شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

سبعة أسئلة لفودة

سبعة أسئلة لفودة
كان رئيسا لكل المصريين إلا أن جانبا من المصريين لم يتقبله منذ يومه الأول فى الحكم وبدلا من أن يعارضه بنضج سياسى ، وفق آليات سياسية معلومة فى العالم كله ، لجأ لأسلوب جوبلز

في أعيننا وفي أعين الكثيرين لم يفقد الرئيس الشرعي محمد مرسي شرعيته لسببين: أولهما أنه أتى للحكم وفق انتخابات ديمقراطية نزيهة بشهادة الجميع، لم يستحوذ على السلطة لنفسه بدليل الإسراع في اتمام انتخابات مجلس الشورى والتعجيل بوضع لجنة لإعداد الدستور وفق القانون، ثم الرضوخ لقرارات القضاء بحل مجلس الشعب واللجنة الدستورية الأولى والاستجابة لمعارضيه حين تراجع عن إعلانه الدستوري (الفرعوني)، وثانيهما: أنه كان رئيسًا لكل المصريين إلا أن جانبًا من المصريين لم يتقبله منذ يومه الأول في الحكم وبدلًا من أن يعارضه بنضج سياسي، وفق آليات سياسية معلومة في العالم كله، لجأ لأسلوب جوبلز وهو (اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس).

في الفترة الأخيرة، وبالذات في ذكرى ثورة 30 يونيو المضادة، تدفق سيل من الاعتذارات على شبكات التواصل الاجتماعي من أشخاص شاركوا فيها، أغلبهم يبرر موقفه بأنه قد خدع في شعاراتها، وأنه لو عادت به الأيام لن ينضم إلى صفوفها، وأعتبر هذا استفاقة محمودة من جانبهم، ولكن؛ أحدًا منهم لم يتحدث عن خطأ في حق شريحة كبيرة من الشعب أدلت برأيها واختارت رئيسًا فانقلبوا على اختيارهم الديمقراطي، اعترف كثيرون أنه انقلاب ولم يتحدثوا عن وضع رئيس مخطوف وجماعة تم التنكيل بها، يتحدثون على طريقة لا تقربوا الصلاة، وهذا يفسر لماذا لم يعتذر أحد منهم حين كانت الدماء شلالات تجري، يعتذرون اليوم بعد أن انهارت كل أحلامهم في مخلصهم المنتظر.

يأتى مقال الأستاذ يسري فودة ليرسم أسلوبًا مبررًا ذكيا لطريقة تفكير العائدين بنصف اعتذار، فيعتبر 30 يونيو انقلابًا، وفى نفس الوقت يضع رئيسًا مختطفا خطؤه وارد على قدم سواء مع سفاح ذو دم بارد، فيمحي بجرة قلم كل طيب فعله الأول ليشكل نوع من راحة الضمير لدى الفريق العائد حين يصفه بالتواطؤ والخيانة والقتل والتأثير في ذمة القضاء، وأعجب حقيقة من فكرة إبداء الاحترام لرئيس مخطوف لا يتمكن من الرد بعد هذا السيل العارم من الاتهامات !

يعرف المصريون هذا النوع من الإعلام منذ كان لفرعون سحرة يسحرون أعين الناس فيقنعونهم أن الحبال والعصى ثعابين وحيات ، ومنذ ذلك الوقت والمصريين بين كماشة السلطة الظالمة والسحرة الدواهي التي كانت أبرز تجلياتها أن استدعى أشهر المنادين بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان غريمهم العسكرى _أو كما يقولون_ الذي من الصعوبة بمكان عزله ، للنيل من عدوهم التقليدى الذى يحمل فكرًا دينيًا والذي هم يعلمون أنه قابل للتحييد والتجنيب، وإن كان هؤلاء _كما يزعمون _ يحتكرون الحديث باسم الدين فإن الطرف الآخر يحتكرون الحديث باسم الثورة والوطن والحرية .

لم يتمكن الأستاذ يسري من الصدح بوجهة نظره الثورية إلا بعد أن استطاع الفرار من كماشة حكم أطاح بحقوق الصحافة والإعلام وله العذر، في حين استطاع أن يتحدث هو ومن يماثله في القدر والتاريخ بكل حرية أثناء حكم الديكتاتور مرسي وأن يعارضه بكل ما أوتي من قوة وتزعم مع غيره إعلاميا ثورة 30 يونيو (المجيدة) دون موضوعية وليس له العذر .

وكما أنه وجه سبعة أسئلة للرئيس الحالي _من وجهة نظره_ أتمنى أن يجد هو الآخر الوقت للإجابة على هذه الأسئلة:

1- ماهي أدلتك على استحواذ الرئيس مرسي على السلطة، وهل إصدار الرئيس إعلانًا دستوريًا أمر خارج صلاحياته أم هو أمر يكفله له القانون والدستور؟ ولماذا لم تذكر الشق الخاص باستجابته لمطالب معارضيه بإلغائه؟ ولماذا لم تعترض على إعلان المؤقت عدلي منصور الذى تكون من 33 مادة، ولماذا لم تتزعم ورفاقك ثورة ضد المنقلب الذى أصدر مئات الإعلانات الدستورية والقرارات الجمهورية؟

