كشفت اللجان التي تم تشكيلها مؤخرًا لجرد “شون” القمح عن عمليات فساد كبيرة تتم برعاية مسؤولين كبار، إذ أن مايتم تدوينه ورقيًا يخالف الحقيقة بما يقدر بـ 7 مليارات جنيه، كما تم اكتشاف وجود صوامع وهمية على الورق كلفت خزانة الدولة 100 مليون جنيه.
تجريف المخزون الإستراتيجي
قال د. نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة: إنه قبل بدء توريد القمح في الموسم الماضي تعمد وزير التموين تجريف المخزون الاستراتيجي المصري من القمح والذي تركه له وزير التموين السابق بما يكفي احتياجاتنا لأربعة أشهر تحسبا لحدوث أي أزمة عالمية في إنتاج القمح أو حروب أو مضاربات، وهي جريمة كاملة كانت تستحق إقالته ومحاكمته حيث وصل رصيدنا من القمح إلى مايكفي 13 يوما فقط وكانت هناك 9 محافظات لا يتجاوز رصيدها 3 أيام في مغامرة شديدة كانت تهدد الأستقرار المجتمعي.
موسم التوريد
واضاف نور الدين عبر “فيس بوك” :ان الهدف من هذا الإجراء الذي تم بخبث شديد قبل بدء موسم توريد القمح المحلي هو الحصول على موافقة كبار المسئولين في الدولة بالسحب من القمح المحلي أثناء موسم التوريد أي من اليد إلى الفم From Hand to Mouth، ومن الحقل إلى الفرن وبالتالي يتم إجهاض عملية جرد القمح في نهاية موسم التوريد لأن ما سحب من القمح هو في الحقيقة أقماحا مستوردة ذهبت إلى المطاحن وتحولت إلى دقيق ثم رغيف وأنتهي أمرها، وبذلك زاد حجم المورد من القمح ورقيا ووهميا إلى 5.5 مليون طن بدلا من 3.7 مليون طن خلال السنوات الخمس التي سبقت تولي خالد حنفي الوزارة!.
وتابع: الأجهزة الرقابية والسيادية أصدرت تعليماتها هذا العام بعدم السحب من القمح المحلي أثناء موسم التوريد وقبل أن تقوم بعمليات الجرد المعتادة ولذلك ظهرت الفضائح تباعا لأنهم ظنوا أن أختلاس 2 مليار جنيه العام الماضي قد مرت بسلام في دولة نائمة ولا مانع من تكرارها هذا العام إلا أن الغبي من يكرر نفس المجازفة دون أن يظن أنه لن ينكشف.
وتساءل نور الدين هل هناك إثبات أكثر من هذا بتورط الوزير شخصيا في فساد توريد القمح ثم تورطة بخبث في إهدار مخزون مصر الإستراتيجي من القمح وتعريض مصر لكارثة وثورات جياع؟.
السيسي يحمي الفاسدين
وفي رسالة الي عبد الفتاح السيسي قال نور الدين :”في الوقت الذي أنتظرنا فيه صدور قراركم بإيقاف وزير التموين عن العمل حتى إنتهاء التحقيقات حتى لا يتدخل ويفسد مهام اللجان أو يعمل على أستكمال الناقص من إختلاسات القمح… وفي الوقت الذي انتظرنا فيه من فخامتكم تحويل الملف إلى النائب العام، والبحث في سبب نص قرار وزير التموين على عدم رفض أستلام القمح المصاب بالسوس والحشرات ولا يوجد قمحا قادم من الحقل مصاب بالسوس والحشرات وإنما هو تفصيل لإستلام القمح المستورد، ولا أن تسأل الوزير عن سبب تجريفه للمخزون الإستراتيجي المحلي بدون أذنكم قبل موسم التوريد العام الماضي حتى يتم سحب القمح أثناء موسم التوريد وإجهاض عملية الجرد تماما وهو مايثبت تورط الوزير شخصيا وإعداده لمنظومة الفساد بنفسه..نفاجأ بإستقبالكم للوزير والإعلان عن بحثكم معه لتوفير إحتياجات الشعب المصري من السلع!.
فساد تحت رعاية الدولة
ومن جانبه قال رئيس شعبة المطاحن بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، عمرو الحيني، إن فساد القمح تمّ تحت رعاية الدولة وبمشاركة وزارتي الزراعة والتموين، وبعض الأجهزة التي ساهمت في سرقة مقدرات الدولة وقوت الشعب ـ علي حد قوله ـ، مطالبًا بضرورة محاسبة وزيري الزراعة والتموين.
وأكد الحيني، بإن الجرد الذي تم من قبل جهات التحقيق أثبت أن أن هناك توريدا وهميا علي الورق يقدر بـ 50% ، في حين أن الميزانية المخصصة لشراء القمح من الفلاحين تقدر بـ14 مليار جنيه، ما معناه أن هناك 7 مليارات مثبت علي الورق أنها دفعت للقمح بغير الحقيقة، وهناك محاولة لمعالجة “الفضيحة” من خلال الاستيراد من الخارج بحسب ما ذكرت بوابة الأهرام .
وزارة الزراعة والتموين
وتابع “الحيني” “أن مسئولية كارثة القمح تقع مشاركة بين وزارتي الزراعة والتموين حيث ساهمت الزراعة في بتحديد مساحات وهمية مزروعة بالقمح أكبر من المساحة الحقيقية المزروعة، إضافة علي ما يستتبع ذلك من زيادة في كمية الأسمدة المنصرفة لهذه المساحة وما يخلقه من فساد أيضًا في منظومة السماد، وعلي أساس ذلك تم تحديد مبلغ الـ 14 مليار جنيه للشراء من الفلاحين، أما مسئولية التموين فكانت من خلال دفع المبالغ دون تسلم حقيقي للقمح المورد بل تسلم علي الورق ووهمي”.
وأوضح أن الشركة العالمية السويسرية التي تمت الاستعانة بها في عملية الجرد اكتشفت ” مصيبة” أن هناك بعض الشون غير مرخصة وليست لها وجود حقيقي، تم صرف 100 مليون جنيه لها من وزارة التموين، باعتبارها صوامع رسمية ومرخصة”، علي حد قوله.