أوصى مراقب الدولة الإسرائيلي القاضي المتقاعد، يوسيفشبيرا، رئيس أركان الجيش الاسرائيلي، “غادي ايزنكوت”، بإلغاء أمر “هانيبال” في الجيش، الذي يسمح بالمخاطرة بحياة جندي من أجل منع اختطافه، وجاءت هذه التوصية في إطار الفصل المتعلق بالقانون الدولي في مسودة التقرير حول حرب “الجرف الصامد”، بين “إسرائيل” وحماس في صيف 2014.
وتم هذا الأسبوع، وفق صحيفة “هآرتس” إرسال مسودة التقرير إلى المسؤولين في القيادتين السياسية والأمنية والقضائية.
وقال مصدر في الجيش الاسرائيلي إن رئيس الأركان قرر قبل عدة أسابيع الغاء أمر “هانيبال” وكتابة أمر جديد، يجري العمل عليه حاليا في قسم العمليات.
وقام مراقب الدولة والقسم الأمني في مكتبه، برئاسة العميد (احتياط) يوسي باينهورن، بفحص سلسلة طويلة من المسائل المتعلقة بسلوك الدولة والسلطات خلال الحرب في غزة، وتم في الأشهر الأخيرة توزيع مسودة فصول التقرير المتعلقة بتهديد أنفاق حماس الهجومية وسلوك المجلس الوزاري المصغر، وقد أثار الفصل المتعلق بالمجلس الوزاري توترا سياسيا بعد كشفه في وسائل الاعلام في أيار الماضي، على خلفية الانتقاد الذي تم توجيهه إلى رئيس الحكومة ووزير الأمن السابق ورئيس الأركان السابق، خاصة فيما يتعلق بإقصاء أعضاء المجلس الوزاري المصغر عن المعلومات المتعلقة بالأنفاق قبل الحرب ومخططات العمل خلالها.
وقالت مصادر أطلعت على مسودة التقرير المتعلق بالقانون الدولي، إن أبرز ما جاء فيه يتعلق بالأمر العسكري “هانيبال”، وتم صياغة هذا الأمر في ثمانينيات القرن الماضي، ورغم أن تفاصيله كانت سرية طوال سنوات،إلاأنه أثار خلافات شديدة ومر بتقلبات حتى تم تعديله بعد اختطاف جلعاد شليط إلى غزة في حزيران 2006.
ويطالب الأمر الحالي الضباط والجنود بتفعيل القوة من أجل احباط اختطاف جندي، حتى إن كان الأمر سيشكل خطرا محتملا على حياة الجندي (أي اصابته خلال محاولة وقف الخاطفين)، ورغم أن الأمر لا يسمح بقتل الجندي المختطف من أجل منع الاختطاف، إلا أن الكثير من الضباط والجنود يفسرونه هكذا .
وقد عبر الكثير من الضباط خلال منتديات عسكرية في السنوات الأخيرة عن موقفهم هذا وقالوا إنهم يفضلون قتل جندي تم اختطافه لمنع العدو من تحقيق انجاز يرتبط بإجراء مفاوضات طويلة ومبتزة مع “اسرائيل” تنتهي بإطلاق سراح عدد كبير من المخربين، كما حدث في قضية شليط.
وقد أثير الخلاف حول أمر “هانيبال” بعد حرب غزة الأخيرة، في أعقاب اختطاف الجندي “هدار غولدين” من سرية جبعاتي، خلال معركة وقعت في رفح في آب 2014، والتي عرفت باسم “يوم الجمعة الأسود”، فبعد اختطاف غولدين من قبل حماس، جرت عملية مطاردة واسعة للخاطفين، وتم تفعيل النيران المكثفة في منطقة رفح بأمر من قيادة اللواء وقيادة كتيبة غزة، وقيادة لواء الجنوب، ونتيجة للقصف المدفعي والقصف الجوي، قتل عشرات الفلسطينيين، بينهم الكثير من المدنيين.
واتضح لاحقا أن غولدين قتل خلال اختطافه، وتواصل حماس احتجاز جثته حتى اليوم.
وأثارت العملية شجبا كبيرا لإسرائيل على الساحة الدولية، بسبب العدد الكبير من القتلى والجرحى الفلسطينيين في منطقة مدنية مكتظة، ورغم انشغال النيابة العسكرية المكثف في هذا الموضوع واجراء تحقيقات عسكرية واسعة إلا أنه لم يتم حتى اليوم اتخاذ قرار بفتح تحقيق جنائي. وكما يبدو فإن المدعي العسكري الرئيسي الحالي، العميد شارون افيك سيمتنع عن اتخاذ قرار كهذا كما فعل سابقه داني عفروني.
ويكتب المراقب في تقريره أن الفحص يبين وجود فجوات كثيرة في فهم أمر “هانيبال” على مستوى القيادات والوحدات العسكرية، وعلى هذه الخلفية وبسبب الأثر الذي يمكن أن يتركه استخدام هذا الأمر ثانية، في مجال القانون الدولي، يوصي المراقب بإلغاء الأمر.
وقال: يبدو بأن “هانيبال” يلائم ظروف الاختطاف خلال عملية أمنية جارية، وليس خلال حرب. ويعتقدان أنه في حال الاختطاف خلال الحرب هناك مكان لأخذ مبادئ القانون الدولي في الاعتبار، كمبدأ التمييز (بين المدنيين والمسلحين) ومبدأ التناسق (أن تكون العملية متناسقة قياسا بالهدف المرجو) خلال تفعيل النيران.
وأضاف مراقب الدولة : الصيغة الجديدة لأمر “هانيبال” يجب أن توفر ردا للأدلة التي تم التوصل إليها خلال اعداد التقرير، وأن على رئيس الأركان فحص رفع رتبة الجهات المخولة بتفعيل النيران الواسعة من أجل احباط عملية اختطاف. ويجب أن تأخذ الأوامر في الاعتبار خطورة الحادث والمنطقة التي يحدث فيها وخطر التصعيد الذي سيليه. كما يطلب من رئيس الأركان التأكد من أن الجوانب الأخلاقية المتعلقة بالأمر ستكون واضحة للوحدات المختلفة وأن الرسائل موحدة.
وقال الناطق العسكري إن مسودة تقرير المراقب وصلت أمس إلى الجيش وأنه سيتم دراستها خلال الأيام القريبة، وسيتطرق الجيش الى مسودة المراقب مباشرة وليس عبر وسائل الاعلام.