2- ماهو دليلك على تواطؤ الرئيس مرسي _في اقل تقدير كما وصفت _ ضد جانب من شعبه، ولماذا لم تذكر أن ثمانية من جماعته قتلوا في ظل هذا التواطؤ الذي تتحدث عنه؟ وبم تفسر أمره في كل مرة فتح تحقيقات لكشف ملابسات كل حادث ومن ضمنها التقرير الذي تم تسريبه بعد الانقلاب والذى كان سببًا في الانقلاب عليه؟ ولماذا لم تذكر هنا الحوادث المخزية التي ارتكبت بحق جماعته من حرق وضرب وسحل تحت مظلة ثورية وفرتها جبهة الإنقاذ التي كانت تدافع عن آرائك وقتها؟ وكيف أثر مرسي على ذمة العدالة ورءوسها كانت من الداعين لثورة يونيو؟

3- كيف تريدنا أن نصدق وأنت إعلامى كبير ذو ثقافة واسعة وتاريخ ممتد أنك قد صدقت المنقلب بأنه لن يرشح نفسه؟ كيف يمكن أن يقبل العقل أن نتصور أنك تصدق أن العسكري يمكن أن يترك لك الحكم هكذا ببساطة؟! أعلم أن قراءاتك واسعة وبالتأكيد قرأت عن تاريخ العسكر في الأمم وخاصة في مصر ما تعلم به جيدا أنه عندما يمسك زمام الحكم لا يتركه ولا يشارك فيه أحد، ولكن يبدو أن الطرف الليبرالي وضع بين اختيارين لا ثالث لهما، إما حكم ذو مرجعية إسلامية قد ينجح فيتعلق الناس به ويكون من الصعب إزالته وإما حكم عسكري صوروا لأنفسهم أنه يمكن التأثير عليه ونزع سلطته لتؤول إليهم .

4- لماذا وصفت من اعتصموا برابعة والنهضة بالمحتلين في حين أنك وصفت من أغلقوا ميدان التحرير عامًا كاملًا خلال حكم مرسي ومن خرجوا في حملات تخريبية في آخر هذا العام ومن قطعوا الطرق في أحداث مدن القناة بالثوار؟ هل الثورة حكر على فصيل واحد؟ هل المعارضة من حق جانب من الشعب دون الآخر؟ هل الفكرة في محاسبة من ذبحهم المنقلب فقط أم الفكرة في أنك قد قضيت بأن لا حق لهم في الخروج من الأساس؟ سلمت بأن ما صدر عن الكثيرين منهم في ميدانين إرهابا وعنفا وتحريضا لا يقبله القانون، أوافقك الرأى في ظل عمليات القص واللصق التي تمت لخطابات من وقفوا على المنصة في ذاك الوقت، وفي مبالغة القليل منهم في ظل شعور بالقهر وضياع الحقوق ومرارة الخروج في مسيرات والعودة بجثث وتشويه متعمد لفريقهم أتفنته وإعلاميون آخرون لم يعرضوا ما حدث برابعة والنهضة بمهنية وموضوعية.

5 – من أين أتتك فكرة أن هناك جيشا يهب للثورة من أجل شعب وكي تتوقع أن يتعامل مع صورة ثورة شعب قام بها ضده متمثلة في الخروج على رئيس خرج من بين صفوفه؟ وكيف كنت تتوقع أن يتعامل مع تسريبات بهذه الدرجة من الإبهار والوضوح؟ تسائله عن تعاونه مع أنظمة عربية ساعدت من وجهة نظرك في خنق الثورة المصرية وأنت في حقيقة الأمر تقصد نظامًا معينًا، وأسألك هنا، ألا يبدو اتهامك الضمني لمرسي بالتواطؤ مع هذا النظام غير ذي معنى في ظل الترحيب الحالي بالتعامل معه؟ كيف تسأله عن تعاونه مع أنظمة حكم عربية ساعدت في قتل الثورة بمساعدة أعدائها في مصر، ألم يتبين لك بعد أن النظام الحالي هو ابن شرعي للنظام الذي ثرت عليه؟ ألم تدرك حقا أننا ندور في فلك هذا النظام منذ تولي محمد نجيب ولم نخرج منه حتى فى أوج ثورة يناير؟

6- ما هو مفهوم الديمقراطية من وجهة نظرك، في ظل ما شاركتم فيه من جريمة في حق العمل السياسي المتعارف عليه دوليا؟ ما رأيك في أداء الشعب الإنجليزي حين أخرجهم استفتاء قام به رئيس وزرائهم من الاتحاد الأوروبي؟ واتحدث هنا عن آداء المعارضة، ورموز السياسة وزعماء الأحزاب، كل سار وفق الدستور والقانون حتى في أصعب مطالبهم وهي الانفصال عن المملكة المتحدة، فلم تدعم ديمقراطية الغرب وتقضي على ديمقراطية وليدة في بلادك إثر ثورة على نظام أتى على الأخضر واليابس؟

7- أكثر ما اندهشت له تساؤلك، لماذا تخشى من الكلمة الحرة؟ تلك الكلمة التي لم يحرم منها إعلامي واحد في عهد مرسي، اعترفت أنت بنفسك بذلك حين قلت أن عام 2013 كان أكثر الأعوام فخرًا في مسيرتك الصحفية، وأسألك، من أخرجك من مصر، من كتم صوتك، من جردك من حريتك، مرسي أم سيادة المنقلب؟



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023