريق الطعام أثناء مواعيد الزيارة، لكنه الآن يحتاج إلى عقار “سوفالدي”، وحينما قدمت طلب إلى النائب العام كان الرد عليها “ده عنده فيروس سي هيخف هيخف”.
5 دقائق زيارة
وأشارت ياسمين أنه تم نقله إلى سجن وادي النطرون، بسبب استمراره فى الاضراب، لافتة إلى أن رئيس المباحث، حاول إنهاء الإضراب ولكنه لم يجد جدوى من ذلك، فأعاده مرة أخرى إلى مكانه الأصلي وادى النطرون حتى موعد الجلسة.
وكان سامحي مصطفى، قد دخل في إضراب مفتوح عن الطعام؛ احتجاجًا على سوء المعاملة ومنع أهله من زيارته، بالإضافة إلى منع دخول الأدوية.
ويحكي محمد الموجي إبن عم شريف الموجي، أحد المحكوم عليهم بتهمة الإرهاب في الدقهلية، أن زوجته لا تسطتيع منذ 3 أشهر لقاء زوجها، فكانت أخر مرة رأته فيها من خلف قفص الاتهام.
وقال الموجي في حديثه لـ”رصد”، شريف لديه إبن في حالة مرضية صعبة، ويعاني من إلتهاب رئوي حاد، لدرجة أن أمه راحت به إلى المستشفى المركزي في المحافظة 4 مرات خلال شهر، في وقت يغيب عنهم الأب، وقبل أخر زيارة كنا نجهز لها قبلها بأسابيع لنصل إلى سجن الزقازيق في الثانية بعد منتصف الليل من أجل حجز دور في الدخول، ويكون الانتظار عادة على الأرض.
لكن هذه الزيارة التي تكبد ذوي المعتقلين هذا الكم من العناء، تصير في النهاية رهينة رغبة الباشا الضابط، فربما يدخلون ويجلسون مدةً لا تزيد على بضع دقائق، ومرات يعطوهم التصريح ليتنظروا حتى المساء، ثُم يخبروهم أنه لن يمكنهم الزيارة هذا اليوم، ومراتٍ أخرى، يخبرهم الضابط من البداية بعدم فتح الزيارة.
وأشار إلى أن الزوج المعتقل كان هو عائل الأسرة الوحيد، وكان محله الصغير لبيع الأحذية وتصليحها هو مصدر دخلهم الوحيد، وبالتأكيد تم إغلاق المحل، لتجد الأم وأبناؤها الأربعة أمام حالةٍ من عدم القدرة على الاكتفاء بحاجاتها اليومية.
مبيت على الرصيف
وسبق وتداول رواد موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” صورة لزوجة الدكتور عبدالله شحاتة الخبير الاقتصادي، ومستشار وزير المالية بحكومة هشام قنديل، وهي تبيت ليلها حتى الفجر أمام سجن العقرب تنتظر موعد زيارة زوجها التي لا تزيد على 5 دقائق.
وكان الصحفي محمد شحاتة، شقيق المعتقل الدكتور عبدالله شحاتة قد نشر صورة زوجة شقيقه عبر حسابه الشخصي بفيس بوك، وعلق عليها قائلا: “هذه زوجة أخي عبدالله شحاتة وهي نائمة أمام سجن العقرب.. في انتظار الزيارة التي كانت 5 دقائق يوم السبت من وراء حامل زجاجي.. اللهم انتقم ممن اعتقل إخوتي.. حسبن الله ونعم الوكيل”.
واعتقلت قوات الأمن الدكتور عبدالله شحاتة خطاب، وزوجته ونجله وشقيقه من منزلهم بالهرم في محافظة الجيزة قبل عام ونصف العام، في إطار حملة أمنية موسعة صبيحة انتفاضة 28 نوفمبر 2014م، وتم الإفراج عن زوجته ونجله لاحقًا، بينما استمر اعتقاله هو وشقيقه.
وطالب الحقوقي ناصر أمين عضو المجلس القومي للحقوق الإنسان، السلطات بفك القيود على الزيارات قائلا:” الأبناء ليس لهم ذنب، فهم لم يرتكبوا أي جريمة ليتم منعهم من زيارة والدهم أو أمهم، فالقانون يسمخ بزيارة شهرية للسجين لمدة ساعة، وما يحدث خرق للقانون وعقاب جماعي للأسرة قبل أن يكون للمعتقل”.
وقال أمين في تصريح لـ”رصد”: ” ليس هناك أي داعي لفرض تضييقات على الزيارة فعمليات التأمين والتفتيش تمنع حدوث أي عملية إختراق، مؤكدًا على أحقية المسجون في لقاء أهله، وهذا أبسط الحقوق التي يكفلها له القانون، وتُمنع في حالات الخطر الشديد، وأكرر حديثي، أسر المعتقلين لا ذنب لهم من الحرمان من زيارة السجين”.